صحافة دولية

سياسة واشنطن في ليبيا تظهر تراجع تأثيرها في المنطقة

ثورة ليبيا


تعيش ليبيا منذ الإطاحة بنظام القذافي حالة من إنعدام الأمن وضعف السلطة المركزية والتي
تمثلت باختطاف رئيس الوزراء علي زيدان، وعمليات الإغتيال المتكررة لقادة في الجيش
الليبي، وسيادة الفصائل المسلحة التي ترفض الإندماج في الجيش الوطني.

ويرى ديفيد إغناطيوس، المحلل الأمريكي في  "واشنطن بوست" إن ليبيا تمثل حالة
للدراسة عن الكيفية التي تراجع فيها التأثير الأمريكي في المنطقة ويضيف أن بعض
الخطوات البسيطة لو أتخذت خلال العامين الماضيين لمنعت إنحدار البلاد نحو
 الفوضى.

 ويضيف ان الولايات المتحدة تباطأت في دعمها لليبيا بعد مقتل السفير الأمريكي كريستوفر ستيفنز في بنغازي  العام الماضي، على الرغم من أن أول شيء طلبه زيدان عندما زار واشنطن في آذار(مارس) الماضي هو المساعدة في  تدريب قوة لحماية المسؤولين المنتخبين ديمقراطيا وتؤمن الخدمات الأسياسية الليبية. وقد شرح زيدان أن مسؤولي الحكومة لا يمكنهم التحرك في كل أنحاء البلاد
للقيام بمهامهم دون تأمين الحماية لهم".

وأضاف الكاتب إن مساعدة ليبيا لا تحتاج إلى تفكير لأن الولايات المتحدة والناتو أنفقا
مليارات الدولارات للإطاحة بنظام العقيد معمر القذاقي عام 2011 ومن مصلحتهما الاستثمار
من أجل تأمين الدولة.

لقد تحولت ليبيا حسب إغناطيوس إلى بلد بلا قانون تحكمها الميليشيات بشكل لم يعد بامكان
حكومة زيدان عقد اجتماعاتها بحرية، كما الوضع في مدينة طرابلس يعتبر فوضويا لدرجة
أن الليبيين لم يتقدموا بطلب رسمي للمساعدة، فيما تقول الإدارة الأمريكية أنها لن
تبدأ ببرنامج التدريب إلا بحلول الربيع القادم.

ويقول إغناطيوس أن أوباما إعترف في لقاء مع مسؤولي إدارته هذا الشهر أن واشنطن لم تقم
 بما يكفي لدعم ليبيا وأنه يريد  "تسريع"  الدعم حسب
مسؤول في الادارة. وهذه أخبار جيدة  إلا أن السؤال يبقى هل سيسمح الكونغرس
لأوباما بتنفيذ ما يريد؟
ويلوم إغناطيوس نواب الحزب الجمهوري على التأخير بتقديم الدعم لليبيا لانهم
انشغلوا طوال العام الماضي في حملات  هستيرية عما رأوه فشلا حكوميا في منع
الهجوم على القنصلية الامريكية بنغازي. وأدى هجوم الجمهوريين على الإدارة إلى
 شعور بالتحفظ والخوف من دعم ليبيا لأن أحدا لم يكن يريد تكرار درس بنغازي
مرة أخرى، ما أدى إلى إصابة السياسة تجاه ليبيا لحالة من الجمود.

وفي الوقت الذي توقف فيه العمل الدبلوماسي الأمريكي ودعم الحكومة الليبية، فقد استمر
التعاون الامني السري والذي أثمر إختطاف أبو أنس الليبي في  الغارة يوم 5
تشرين الاول- أكتوبر الحالي بمدينة طرابلس ونقله إلى نيويورك ليواجه المحاكمة في
اتهامات تتعلق بعلاقته بتفجيري سفارتي أمريكا في نيروبي ودار السلام عام 1998.
 ومع أن العملية مهمة وتستحق الثناء كما يقول إغناطيوس إلا أن العمل الأمني ليس كل شيء. وفي المقابل أدت العملية إلى إحراج رئيس الوزراء زيدان واختطافه فيما بعد.
وفي الوقت الذي أنكر فيه زيدان أية معرفة بالإختطاف إلا أن  جون كيري، وزير الخارجية ورطه عندما أكد أن العملية "قانونية ومناسبة" ملمحا أنها تمت بغطاء من الحكومة الليبية.  ويعتقد إغناطيوس أن تدريب القوات الليبية أمر مهم لاستقرار الحكومة. وينقل عن كريم مزران، الباحث في العلوم السياسية في مجلس أتلانتيك لرفيق الحريري قوله أننا أمام  "حكومة عزلاء"  لا يمكنها الدفاع عن نفسها.  ويقول مزران أن المؤسسات في بلاده هشة بدرجة يحتاج فيها الناتو لإرسال قواته الامنية للحفاظ على الوضع حتى يتم  تنفيذ المشروع.
ويختم بالقول أن التأثير الأمريكي في المنطقة يتراجع لعدة أسباب منها التعب من
الحرب أو المصاعب التي تواجهها لوقف العنف الطائفي في سورية.