مقابلات

"الديمقراطي" الليبي: لا صفقة مع حفتر ولا انتخابات مع الدبيبة

فرج العماري

نفى رئيس مكتب اللجان المختصة والدعم الحكومي بالحزب الديمقراطي الليبي، فرج علي العماري، وجود "صفقة سياسية" بينهم وبين اللواء المتقاعد خليفة حفتر، مشدّدا على رفضهم الكامل والواضح لـ"عودة حكم العسكر والحكم الاستبدادي الديكتاتوري".

وقال العماري، في مقابلة خاصة مع "عربي21": "نحن نرفض، وبشدة، حكم الفرد والعائلة. ولهذا، لم ولن تكون هناك أي صفقة مع أي جهة غير مقتنعة بمسار الدولة المدنية الديمقراطية وترغب في السيطرة على البلاد وحكمها عسكريا".

وأشار إلى أنهم على "قناعة تامة بأن رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، ومَن حوله من عائلته والمُقربين له، ليس لديهم أي رغبة في إجراء الانتخابات لا الرئاسية ولا البرلمانية، ويعملون بكل الطرق المشروعة وغير المشروعة لضمان استمرارهم على رأس السلطة التنفيذية للبلاد لأطول فترة ممكنة"، وفق قوله.

وذكر العماري، وهو عضو مجلس السياسات بالحزب الديمقراطي، أن "تصرفات حكومة الدبيبة وإدارتها للدولة بهذا الشكل ما هو إلا دليل على انعدام رغبتها في إجراء الانتخابات"، مضيفا: "نحن مقتنعون قناعة كاملة بأنه لا انتخابات مع وجود الدبيبة وحكومته".

وفي ما يأتي نص المقابلة الخاصة مع "عربي21":

لماذا أعلن الحزب الديمقراطي رفضه لمذكرتي التفاهم بين حكومة الوحدة الوطنية الليبية وتركيا بشأن الاستثمار النفطي؟


الحزب الديمقراطي لم يعلن رفضه لمذكرة التفاهم، بل أبدى اعتراضه على فكرة التوقيع على مثل هذه المذكرات في هذه الظروف وبهذه الآلية، لأسباب مختلفة أهمها أن التوقيع على هذه المذكرة يُعتبر مُخالف لما تم الاتفاق عليه باتفاق جنيف ولخارطة الطريق المنبثقة منه، والتي نصت على أنه لا يجوز لحكومة انتقالية المساس بالاتفاقيات المُبرمة في السابق لا بالإلغاء ولا بالتعديل، كما نص الاتفاق على أنه لا يجوز لحكومة انتقالية إبرام أي اتفاقية تمس بعلاقات ليبيا مع أي من الدول أو تُسبّب أي إشكاليات سياسية أو أمنية مع أي دولة أو بين دولة وأخرى ذات علاقة بهذه الاتفاقية.

كما أن التوقيع على هذه الاتفاقية، وبهذه الطريقة، يُعتبر مُخالفا للإعلان الدستوري والاتفاق السياسي الليبي المُوقع في مدينة الصخيرات بتاريخ 17 كانون الأول/ ديسمبر 2015. ولأن إبرام الاتفاقية تم مع حكومة منتهية الولاية بموجب الإعلان الدستوري وتعديلاته، واتفاق جنيف وخارطة الطريق المنبثقة منه، وقرار البرلمان الليبي بسحب الثقة من الحكومة الصادر في شهر كانون الأول/ ديسمبر 2021، وهو ما سيترتب عليه إشكاليات سياسية وأمنية، والمزيد من الانقسام والتوتر بين الأطراف المختلفة في ليبيا وعلى المستوى الإقليمي.

