كتاب عربي 21

صراعات داخلية تعصف بحزب الشعب الجمهوري

يحتدم الصراع بين شخصيات الحزب- إعلام تركي
تقترب تركيا يوما بعد يوم من الانتخابات المحلية المقرر إجراؤها في 31 آذار/ مارس القادم في جميع أنحاء البلاد. ومن المتوقع أن يكتمل إعلان الأحزاب السياسية عن أسماء مرشحيها في الأيام القادمة، لتتكثف الحملات الانتخابية للتنافس الديمقراطي، في ظل ظروف سياسية تختلف عن تلك التي أجريت فيها الانتخابات البرلمانية والرئاسية قبل أقل من عام.

حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، يعاني من أزمات وصراعات داخلية، ولم يتعافَ الحزب حتى الآن من آثار صدمة خسارة الانتخابات الرئاسية، رغم تغيير رئيسه في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي. ويتساءل كثير من مؤيدي الحزب عن موعد التغيير الذي تعهد به الرئيس الجديد، أوزغور أوزل، ويعبرون عن خيبة أملهم في أدائه، كما يساورهم الخوف من أن الصراعات الداخلية التي تعصف بالحزب قد تؤدي به إلى هزيمة تاريخيّة في الانتخابات المحلية.

الصراع بين رئيس حزب الشعب الجمهوري ورئيس بلدية إسطنبول يلقي بظلاله على عملية تحديد أسماء المرشحين. ويرغب كل واحد منهما في ترشيح أسماء موالية له في المدن التي تعتبر من قلاع الحزب، ويحاول أوزل أن يعزز قبضته على الحزب كيلا تكون رئاسته مؤقتة، فيما يسعى إمام أوغلو إلى السيطرة على الحزب من خلال تمكين الموالين له من الفوز في أكبر عدد من البلديات

هناك ثلاثة شخصيات مؤثرة في حزب الشعب الجمهوري، وهي: رئيسه الحالي أوزغور أوزل، ورئيسه السابق كمال كليتشدار أوغلو، ورئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو. ويؤدي التنافس بين هؤلاء إلى ثلاثة صراعات، الأول بين الكماليين والأكرميين، والثاني بين الأوزغوريين والأكرميين، والثالث بين الأوزغوريين والكماليين. ويسعى كل واحد من هذه الأطراف الثلاثة إلى كسب مزيد من النفوذ في حزب الشعب الجمهوري والحفاظ عليه.

الصراع بين رئيس حزب الشعب الجمهوري ورئيس بلدية إسطنبول يلقي بظلاله على عملية تحديد أسماء المرشحين. ويرغب كل واحد منهما في ترشيح أسماء موالية له في المدن التي تعتبر من قلاع الحزب، ويحاول أوزل أن يعزز قبضته على الحزب كيلا تكون رئاسته مؤقتة، فيما يسعى إمام أوغلو إلى السيطرة على الحزب من خلال تمكين الموالين له من الفوز في أكبر عدد من البلديات. وهذا التنافس هو ما يؤخر إعلان المرشحين في بعض تلك المدن.

كليتشدار أوغلو خسر رئاسة حزب الشعب الجمهوري بعد انهزامه في الانتخابات الرئاسية، إلا أن كافة المؤشرات تشير إلى أنه يتطلع إلى العودة، ويرى أن أبواب رئاسة حزب الشعب الجمهوري قد تفتح أمامه على مصراعيها بعد الانتخابات المحلية. ومن المؤكد أن أنصار كليتشدار أوغلو لن يتأخروا في التحرك لمحاسبة الثنائي "أوزل-إمام أوغلو" وإسقاطهما في حال خسر الحزب الانتخابات المحلية في إسطنبول وأنقرة.

الموالون لحزب الشعب الجمهوري يخافون من أن تؤدي هذه الصراعات الداخلية إلى عزوف الناخبين عن التصويت لمرشحين لأنهم مقربون من أوزل أو إمام أوغلو، كما يعبرون عن انزعاجهم من الانتقادات التي يوجّهها أنصار القيادة القديمة إلى القيادة الجديدة وأدائها، ويرون أن تلك الانتقادات في هذا التوقيت تنفر الناخبين من حزب الشعب الجمهوري ولا تصب في مصلحته.

وعلى صعيد التحالفات الانتخابية، يضطر حزب الشعب الجمهوري للتحالف مع حزب الشعوب للمساواة والديمقراطية، حزب الأكراد الموالين لحزب العمال الكردستاني، ليواصل التنافس في إسطنبول مع حزب العدالة والتنمية المتحالف مع حزب الحركة القومية. وبدون ذاك التحالف يكاد فوز إمام أوغلو يستحيل في 31 آذار/ مارس القادم. ولم يعلن حزب الشعوب للمساواة والديمقراطية حتى الآن دعمه لمرشح حزب الشعب الجمهوري في إسطنبول، علما بأن هناك أنباء تشير إلى استمرار المباحثات بين الطرفين.

فوز مرشح حزب العدالة والتنمية في الانتخابات المحلية بإسطنبول سيؤدي إلى سقوط إمام أوغلو وتراجع نفوذه في حزب الشعب الجمهوري. ومن المؤكد أن النتائج التي ستخرج من صناديق الاقتراع في نهاية آذار/ مارس القادم، في غاية الأهمية لأكبر أحزاب المعارضة، وأنها قد تهز توازناته الداخلية لتحرر أوزل من وصاية إمام أوغلو، كما يقول أردوغان، أو تسقطه مع الساقطين

وفي غضون ذلك، أعلنت باشاك دميرتاش، زوجة القيادي السابق صلاح الدين دميرتاش المسجون بتهمة دعم الإرهاب، أنها مستعدة للترشح لرئاسة بلدية إسطنبول، إن كان حزب الشعوب للمساواة والديمقراطية يوافق على ترشيحها. وأثارت تصريحات دميرتاش مخاوف في صفوف حزب الشعب الجمهوري الذي يراهن في إسطنبول على أصوات الأكراد الموالين لحزب العمال الكردستاني. ويدور الحديث حاليا في الكواليس السياسية والإعلامية حول طلب حزب الشعوب للمساواة والديمقراطية من حزب الشعب الجمهوري دعمه لمرشحيه في بعض أقضية إسطنبول، أو منح المقربين منه مناصب إدارية رفيعة في بلدية إسطنبول الكبرى، في مقابل دعم إمام أوغلو في الانتخابات المحلية.

رئيس الجمهورية التركي رجب طيب أردوغان قال إنهم "سيحرّرون أوزغور أوزل الذي تكاد رئاسته تنتهي بسبب الوصاية المفروضة عليها"، في إشارة إلى أن فوز مرشح حزب العدالة والتنمية في الانتخابات المحلية بإسطنبول سيؤدي إلى سقوط إمام أوغلو وتراجع نفوذه في حزب الشعب الجمهوري. ومن المؤكد أن النتائج التي ستخرج من صناديق الاقتراع في نهاية آذار/ مارس القادم، في غاية الأهمية لأكبر أحزاب المعارضة، وأنها قد تهز توازناته الداخلية لتحرر أوزل من وصاية إمام أوغلو، كما يقول أردوغان، أو تسقطه مع الساقطين.

twitter.com/ismail_yasa