اقتصاد عربي

تكلفة تاريخية للحج تصدم ملايين المصريين بعد ارتفاعها بنسبة 100 بالمئة

المصريون يقارنون بين تكاليف حجهم والدول البعيدة عنهم- جيتي
سجلت أسعار برامج الحج للمصريين هذا العام أرقاما قياسية غير مسبوقة، ما مثل صدمة شديدة لملايين المصريين، إذ سجلت ما بين (130 ألف جنيه للبري، و310 آلاف جنيه للسياحي)، ما يفوق كثيرا تكلفة الحج في العام الماضي، والتي بلغت نحو (100 ألف جنيه).

وتولي الحكومة المصرية ملف الحج اهتماما واسعا، حيث تقوم على تنظيمه 3 وزارات بشكل رئيسي، هي: السياحة، والتضامن الاجتماعي، والداخلية، بمعاونة من وزارات الطيران والخارجية والأوقاف والصحة.

وفي حزيران/ يونيو 2022، صدّق رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي على قانون تنظيم الحج، وإنشاء البوابة المصرية الموحدة للحج، في إصدار رسمي يفرض إجراءات موحدة لتنظيم أداء المناسك.

وسجلت أسعار تأشيرات وتذاكر طيران الحج هذا العام في مصر ارتفاعا تاريخيا وغير مسبوق، يصل نحو 100 بالمئة، وهو ما يتزامن مع تراجع تاريخي بقيمة العملة المحلية، التي انخفضت من معدل 15.60 جنيها مقابل الدولار إلى نحو 31 جنيها خلال نحو عام كامل، وإلى نحو 38 جنيها بالسوق السوداء.

وشهد سعر الريال السعودي ارتفاعا كبيرا خلال العام الماضي والربع الأول من العام الحالي، مسجلا في البنك المركزي نحو (8.24 جنيه) مقابل الريال، وحوالي (9.60 جنيه) بالسوق السوداء، من نحو (4.15 جنيه) في شباط/ فبراير 2022، ما يمثل تكلفة مالية مضاعفة على ملايين الحجاج.

"الحج السياحي"

والجمعة، أعلنت "غرفة شركات السياحة" عن سعر برنامج الحج السياحي المقرر لـ12 ألف حاج، وأن المستوى الأول منهم يجري تسكينه في فنادق 5 نجوم صف أول مباشر على الحرم بمسافة 250 مترا، بتكلفة تبلغ (310 آلاف جنيه)، أكثر من 10 آلاف دولار.

وقالت إن المستوى الثاني يأتي كصف ثان من (250 إلى 1250 مترا) بعيدا عن الحرم بسعر (275 ألف جنيه)، فيما يأتي المستوى الثالث عبر فنادق 5 نجوم (من 1250 مترا حتى 4 آلاف متر) ويصل إلى (230 ألف جنيه).


وأعلنت غرفة السياحة أن تكلفة برنامج الحج (الاقتصادي)، الذي يستفيد منه نحو 8 آلاف حاج مصري، يصل إلى (155 ألف جنيه)، دون احتساب تذاكر الطيران، "نحو 30 ألف جنيه".

وأكدت في تصريحات صحفية، أن تكلفة برنامج الحج البري المستفيد منه 4 آلاف حاج مصري، والذي تم إعادة اعتماده مرة أخرى بعد إلغائه الموسم الماضي، يصل هذا العام إلى (130 ألف جنيه).

وأشارت إلى أن أسعار برامج الحج السياحي لا تشمل أسعار تذاكر الطيران، وأن الأسعار المشار إليها تخضع لأي زيادة قد تطرأ من جانب السلطات السعودية، أو أي تعديل في سعر صرف الجنيه مقابل الريال السعودي.

ولفتت إلى أنه جرى تحديد أسعار خدمات الطوافة للمستوى 5 نجوم بمبلغ 6 آلاف ريال سعودي، وللمستوى الاقتصادي البري 2888 ريالا سعوديا، مع احتساب سعر صرف الريال بـ8.17 جنيه، فيما يبلغ في السوق السوداء بنحو 9.60 قرشا، وفقا لأسعار الجمعة.

