سياسة عربية

بن زايد في طهران: ماذا تبقى من التحالف الخليجي؟

حسن روحاني وعبدالله بن زايد - إيران الإمارات - أ ف ب
أثناء استقباله لعبد الله بن زايد، وزير خارجية الإمارات، قال الرئيس الإيراني حسن روحاني، إن "التطورات الأخيرة تمثل مناسبة لزيادة الروابط الاقتصادية والسياسية بين إيران والإمارات"، ويقصد الاتفاق الذي وقّع في جنيف بين إيران والدول الغربية بشأن البرنامج النووي.
 
وفي الظاهر تشهد العلاقات بين الدولتين قدرا من التوتر، بسبب مطالبة الإمارات بالسيادة على جزر أبو موسى وطنب الصغرى وطنب الكبرى التي تحتلها إيران منذ العام 1971 إثر انسحاب القوات البريطانية من المنطقة، في حين تصرّ إيران على أن الجزر الثلاث هي جزء من أراضيها.

بدوره أشار وزير الخارجية الإماراتي إلي الآفاق المستقبلية والجديدة للعلاقات بين البلدين، قائلاً "إن لنا علاقات جوار مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ولن نكتفي بهذا المستوي من العلاقات بل نتطلع الي تعزيزها". وأضاف بن زايد "لقد كنا علي الدوام شريكاً لإيران ونعتزم اليوم أيضاً أن نكون شريكاً أقوي من ذي قبل"، معرباً عن تقديره للمساعي التي بُذِلت لإنجاح المفاوضات النووية الأخيرة في جنيف، وقال: "هذه القضية تركت أثراً إيجابياً علي كافة دول المنطقة، ونأمل أن تنعكس تأثيراتها الإيجابية علي إيران والمنطقة".

في ذات السياق أثارت الزيارة التي قام بها وزير الخارجية الإماراتي على مرمى أيام من توقيع اتفاق النووي الكثير من الأسئلة، في ظل إجماع المراقبين على ما أثاره الاتفاق من مخاوف كبيرة في أوساط الدول الخليجية، بخاصة السعودية والإمارات.

لكن المراقبين يذكّرون بحقيقة أن العلاقة الإماراتية الإيرانية لم تكن سيئة في يوم من الأيام رغم قضية الجزر، إذا أن العلاقة التجارية بين البلدين كانت في أعلى معدلاتها، وكانت دبي بحسب الكثيرين هي المدخل الأهم لإيران للتملص من العقوبات الدولية، لاسيما أن حشداً هائلا من التجار الإيرانيين يتحركون في الإمارة.

على أن ما أثار اهتمام المراقبين هو ذلك البعد المتعلق بملامح التباين في الرؤية الإماراتية والسعودية فيما خصّ التعامل مع إيران خلال المرحلة المقبلة، ويشيرون في هذا الصدد إلى تسريبات تتحدث عن مراسلات قام بها زعماء الإمارات مع بشار الأسد بعد التقدم الذي أحرزه في عدد من مناطق ريف دمشق وحلب، وهو ما جعل الهجوم القادم من إيران وحلفائها ينحصر في السعودية دون أن يذكر الإمارات بأية كلمة، بخاصة بعد التفجير الذي استهدف سفارة إيران في بيروت.

يستنتج المراقبون من هذه التطورات أن السعودية قد احتكرت الملف السوري من الناحية العملية، فيما تصدرت الإمارات الملف المصري الذي يحظى بتناغم استثنائي بين الدولتين، فضلا عن التعامل مع دول الربيع العربي الأخرى مثل اليمن وتونس وليبيا، وفي الأخيرة تحضر الإمارات بقوة أكثر من السعودية.

وفي حين كانت عُمان هي الراعية لإطلاق المفاوضات بين إيران وأمريكا، بينما تفتح قطر بعض القنوات مع إيران، وكذلك حال الكويت، فإن ذلك يعني أن المنظومة الخليجية لا تُجمع على طريقة في التعاطي مع التحدي الإيراني، فيما يبدو أن السعودية ستبقى وحيدة في الميدان، الأمر الذي يجعلها غير قادرة على التصدي للتمدد الإيراني في المنطقة بعد الاتفاق؛ لا في سوريا ولا في العراق ولا في لبنان، بل حتى في اليمن. والسبب الأكبر كما يُجمع محللون يتعلق بانشغال السعودية بملاحقة الثورات والقوى الإسلامية بدل الانشغال بمواجهة التمدد الإيراني الذي صار على الأبواب، ما يعني أنه من دون أن تعيد الرياض النظر في أولوياتها، فإن وضعها سيزداد سوءا خلال المرحلة المقبلة.