والتوقيع على هذه الاتفاقية جاء في ظروف غير مناسبة من الناحية السياسية والأمنية والاقتصادية، وهي ظروف تتسم بالنزاع على السلطة بين حكومة منتهية الولاية تريد أن تكون حكومة أمر واقع تعمل على كسب الدعم والمساندة والتأييد من خلال هذه الاتفاقيات، وحكومة شرعية مُنتخبة من الأجسام التشريعية في البلاد، وتعمل على إنقاذ البلاد من الانهيار والتدهور الأمني والاقتصادي والمزيد من الانقسامات الناتجة عن فشل حكومة الوحدة الوطنية من تحقيق الأهداف المرجوة، ومن السياسات الخاطئة التي تمارسها حكومة الوحدة الوطنية في إدارة الدولة، وإدارة الموارد المالية، وفي العلاقات الخارجية، وفي الملف الأهم وهو ملف المصالحة الوطنية.

ونحن نؤيد أي اتفاقية تُبرم مع الجانب التركي وتكون مبنية على تحقيق مصلحة الطرفين، وتُعزّز الأمن والاستقرار في ليبيا والإقليم، وفي حوض البحر المتوسط، وتساهم في النمو والانتعاش الاقتصادي للبلدين، وتحسين المستوى المعيشي للمواطن الليبي، وتلقى قبول من المواطن الليبي أينما كان. نحن مُطالبون بأن نرعى أولا مصلحة ليبيا والشعب الليبي، إلا إن إبرام هذه الاتفاقية بشكل غير قانوني وغير شرعي قد تكون نتائجها معاكسة لما هو مرجو منها وتسبّب في إشكاليات أكبر على المستوى المحلي والإقليمي والدولي.

كيف تنظرون لدور تركيا في ليبيا بين الأمس واليوم؟ وما طبيعة علاقتكم بأنقرة؟


تركيا دولة شقيقة ومهمة جدا بالنسبة لليبيا، وكذلك على المستوى الإقليمي والدولي، وكان -وما زال- لها دور محوري وهام جدا بالنسبة للقضية الليبية، حيث كانت -وما زالت- داعمة للشعب الليبي من أجل تحقيق طموحاته في نيل حريته واستقلاله وممارسة سيادته على أرضه والتخلص من الحكم الديكتاتوري الاستبدادي وحكم العائلة والوصول به إلى أن تكون له دولة مدنية ديمقراطية دستورية.

ولقد لعبت تركيا الدور الأكبر بين الدول الإقليمية والدولية في حماية الشعب الليبي، وحماية الدولة المدنية المنشودة، من خلال المساهمة في صد العدوان على طرابلس وعلى المنطقة الغربية من قِبل المشروع العسكري بقيادة خليفة حفتر ودعم الحكومة الشرعية (حكومة الوفاق الوطني عام 2019)، وبهذا الدعم والمساندة العسكرية واللوجستية والسياسية صنعت أنقرة حالة من التوازن العسكري والسياسي أدى إلى إيقاف الحرب والاقتتال في العام 2020، والوصول بالبلاد إلى حالة من الاستقرار النسبي ترتب عليه ضرورة التوجه إلى الحلول السياسية والقناعة التامة بعدم نجاعة أي حل عسكري.

ولهذا، نحن نرى أن تركيا مهمة جدا لليبيا، ونعتمد عليها كثيرا في المساعدة في الوصول للاستقرار الدائم، والمساهمة في عملية البناء والتنمية والتطوير على جميع المستويات الأمنية والعسكرية والاقتصادية والسياسية، وهذه نظرتنا إلى تركيا سابقا والآن وفي المستقبل.

وأنت تعلم أن قيادات الحزب الديمقراطي لعبت دورا رئيسيا في التوقيع على الاتفاقيات الأمنية والعسكرية والاقتصادية مع دولة تركيا، وساهمنا في تحصين هذه الاتفاقيات إبان المرحلة الانتقالية من خلال النصوص التي ساهمنا في صياغتها عن طريق ممثلينا في حوار جنيف وخارطة الطريق المنبثقة عنه. ولهذا السبب لا نريد أي عذر من أي جهة في المساس في الاتفاقيات المُبرمة من قِبل حكومة الوفاق الوطني مع تركيا أو مع غيرها بحجة أنه تم خرق هذا الشرط من خلال إبرام اتفاقية تعتمد على الاتفاقية السابقة، أي بمثابة تعديل للاتفاقية الأولى المُحصّنة بنصوص في اتفاق جنيف.