"حج الجمعيات"

والخميس، أعلنت وزارة التضامن الاجتماعي لأول مرة عن أسعار حج الجمعيات الأهلية من مقرها الجديد بالعاصمة الإدارية الجديدة، والمقررة لنحو 5250 مصريا جرى قبولهم من بين 22 ألفا تقدموا للحصول على التأشيرة عبرها، بزيادة نحو 2250 تأشيرة عن العام الماضي.

وبلغت أسعار حج الجمعيات للعام الماضي نحو (87 ألف جنيه) غير شاملة سعر تذكرة الطيران (27 ألف جنيه حينها)، فيما جاءت أسعار حج الجمعيات للعام الحالي، كالتالي:


المستوى الأول: يتم تسكينه حجاجه في فنادق 5 نجوم بساحة الحرم المكي، ويتكلف (225 ألف جنيه) شاملة قيمة تذكرة الطيران والوجبات.

المستوى الثاني: يجري تسكينه في فنادق 4 نجوم بمسافة 800 متر من الحرم المكي، ويكلف نحو (186.500 ألف جنيه)، شاملة قيمة تذكرة الطيران والوجبات.

أما المستوى الثالث: فيجري استقباله في فنادق 3 نجوم مصنفة بمسافة 800 متر من الحرم المكي، وتتكلف (171 ألف جنيه)، شاملة قيمة تذكرة الطيران والوجبات.

وتبلغ قيمة تذكرة الطيران 32 ألف جنيه للمستوى الأول، و29 ألف جنيه للمستويين الثاني والثالث.


وزيرة التضامن، نيفين القباج، أرجعت هذا الارتفاع في أسعار حج الجمعيات، مقارنة بالموسم الماضي، لتغير سعر صرف الجنيه مقابل الريال السعودي، ورفع السعودية لبعض الأسعار المرتبطة بتكاليف الحج، بحسب قولها بالمؤتمر الصحفي.

"حج القرعة"

وزارة الداخلية، أحد منظمي الحج في مصر، كانت أعلنت في 8 آذار/ مارس الماضي، أن قيمة تكاليف حج القرعة الذي تنظمه سنويا يبلغ 148.500 ألف جنيه، مضافا إليها قيمة تذكرة السفر بالطائرة بنحو 27 ألف جنيه، بإجمالي مبلغ وقدره (175.500 ألف جنيه)، ارتفاعا من نحو 94 ألف جنيه العام الماضي، وبزيادة بلغت 81.500 ألف جنيه.

"مهزلة وعبث"

وفي تعليقه، قال الأكاديمي المصري بجامعة الأزهر الدكتور محمد أحمد عزب، إن ارتفاع أسعار الحج بهذا الشكل "مهزلة أتابعها منذ فترة، وأرى أن السعودية ليست المستفيدة من هذا الارتفاع وذلك العبث، بدليل أنها أتاحت تأشيرة شبه مجانية لدخول المملكة لمن يحمل تذكرة الطيران السعودي".

وفي حديثه لـ"عربي21"، أضاف أن "الدليل على ذلك هو أن الحج في بعض الدول العربية وفي أوروبا وأمريكا أرخص من مصر"، مؤكدا أنه بسؤال "أحد الحجاج الجزائريين عن تكاليف حجهم تأكد أنه أقل من المصريين، رغم بعد مسافة الطيران".

ورأى أن "في هذا الارتفاع الكبير صدا كبيرا عن حج بيت الله الحرام"، محملا "المسؤولين عن الحج في مصر المسؤولية عن هذا الارتفاع".

وقال إنه "لا شك أن هبوط قيمة الجنيه المصري عامل مؤثر في ارتفاع أسعار الحج لهذا المستوى، ولكن من يقومون على أمر تنظيم الحج لهم مستوى معين من المكاسب لا ينزلون عنه، وهذا أمر ملحوظ هذا العام، والعلة هي انخفاض قيمة الجنيه".

وختم بالقول: "في النهاية، الحكومة تقوم بتخفيض سعر الجنيه، وتقول لا علاقة لي، وسوف تتم المحاسبة على أسعار الحج أو العمرة وغيرها من أمور حياة المصريين بالسعر الجديد".

