صحافة دولية

الإيكونوميست: إسرائيل تستعد لفتح جبهة ثانية مع حزب الله في لبنان

توتر متصاعد على الحدود جنوب لبنان وسط مخاوف من اندلاع حرب شاملة- جيتي
استعرض تقرير لمجلة "إيكونوميست" البريطانية التوتر المتصاعد جنوب لبنان، واحتمالية اندلاع حرب شاملة بين حزب الله والاحتلال.

وقالت المجلة "إن إسرائيل تريد فتح جبهة مع حزب الله، فهي تراه تهديدا غير مقبول، لكن حسابات الحذر تظل قائمة".

وأضافت "أن مناطق الجنوب والساحل اللبناني تبدو هادئة، إلا أن الهدوء يخفي وراءه مخاطر تتجه نحو حرب واسعة بين إسرائيل وحزب الله، الذي تدعمه إيران، لاسيما بعد غارة الضاحية الجنوبية التي اغتالت القيادي البارز في حركة حماس، صالح العاروري، وتهديدات الحزب بأن العملية لن تمضي دون عقاب، وأن أصابع المقاتلين على الزناد.

وتابعت: "المسؤولون الأوروبيون يخشون من انفجار الجبهة في أيام أو أسابيع، خصوصا بعد التفجير في كرمان، الذي حملت طهران في البداية إسرائيل والولايات المتحدة المسؤولية عنه".

"وازدادت مخاطر الحرب على الحدود اللبنانية في الساعات والأيام الأولى التي أعقبت مباشرة الحملة العسكرية الإسرائيلية ضد حماس، حيث خافت إسرائيل من غارات مشابهة يقوم بها حزب الله، كتلك التي نفذتها حماس في إسرائيل"، وفق المجلة.


وأوضح التقرير، "أنه بحلول ليلة 7 تشرين الأول/ أكتوبر، نشرت إسرائيل ألوية كاملة قرب الحدود، المعروفة بالخط الأزرق، ودعمت القيادة العليا للأمن في إسرائيل، بمن فيهم وزير الدفاع يواف غالانت، توجه القيام بعملية وقائية ضد حزب الله".

وذكر، "أن الخطة ظلت متأرجحة حتى انضم بيني غانتس، وزعيم المعارضة إلى حكومة الحرب في 11 تشرين الأول/ أكتوبر، ثم تبع ذلك دعوات ضبط النفس من الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي قام بنشر حاملتي طائرات مع طواقمهما في منطقة شرق البحر المتوسط وقرب الساحل اللبناني، ولعب دورا في إقناع الإسرائيليين بالانتظار".

وذكرت المجلة، "أن حزب الله خسر خلال الأشهر الأخيرة 46 من مقاتليه وقتل 15 جنديا إسرائيليا بسبب الصواريخ القادمة من لبنان، كما قتل 3 صحفيين لبنانيين في القصف الإسرائيلي".

وأردفت: "لم يحدث وضع كهذا من قبل، ففي تموز/ يوليو 2006 قتل حزب الله خمسة جنود، وجر معه جثتين إلى داخل لبنان، حيث تطور الهجوم إلى حرب شاملة استمرت 34 يوما، وشن الجيش الإسرائيلي هجوما بريا كبيرا داخل لبنان، وتصدى له حزب الله حتى الوصول إلى طريق مسدود. وعانى لبنان الأكثر، حيث قتل آلاف المدنيين، وحصل دمار واسع على البنية التحتية". 

وقالت، "إن حزب الله يصر على حق الدفاع عن النفس والمقاومة، وبنى ترسانة صاروخية ضاربة من 150.000 صاروخ، مئات منها بمدى ودقة تصل إلى أي مكان في إسرائيل، ولديه أكثر من 100.000 مقاتل، حصل الكثيرون منهم على خبرات قتالية في سوريا، حيث لعب حزب الله دورا في دعم نظام بشار الأسد".

وهناك عدة أسباب لتجنب حرب شاملة، لكن هجوم حماس أدى لتفكير عدد من قادة الأمن "الإسرائيلي" بأن بقاء تهديد حزب الله خطر لا يمكن تحمله.

وأكدت "أن القادة الإسرائيليين يتفقون على أهمية اتخاذ إسرائيل المبادرة، وبخاصة ضد قوات النخبة الرضوان في حزب الله، التي تدربت على مهاجمة الأراضي الإسرائيلية بنفس الطريقة التي قامت بها حماس ضد القواعد العسكرية الإسرائيلية".

ويقول المتحدث باسم جيش الاحتلال إنهم يخوضون حاليا حربا، لكنهم لا يزالون في وضع الدفاع، ويشير القادة العسكريون إلى البلدات الفارغة من سكانها في الشمال، وأنهم لن يعودوا إليها بسلام طالما ظل حزب الله موجودا على الطرف الآخر.