ما الأسباب الحقيقية التي أدت إلى جمود المشهد السياسي في ليبيا؟


جمود المشهد السياسي في ليبيا يرجع للانقسام السياسي والتباين الكبير في المصالح الخاصة للدول الإقليمية والدول العظمى والكبرى وعدم اتفاقها على سيناريو موحد للحل في ليبيا، فضلا عن عدم الاتفاق بين مجلسي النواب والدولة على خارطة طريق مُحدّدة لعبور المرحلة الانتقالية والوصول إلى الاستحقاقات الدستورية، وعدم الاتفاق بين مجلسي النواب والدولة على التعديلات في مسودة الدستور ولا على القاعدة الدستورية.

وهذا الجمود سببه أيضا وجود قوة عسكرية غير مُتحكم فيها وغير تابعة للسلطة المدنية في المنطقة الشرقية والجنوبية، وهذه القوة على استعداد لفرض رأيها السياسي باستخدام القوة، كما تعمل في الضغط على بعض أعضاء البرلمان في تفصيل قوانين انتخابية وصياغة بنود دستورية تُمكّنها من تحقيق أهدافها.

ويرجع هذا الجمود كذلك إلى انخفاض مستوى الاهتمام من قِبل الدول المحورية في الشأن الليبي مع بداية الحرب الروسية الأوكرانية، وتمسك عبدالحميد الدبيبة بالسلطة وضربه بعرض الحائط الإعلان الدستوري والاتفاق السياسي وكل القوانين والتشريعات، واستخدامه للمال العام والمليشيات لإخماد أي بارقة أو مبادرة لحلحلة هذا الجمود أو أي خطوة نحو الحل.

كما أن من بين الأسباب التي أدت للجمود الحالي: تحكم العديد من التشكيلات المسلحة بالمنطقة الغربية في القرار السياسي والتنفيذي والإداري وتأثيرها المباشر على عدد من المؤسسات السيادية في الدولة، وعدم لعب بعثة الأمم المتحدة في ليبيا للدور المنوط بها وعدم اهتمامها بعامل الوقت في القضية الليبية ولا بما يعانيه الشعب الليبي من مشاكل مختلفة وتماهيها مع حكومة منتهية الولاية، وعدم وجود إرادة سياسية حقيقية من قِبل المجتمع الدولي لحل المشكل الليبي.

كيف تنظرون إلى جهود المصالحة الوطنية في ليبيا وما وصلت إليه؟


المصالحة الوطنية شيء أساسي ومصيري للشعب الليبي لتجاوز مرحلة الصراعات والاقتتال والحروب الماضية والذهاب إلى الامن والاستقرار والتنمية والتطوير، ولا يمكن البدء في بناء الدولة إلا بالمصالحة بين أبناء الشعب الليبي وعودة المُهجّرين في الداخل والخارج، وجبر الضرر ورد الحقوق، ونحن في الحزب الديمقراطي نولي هذا الأمر الاهتمام الكبير وعلى الدوم كنا في مُقدمة المشاركين في برامج المصالحة الوطنية وما دعمنا للحكومة الليبية برئاسة السيد فتحي باشاغا إلا مثال على ذلك.

ولقناعتنا بأهمية المصالحة الوطنية ولم شمل الليبيين، وأن تكون ليبيا دولة واحدة موحدة تحت سلطة تشريعية وتنفيذية وقضائية واحدة ذهبنا وشاركنا -على الرغم من اعتراض الكثيرين- في اتفاق الصخيرات، ومن بعد ذلك اتفاق جنيف، وكنّا داعمين لهذا المسار وبقوة.

وما قمنا به في جنيف تمركز في رغبتنا في تشكيل سلطة تنفيذية (رئاسية وحكومية) تتمثل فيها جميع الأطراف الفاعلة والمتواجدة على الأرض والمشاركة في الصراع السياسي والأمني والعسكري من الشرق والغرب والجنوب، والتي من أهمها البرلمان والمجلس الأعلى للدولة والقوة العسكرية والسياسية الفاعلة والمؤثرة على الأرض.

