صحافة دولية

المخابرات المصرية تفرض إتاوات مقابل السماح بدخول المساعدات لغزة.. "5 آلاف دولار للشاحنة"

اتهامات للسلطات المصرية بالتكسب من مأساة سكان غزة- جيتي
كشف تقرير لموقع "ميدل إيست آي"، عن فرض السلطات المصرية لإتاوات وأموال على كل شاحنة مساعدات تدخل قطاع غزة.

وذكر التقرير الذي ترجمته "عربي21”, أن المؤسسات الخيرية الدولية تضطر لدفع 5 آلاف دولار للمخابرات المصرية للسماح بدخول شاحنة مساعدات واحدة للقطاع، وفقا لشهادات نقلها الموقع.

كما تواجه السلطات المصرية اتهامات بممارسة الابتزاز وأخذ رشاوى مقابل السماح بخروج المواطنين من غزة.

وفيما يلي نص التقرير:

اضطرت مؤسسة خيرية دولية تتمتع بخبرة واسعة في تقديم المساعدات الطارئة في الحروب والمجاعات والزلازل في جميع أنحاء الشرق الأوسط وفي أفغانستان إلى دفع 5000 دولار أمريكي لكل شاحنة، لشركة مرتبطة بجهاز المخابرات العامة المصري لتوصيل المساعدات إلى غزة.

وتحدثت المؤسسة الخيرية، التي لا تريد الكشف عن اسمها لتجنب عرقلة جهود الإغاثة في غزة، إلى موقع “ميدل إيست آي” البريطاني في حالة من الغضب بسبب اضطرارها إلى دفع ما تصفه علنًا بالرشوة إلى وكيل مرتبط بالدولة.

وقال متحدث باسم المؤسسة الخيرية: “لقد عملنا في جميع أنحاء العالم في أوقات الحروب والزلازل والكوارث الأخرى، لكننا لم نعامل بهذه الطريقة من قبل دولة تتربح من إرسال السلع الإنسانية. إن الرشوة التي تدفع مقابل تمرير كل شاحنة تستنزف الكثير من مواردنا”.

وقالت المؤسسة الخيرية إن الأموال تُدفع على شكل “رسوم إدارة” لشركة تابعة لأبناء سيناء للتشييد والبناء، وهي شركة إنشاءات ومقاولات يملكها رجل الأعمال السيناوي إبراهيم العرجاني، وجزء من مجموعة العرجاني التابعة له. 


والعرجاني يرأس قبيلة الترابين في صحراء سيناء المتاخمة لإسرائيل ويمتلك شركة هي مشروع مشترك مع شركتين مملوكتين لجهاز المخابرات العامة.

وتزعم التقارير الإعلامية أن مجموعة العرجاني هي المستفيد النهائي من البيع المربح لتصاريح “المسار السريع” للفلسطينيين الراغبين في الهروب من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.

وخلص تحقيق أجراه “مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد” والموقع الإلكتروني المصري المستقل، “صحيح مصر”، إلى أن الوسطاء كانوا يبيعون تصاريح الخروج بأسعار تتراوح بين 4500 دولار إلى 10 آلاف دولار للفلسطينيين، و650 إلى 1200 دولار للمصريين.

وفي ظل تزايد اليأس في غزة، ارتفعت تكلفة الخروج من القطاع إلى 10 آلاف دولار للشخص الواحد، حسبما ذكرت صحيفة العربي الجديد مؤخرًا. 

ويبلغ سعر حركة المرور التجارية المتجهة إلى غزة والتي تفرضها الشركات المملوكة لشركة العرجاني 9 آلاف دولار للشاحنة، على الرغم من أن تكلفة الأجرة التي يتقاضاها سائقو الشاحنات تبلغ عادة 300 دولار فقط للحمولة.

في المقابل؛ قال متحدث باسم الأونروا، وكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين التي تقدم الدعم الحيوي في غزة، لموقع ميدل إيست آي، إنها لا تدفع رسومًا لنقل المساعدات من مصر إلى القطاع.


الوضع قاتم
يُعد بيان المؤسسة الخيرية لـ”ميدل إيست آي” أول دليل ملموس على مطالبة مصر أو الأطراف المرتبطة بالحكومة المصرية بخفض المساعدات الإنسانية الموجهة إلى غزة، والتي تخضع بالفعل لتأخير لمدة أسبوع بسبب إسرائيل.

وفي وقت سابق من هذا الشهر، قال جيمس هيبي، وزير الدولة البريطاني للقوات المسلحة، إن أكثر من 150 طنًّا من المساعدات الإنسانية التي سلمتها وزارة الخارجية والكومنولث والتنمية إلى مصر  هي في انتظار نقلها إلى غزة.