واستدركت، "أن الجنود الإسرائيليين يعملون حاليا على تحديد فرق الصواريخ لدى حزب الله وتدميرها، فيما يقول المسؤولون الغربيون إن الجيش الإسرائيلي لديه القدرة على فتج جبهة ثانية، حتى مع استمرار الحرب في غزة، وتدمير مواقع حزب الله عند الحدود سريعا".

وبحسب تقرير المجلة، "فإن توسع الحرب بدا في بعض الأحيان محتوما، إلا أن جهود نزع فتيله مستمرة، فقد سحب حزب الله قواته من جانب السياج الحدودي بعيدا عنه بمسافة 2-3 كيلومترا، وربما كان انسحابا تكتيكيا، إلا أنه إشارة لإسرائيل والولايات المتحدة بأنه يريد تجنب الحرب".


وقالت "إن الجيش الإسرائيلي خفض من عدد جنوده قرب الحدود مع أن عددهم لا يزال مرتفعا".

وأشارت، "إلى أن الجيش جاهز للقتال في أي لحظة، إلا أن لدى كل طرف أسبابه المقنعة لتجنب الحرب، فإسرائيل متورطة في حرب دموية في غزة، ومن جهة أخرى لن يعرض حزب الله نفسه للنقد من خلال الدخول في حرب كتلك التي تجري في غزة، حيث قتل حتى الآن أكثر من 22.000 فلسطيني، ويشاهد اللبنانيون الدمار ولم ينسوا ما حدث في 2006".

وتابعت: "إيران التي راقبت هجوم إسرائيل على حماس لا تريد تضييع استثماراتها في حزب الله الذي يلعب دور الرادع لإسرائيل عن ضرب منشآتها النووية، مع أن طهران تستخدم جماعاتها الوكيلة لزيادة عصبية إسرائيل".

وتقوم الجماعات المؤيدة لإيران بضرب القوات الأمريكية في العراق وسوريا، ويستهدف الحوثيون السفن التجارية، حيث أجبرت الولايات المتحدة على إنشاء قوة للمهام الخاصة من أجل حماية السفن العابرة لمضيق باب المندب في الطريق إلى قناة السويس. 

وبينت "أن الولايات المتحدة تجد صعوبة في الحفاظ على انتشارها العسكري الكثيف بالمنطقة، ففي الأول من كانون الثاني/ يناير سحبت حاملة طائرات، مع أنها أبقت على ثانية في شرق المتوسط، وتخشى إسرائيل من انسحاب القوات الأمريكية، ما يؤثر على قدرة الرد من جانبها".

وتحاول القوى الخارجية تهدئة الوضع على الحدود اللبنانية، حيث قام مستشار مقرب من بايدن بزيارات متكررة إلى إسرائيل ولبنان، والتوصل لاتفاق قد ينزع فتيل الوضع. 

وربما كان أساس الاتفاق هو قرار الأمم المتحدة 1701 الذي صدر في حرب 2006، ومن المفترض بقاء قوات حزب الله شمال نهر الليطاني الذي يجري شمالا بالتوازي مع الحدود، أي حوالي 29 كيلومترا للشمال. 

وذكرت "أن القوات اللبنانية وقوات حفظ السلام "يونيفيل" فشلت في تطبيق القرير، وتزعم إسرائيل أن حزب الله تحدى القرار وقام منذ حرب 2006 بنصب راجمات صواريخ في المباني المدنية بجنوب لبنان".

وفي 2018، كشف الجيش الإسرائيلي عن ستة أنفاق حفرها الحزب تحضيرا للمواجهة المقبلة، وأقام الحزب نقاط مراقبة تحت غطاء حماية البيئة، وقد دمرت إسرائيل معظمها منذ حرب 7 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، وفقا للمجلة.


ولم يساعد الخلل الوظيفي في السياسة اللبنانية على خفض التوتر، فالبلد من دون رئيس منذ عام 2022، لكن ساسته توصلوا لاتفاق ترسيم الحدود البحرية مع "إسرائيل"، وحل الخلاف بشأن حقول الغاز الطبيعي. 

وأضاف تقرير المجلة، أنه بالرغم الخطابات النارية من زعماء البلدين فإنهم أظهروا نوعا من الحذر، فقد تجنب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ضبطا للنفس الدخول في مواجهة عبر الحدود، وكذا زعيم الحزب في لبنان، حسن نصر الله، بدا مترددا لاستفزاز حرب بعد سوء التقدير في عام 2006. 

وختمت المجلة تقريرها بالقول، "إن إسرائيل تراهن على حذر حزب الله حتى مع مواصلتها الهجوم على قادة حماس في لبنان، وأنه قد يفضل سحب قواته عبر الليطاني بدلا من مواجهة مع إسرائيل يمكن لنصر الله احتواء هذا، حسب عسكري إسرائيلي".