وعندما فشلنا في تمرير هذه التشكيلة، وتم اختيار سلطة تنفيذية أخرى مُشكّلة من أفراد لا علاقة لهم بالصراع ولا بالواقع السياسي والعسكري في ليبيا حدث ما كنّا نتوقعه، وهو فشل هذه الحكومة في تحقيق الأهداف المُتفق عليها في خارطة الطريق المنبثقة عن اجتماع جنيف، وخاصة فشلها في تحسين الوضع المعيشي والخدمي والاقتصادي والأمني في كامل البلاد، وفشلها في ملف المصالحة الوطنية وفي تهيئة الظروف الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والخدمات لإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية في التاريخ المُحدد في خارطة الطريق، وهو 24 كانون الأول/ ديسمبر 2021.

وبالتالي، عملنا مع غيرنا من الوطنيين في ترميم المسار؛ فتوجهنا وساهمنا، وبالطرق الدستورية والقانونية، إلى سحب الثقة من حكومة الوحدة الوطنية من قِبل مجلس النواب وانتخاب حكومة جديدة، وصياغة خارطة طريق جديدة توصلنا إلى الانتخابات البرلمانية والرئاسية المتزامنة.

لكن إلى أي مدى نجحت هذه المحاولات التي قمتم بها؟


لا نزعم أن هذه المحاولات أنها حققت النجاحات المرجوة منها، ولكن أيضا لا نستطيع القول إنها فشلت، كما يحاول البعض التسويق لذلك. نحن، ومن خلال دعمنا للحكومة الليبية، ما زال هدفنا هو تحقيق المشروع الوطني الذي اتفق عليه جميع الليبيين، وهو الوصول إلى أن تكون ليبيا دولة مستقرة آمنة ذات سيادة، دولة مدنية، دستورية، ديمقراطية، والتداول فيها على السلطة سلميا، ولا مكان فيها لحكم العسكر، ولا لحكم الفرد أو العائلة.

ولهذا، وبعد فشل حكومة الدبية في تحقيق الأهداف المُتفق عليها في جنيف، والتي تعهّد بها الدبيبة اتجهنا إلى مسار تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم جميع أطراف الصراع من الغرب والشرق والجنوب بالتوافق بين مجلس النواب بصفته الطرف السياسي المؤثر والفاعل، وخاصة في شرق البلاد وجنوبها، والذي يمثل الجناح السياسي للقوة العسكرية المتمركزة في شرق البلاد وجنوبها بقيادة قائد عملية الكرامة خليفه حفتر والمجلس الأعلى للدولة بصفته جسم مُنتخب ويُمثل العديد من الأطراف السياسية والقوة الفاعلة على الأرض في المنطقة الغربية، وبعض مناطق الجنوب الغربي على أن تترأسها شخصية قوية مؤثرة في المشهد وقادرة على تحمّل مسؤولية إدارة الدولة وتوحيد البلاد، وبسط الأمن والاستقرار على كامل التراب الليبي، وتحسين مستوى المعيشة والخدمات في كافة مناطق ليبيا، وتعمل على توحيد الأجسام التشريعية والتنفيذية والقضائية وتوحيد المؤسسة العسكرية والمؤسسات الأمنية والمالية والاقتصادية وتهيئة الظروف السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية للوصول إلى الاستحقاقات الدستورية المتمثلة في الاستفتاء على الدستور أو إنتاج قاعدة دستورية متوازنة ومُتوافق عليها وإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية توطئة للولوج إلى الدولة المدنية الآمنة المستقرة التي ستحقق الرفاه للشعب الليبي.

ولهذا، دعمنا الحكومة الليبية برئاسة السيد فتحي باشاغا كونها حكومة منتخبة من قِبل مجلس النواب وفق خارطة طريق اتفق عليها مجلسي النواب والأعلى للدولة وبتزكية من العدد المطلوب من المجلس الأعلى للدولة، وهي تمثل التوافق الليبي الحقيقي، حيث تضم وبشكل متوازن جميع المكونات من الشرق والغرب والجنوب، وكذلك للقوة المؤثرة على الأرض تمثيل بها.