ووفقا لوزارة الحج السعودية، بلغت تأشيرات موسم الحج للمصريين عن العام الماضي، نحو 35.375 تأشيرة، فيما احتلت مصر المركز الثامن بين دول العالم في عدد الحجيج.

وهذا العام، أعلن الاتحاد المصري للغرف السياحية، أن حصة الحج للموسم الجاري ستبلغ 32 ألفا و300 تأشيرة لكافة الجهات العاملة في تنظيم برامج الحج، وهي وزارات السياحة، والتضامن الاجتماعي، والداخلية.

وأوضح أن حصة الحج السياحي 16 ألف تأشيرة، و5 آلاف و300 تأشيرة لوزارة التضامن الاجتماعي، و11ألف تأشيرة لقرعة وزارة الداخلية.

"استغلال المواطن"

الكاتب والباحث المصري خالد الأصور، قال: "هذه قضية عنوانها استغلال المواطن المصري"، موضحا أن "شركات الحج في البلدين، بل وحكومتي البلدين، يعلمان علم اليقين للأسف، أنه مهما زادت أسعار تكاليف الحج، فسوف يبقى الإقبال عليه من المصريين بشكل خاص".

وأضاف في حديثه لـ"عربي21": "والدليل أن حصة مصر من الحجيج في كل سنة تكتمل رغم الارتفاع الفاحش وغير المبرر أضعافا مضاعفة، والمدهش والمثير للشك والتساؤل هو أن أسعار الحج من الدول الأوروبية وبعض الدول الآسيوية يقل كثيرا عما يتكلفه الحاج المصري، رغم القرب الجغرافي".

ويرى أن "هذا الوضع المريب للأسف، دفع بعض الجامعيين إلى تغيير المهنة في بطاقات الرقم القومي، ومن ثم جوازات السفر، بهدف السفر عن طريق شركات العمالة إلى السعودية للعمل في المهن العمالية والخدمات، بينما هدفهم أداء مناسك الحج من داخل المملكة بتكلفة قليلة جدا مقارنة بما قد يدفعونه من مصر، بينما يلجأ آخرون للسفر للعمرة قبل موسم الحج بثلاثة شهور مثلا، ويخالفون الإقامة ليظلوا حتى موسم الحج".

ولفت الأصور إلى أنه "تصدر فتوى من دار الإفتاء بأن من يلجأ لهاتين الطريقتين أو غيرهما من الطرق، بعيدا عن الشكل الرسمي المكلف والمغالى فيه جدا، فهو آثم، وقد تكون الفتوى صحيحة، لكنها ناقصة".

وأكد أنه "كان يجب على من يفتي أيضا أن يوصي حكومتي الدولتين بالحد من التكلفة عن طريق خفض الرسوم، وكذلك ردع الشركات التي تغالي في خدمات الحج في البلدين، ومن بينها شركات الطيران".

وأضاف: "إذ نلاحظ أن سعر رحلات الطيران بين مدن مصر ومدن السعودية مرتفع جدا، رغم أنها ساعتا طيران فقط، بينما نجد رحلات الطيران لخمس وست ساعات من دول أخرى بمقابل أقل"، متسائلا: "فكيف يتم تفسير ذلك؟".

"مقارنة عربية"

وفي مقارنة بين سعر الحج بمصر والدول العربية وفقا للجهات والوزارات المعنية، عقدها موقع "مصراوي" المحلي، في 17 آذار/ مارس الماضي، فإن سعر الحج من مصر يبدأ من 130 ألف جنيه، فيما يبلغ من السعودية 3984 ريال.

ومن الكويت يبدأ من 1650 دينار كويتي، ومن المغرب يبدأ من 62.929 درهما، ومن عمان يبدأ من 4126 ريالا عمانيا، ومن الأردن يبدأ من 2240 دينارا أردنيا، ومن قطر يبدأ من 18 ألف ريال قطري.

أما سعر الحج من الإمارات فيبدأ من 13 ألف درهم إماراتي، ومن العراق يبدأ من 3 ملايين و900 ألف دينار عراقي، ومن لبنان يبدأ من 2300 دولار، ومن اليمن يبدأ من 855 ريالا يمنيا، ومن الجزائر يبدأ من 865 دينارا جزائريا، ومن ليبيا يبدأ من 10000 دينار ليبي.