إن الوضع الإنساني في غزة قاتم؛ حيث قُتل أكثر من 26 ألف فلسطيني منذ اندلاع الحرب في تشرين الأول/ أكتوبر، وقال خبير من الأمم المتحدة يوم الأحد إن المجاعة في القطاع “حتمية”.

وفي الأسبوع الماضي؛ تحدث موقع “ميدل إيست آي” إلى خمس عائلات من غزة أكدت جميعها أنها دفعت رسومًا بالآلاف، معظمها بالدولار الأمريكي مقابل خروجهم من غزة.

وفي الصدد ذاته؛ أوضحت بيسان، وهي فلسطينية رتبت لوالدتها مغادرة غزة، عن وسيطها المقيم في السويس: “أخبرنا أنه يعمل مع الأمن المصري وأنه سيتدخل لوضع اسم والدتنا على القائمة”.

ونفت مصر أنها تتربح من هذه التجارة على حدود رفح. وفي بيان نُشر في 10 كانون الثاني/ يناير، نفى رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية، ضياء رشوان، “الادعاءات التي لا أساس لها” بشأن فرض رسوم إضافية على الفلسطينيين عند المعبر.

واعتُمد نظام “المسار السريع” الموازي لعبور معبر رفح منذ سنوات، حيث يطالب العملاء في غزة بعدة آلاف من الدولارات للمرور السريع. لكن هذا السوق ازدهر منذ بدء الهجوم البري الإسرائيلي، ما جعل يأس الفلسطينيين النازحين داخليًّا يتزايد.

إحدى الشركات المزعوم تورطها في هذه التجارة هي شركة هلا للاستشارات والخدمات السياحية، وهي وكالة سفر مصرية، وهي إحدى ثماني شركات تعمل تحت شركة العرجاني الرئيسية، مجموعة العرجاني.

وتتورط شركة “مصر سيناء” في هذه الجهود، وهي مشروع مشترك مع المجموعة الصناعية التابعة لوزارة الدفاع المصرية، وجهاز مشروعات الخدمات الوطنية.

من جانبه؛ صرح العرجاني في مقابلة  أجراها مع موقع “اليوم السابع” سنة 2014، أن جهاز مشروعات الخدمة الوطنية يمتلك 51 بالمائة من أسهم شركة مصر سيناء، بالشراكة مع شركتين مملوكتين لجهاز المخابرات العامة. وأضاف العرجاني في المقابلة: “كما ترون، جميع كيانات الدولة موجودة في هذه الشركة. وهذا يمنحنا امتيازًا”.


إنكار المسؤولية
وظهرت شركات العرجاني لأول مرة في سنة 2014 عندما أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن مبادرة لإعادة بناء المنازل التي دمرتها عملية الجرف الصامد الإسرائيلية في غزة، وعُينت مجموعة العرجاني كأحد المستفيدين.

وأُعيد تنشيط شركة هلا للاستشارات والخدمات السياحية في سنة 2021 “لتقوم حصرًا بنقل المسافرين من وإلى قطاع غزة”.

حينها، وصفت مصادر مصرية تحدثت لصحيفة “العربي الجديد” سنة 2021، حركة المرور عبر الحدود التي تديرها هلا، بأنها تأتي في إطار استجابة القاهرة لـ”مطلب كبير للفصائل الفلسطينية بشأن تسهيل السفر عبر معبر رفح لتخفيف معاناة الفلسطينيين”.

لكن مصر نفت التربّح من معبر رفح ومسؤوليتها عن طوابير الشاحنات الطويلة التي تحمل مساعدات إنسانية على الجانب المصري من الحدود.

وخلال دفاعه ضد اتهامات بارتكاب إبادة جماعية في غزة، في قضية رُفعت إلى محكمة العدل الدولية في وقت سابق من هذا الشهر، اتهم فريق الدفاع الإسرائيلي القاهرة بالمسؤولية عن منع دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع.

وفي حديثه في الصومال، اتهم السيسي إسرائيل باحتجاز الشاحنات على جانب غزة من حدود رفح وقال: “إذا كنتُ أنا السبب في عدم إدخال رغيف الخبز إلى غزة، فكيف أواجه الله؟”.

وطلب موقع “ميدل إيست آي” من الهيئة العامة للاستعلامات في مصر التعليق على ادعاء المؤسسة الخيرية بأنها اضطرت إلى دفع خمسة آلاف دولار لكل شاحنة لعملاء مرتبطين بجهاز المخابرات العامة، لكنهم لم يردوا بحلول وقت نشر التقرير، كما طلب موقع “ميدل إيست آي” من مجموعة العرجاني وأبناء سيناء التعليق.