قضايا وآراء

كيف نوقف جرائم الإبادة وشلال الدم في غزة؟

جيتي
منذ 58 يوما تنزف قلوبنا وقلوب الأحرار حول العالم دما ونحن نشاهد ما تقوم به قوات الاحتلال الإسرائيلي من مجازر وجرائم إبادة جماعية بحق المدنيين العزل في قطاع غزة، وسط تآمر أو تخاذل من معظم الانظمة والحكومات العربية والغربية.

وخلال 8 أسابيع من الحرب لم يعد هناك مكان آمن في القطاع، فقد قصفت قوات الاحتلال المنازل على رؤوس ساكنيها ودمرت مربعات سكنية بالكامل بالقنابل الأمريكية، ثم لاحقت المدنيين الذي هربوا من منازلهم بحثا عن الأمان فقصت المستشفيات ومدارس الأونروا التابعة للأمم المتحدة والمساجد والكنائس ومقرات الدفاع المدني وسيارات الإسعاف ودور المسنين، وحتى الممرات الآمنة التي أعلنت عنها تعرض المدنيون فيها للقصف المدفعي والقنص.

وبالتوازي مع جرائم القتل الجماعي تواصل قوات الاحتلال حصار وقصف عشرات المستشفيات مما أدى لإخراج معظمها عن العمل، في حين لم تعد معظم المستشفيات في شمال القطاع قادرة على القيام بدورها في ظل نفاد الأدوية والماء والغذاء والوقود، فضلا عن إطلاق النار على كل من يحاول الدخول أو الخروج منها.

ما أقصده أننا بحاجة إلى حلول أخرى بجانب المظاهرات تشكل ضغطا حقيقيا وإحراجا للحكومات العربية والغربية، وتوصل رسالة واضحة لحكومة الاحتلال بأن مئات الآلاف من الأحرار حول العالم لن يسمحوا لها بأن تستفرد بسكان غزة
وكذلك فقد شدد الاحتلال حصاره للقطاع، فقطع الكهرباء وأصبح يتحكم في كميات المساعدات الغذائية والدوائية والوقود التي تدخل القطاع بعد أن تنازلت الحكومة المصرية عن سيادتها على معبر رفح وباتت تخضع لإملاءات الاحتلال.

كل هذه الجرائم التي تصنف قانونا كجرائم حرب؛ تهدف في المقام الأول لإرهاب سكان القطاع المحاصر وإجبارهم على ترك منازلهم والهجرة نحو جنوب القطاع كخطوة أولى قبل دفعهم لاحقا للهجرة إلى شبه جزيرة سيناء المصرية.

وأمام التخاذل والتآمر العربي الرسمي، يبقى السؤال الذي يطرحه كل عربي وكل مسلم وكل أحرار العالم هو: كيف نوقف جرائم الإبادة وشلال الدم في غزة؟

ولأكون صادقا معكم، فأنا لا أملك الإجابة السحرية على هذا السؤال، لكنني أعتقد أن مظاهرات التضامن مع غزة -على أهميتها- ليست كافية للضغط على الحكومات العربية والغربية، ولا أدعو هنا لوقفها، بل على العكس تماما أتمنى أن تزداد وتيرة هذه التظاهرات وأعداد المشاركين فيها.

ولكن ما أقصده أننا بحاجة إلى حلول أخرى بجانب المظاهرات تشكل ضغطا حقيقيا وإحراجا للحكومات العربية والغربية، وتوصل رسالة واضحة لحكومة الاحتلال بأن مئات الآلاف من الأحرار حول العالم لن يسمحوا لها بأن تستفرد بسكان غزة.

وأول فكرة تحضرني الآن هي تنظيم أسطول جديد للحرية ينطلق من الشواطئ التركية -على سبيل المثال- إلى قطاع غزة، وعلى متنه آلاف الأطنان من المساعدات الإنسانية.

وأنا هنا لا أتحدث عن سفينة أو سفينتين أو حتى عشر سفن، فهذا العدد يسهل على الاحتلال البطش به ومنعه من اختراق الحصار المفروض على غزة، وإنما أتحدث عن حملة كبرى تشارك فيها مئات بل آلاف السفن، ويتم الدعوة لها والحشد لها بقوة على وسائل التواصل الاجتماعي بعدة لغات.

إن نجاح حملة عالمية تشارك فيها بعض الدول العربية والإسلامية حتى لو بشكل غير معلن، في حشد عشرات الآلاف من المتضامنين في غزة حول العالم، للمشاركة في أسطول حرية ضخم يضم مئات ويشارك فيه آلاف النشطاء حول العالم السفن بتغطية إعلامية واسعة؛ لن يستطيع معه الاحتلال التصدي لها.
لا بد أن تتحرك الشعوب بشكل مبدع ومختلف وتضغط على الحكومات التي لا ترغب في إنهاء الحرب وتدعم إسرائيل بالسر والعلن، وعلينا أن ندرك كشعوب أننا نملك القوة والمقدرة على القيام بذلك، وأن الله سيحاسبنا يوم القيام على عدم التحرك لوقف شلال الدم في غزة

ومن الخطوات المهمة في هذا المجال تنظيم مظاهرة دولية حاشدة بمشاركة مئات الآلاف من المصريين والنشطاء الأجانب تنطلق من القاهرة سيرا على الأقدام باتجاه معبر رفح، بهدف إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.

صحيح أن هذه الفكرة ربما تغضب النظام المصري المستكين للإملاءات الإسرائيلية والذي يسمح بإدخال المساعدات بالقطارة، إلا أن مشاركة أعداد ضخمة من النشطاء الأجانب قد تدفعه للتريث قبل قمعها، حتى لا يظهر إعلاميا بمظهر المشارك في حصار غزة.

ومن الأفكار التي يمكن القيام بها؛ تحول المظاهرات الضخمة إلى اعتصامات سلمية في كل عواصم العالم، مع إضرابات جماعية عن العمل والطعام، مما يشكل ضغطا جديدا على الحكومات.

باختصار، لا بد أن تتحرك الشعوب بشكل مبدع ومختلف وتضغط على الحكومات التي لا ترغب في إنهاء الحرب وتدعم إسرائيل بالسر والعلن، وعلينا أن ندرك كشعوب أننا نملك القوة والمقدرة على القيام بذلك، وأن الله سيحاسبنا يوم القيام على عدم التحرك لوقف شلال الدم في غزة.