كتب

مستقبل تنافس المشاريع الآسيوية في الشرق الأوسط.. دراسة جديدة

"إسرائيل" تحاول الاحتفاظ بعلاقاتها مع القوّتين الآسيويتين، وتبدو ناجحة بقدر معقول في هذا الجانب، وهو ما يشكِّل تحدياً لبعض قوى المنطقة مثل إيران، وسوريا، وأجنحة المقاومة العربية الأخرى..
أصدر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات ورقة علمية بعنوان "المشرق العربي: من التنافس الغربي إلى التنافس الآسيوي"، وهي من إعداد الأستاذ الدكتور وليد عبد الحي، خبير الدراسات المستقبلية.

وركزت الورقة على البعد الجيواستراتيجي للمنطقة العربية من خلال البحث في المشاريع الدولية تجاه الشرق الأوسط، وتحديداً المشاريع الآسيوية التي قد تنطوي على تنافس لا يجوز استبعاد تطوره إلى توتر ونزاع وصراع.

فبعد بدء تراخي النفوذ الغربي ومشروعاته المعاصرة "نسبياً"، مثل مشروعات الشرق الأوسط الجديد والشرق الأوسط الكبير والناتو العربي… إلخ، برز مشروعان آسيويان مهمان هما: مبادرة الحزام والطريق الصينية منذ إعلانها سنة 2013، ومشروع الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا الذي تمّ الإعلان عنه سنة 2023، حيث سعت الدراسة إلى البحث في مستقبل المنطقة العربية في ضوء التنافس بين القطبين الآسيويين.

احتمالات العسكرة للمنطقة في حال اتساع مصالح البلدين هو أمر غير مستبعد، مما يترك اثاراً على سياسات المنطقة ومستويات استقرارها، خصوصاً إذا ترافق التنافس الآسيوي مع تحالفات غربية مع الهند، وخصوصاً من الجانب الأمريكي في الشرق الأوسط لمواجهة المشروع الصيني.
وأشارت الدراسة إلى أهمية المنطقة العربية لكل من الصين والهند، كأسواق ومصادر طاقة ومواقع امتصاص عمالة كبيرة، ما يجعلهما أكثر حرصاً على التواجد في المنطقة. وأن الخلافات الصينية الهندية قد تجرُّ المنطقة العربية لروابط سياسية أو اقتصادية أو عسكرية لإدارة الصراع الهندي الصيني، خصوصاً في ظلّ انعدام استراتيجية عربية موحدة.

وتوقعت الدراسة أن تشهد منطقة الخليج اضطرابات اجتماعية إذا ما اتخذت دول عربية سياسات غير متوافقة مع توجهات الدولتين الآسيويتين، ورجحت أن يكون ذلك الاحتمال مع الهند أكثر من أن يكون مع الصين.

ورأت الدراسة أن احتمالات العسكرة للمنطقة في حال اتساع مصالح البلدين هو أمر غير مستبعد، ما يترك آثاراً على سياسات المنطقة ومستويات استقرارها، خصوصاً إذا ترافق التنافس الآسيوي مع تحالفات غربية مع الهند، وخصوصاً من الجانب الأمريكي في الشرق الأوسط لمواجهة المشروع الصيني.

وأشار د. عبد الحي إلى أن "إسرائيل" تحاول الاحتفاظ بعلاقاتها مع القوّتين الآسيويتين، وتبدو ناجحة بقدر معقول في هذا الجانب، وهو ما يشكِّل تحدياً لبعض قوى المنطقة مثل إيران، وسوريا، وأجنحة المقاومة العربية الأخرى، ورأى الباحث أن ذلك يستوجب من الطرف العربي دعم التواصل مع المعارضة الهندية لحزب بهارتيا جاناتا، وخصوصاً حزب المؤتمر الهندي، وإبقاء التواصل مع التيار الأقل براغماتية في الحزب الشيوعي الصيني للاستفادة من توصياتهما تجاه المنطقة.

وخلصت الدراسة إلى أن الآفاق الاستراتيجية للمشروعين الهندي والصيني تشير إلى أحد احتمالين متضادين، إما تحويل الصراع في المنطقة من صراع صفري إلى صراع غير صفري، من خلال إدماج "إسرائيل" في قلب المشروعات العربية الآسيوية، وهو ما تسعى له "إسرائيل" وكل من الهند والصين طبقاً لمشروعيهما، ما سيوسع دائرة المصالح المشتركة بين أطراف المشاريع على حساب المصالح المتناقضة التي تقع القضية الفلسطينية في صلبها.. أو أن فشل هذا الاحتمال سيعني تزايد التنافس الآسيوي بين المشروعين الهندي والصيني، ما قد يدفع إلى عسكرة المنطقة وزيادة الاستقطابات الإقليمية للمشروعين، ما سيجر المنطقة إلى صراعات جديدة وعدم استقرار أعلى من مستوياته الحالية، خصوصاً أن الطرف الغربي سيبقى حاضراً في هذه الاستقطابات خلال الفترة المتوسطة القادمة، ما يزيد الوضع تعقيداً.