لكن البعض يرى أن حكومة باشاغا جاءت على خلفية "صفقة سياسية" كنتم أنتم في الحزب الديمقراطي طرفا فيها.. ما ردكم؟


هذا "البعض"، ومن أجل إفشال مشروع المصالحة الوطنية الشاملة والتسوية المرضية لجميع الأطراف المتناقضة والتوافق الليبي الليبي الذي تم بين البرلمان والقوة العسكرية المُسيطرة على الشرق والجنوب من جهة وبين المجلس الاعلى للدولة والقوة المؤثرة والفاعلة السياسية والعسكرية في المنطقة الغربية من جهة أخرى، يسوّقون أن هذه الحكومة هي حكومة "صفقة سياسية" بين بعض الأطراف والشخصيات في الغرب، وعلى رأسهم الحزب الديمقراطي، والسيد فتحي باشاغا، وبعض الشخصيات السياسية والبرلمانية  الأخرى، مع "قائد عملية الكرامة والمشروع العسكري خليفة حفتر".

ونحن في هذا الصدد، نؤكد أننا رافضون للمشروع العسكري، وأننا كنّا السباقين في التصدي لهذا المشروع منذ بداية انطلاقه في 14 شباط/ فبراير 2014، وعملنا  بكل ما يخوله لنا القانون والدستور وما نملكه من علاقات محلية وإقليمية ودولية كحزب سياسي يعمل بشكل قانوني في الدولة الليبية في الوقوف ضد هذا المشروع ودحره والقضاء عليه، وساهمنا في التصدي له أثناء الهجوم على طرابلس والمنطقة الغربية، والجميع يعرف ذلك.

كما أننا نؤكد رفضنا عودة حكم العسكر والحكم الاستبدادي الديكتاتوري، ونرفض وبشدة حكم الفرد والعائلية. ولهذا، لم ولن تكون هناك أي صفقة مع أي جهة غير مقتنعة بمسار الدولة المدنية الديمقراطية وترغب في السيطرة على البلاد وحكمها عسكريا.

وكيف تنظرون إلى حكومة باشاغا حاليا؟ وما الذي يحول دون دخولها طرابلس حتى الآن؟


نحن نرى أن الحكومة الليبية برئاسة السيد فتحي باشاغا فرصة لليبيا ولكل الليبيين، كونها حكومة تُمثل جميع الأطراف السياسية والعسكرية من الشرق والغرب والجنوب، ولها القبول في أغلب مناطق ليبيا، وهي قادرة على إدارة كامل الدولة وبسط الأمن والأمان والاستقرار في كافة ربوع البلاد، وتحقيق المصالحة الوطنية الشاملة، وتحقيق العدالة، وجبر الضرر، وإرجاع الحقوق للجميع، وعودة المُهجّرين في الداخل والخارج لمناطقهم ومدنهم، وقادرة على تقديم الخدمات وتحسين المستوى المعيشي للمواطن أينما كان.

كما أنها قادرة على تهيئة الظروف المناسبة للوصول إلى الاستحقاقات الدستورية، وأن ما يمنعها من الدخول للعاصمة ومباشرة مهامها هو تمسك حكومة الوحدة الوطنية منتهية الولاية بالسلطة، واستخدامها للمال في زعزعة الأمن والاستقرار، وخلق الحروب والصراعات داخل العاصمة، وتصفية الحسابات مع الخصوم السياسيين، ورفض الحكومة الليبية في إدخال العاصمة في أي صراعات عسكرية قد يترتب عليها موت مواطن ليبي.

وهل هناك جهود تُبذل في هذا الشأن الذي أشرتم إليه؟


بالفعل، هناك الكثير من المجهودات من أجل ذلك، ونحن نبارك ونشجع وندعم كل هذه الجهود، ولكن لكي تكتمل هذه المساعي والتحركات، وتُحقق المصالحة الوطنية، ويتم رأب الصدع، والعودة الآمنة والكريمة للمُهجّرين في الداخل والخارج، فإن الأمر يحتاج إلى حكومة داعمة لهذا الاتجاه، ولها الإرادة  السياسية الحقيقية في المصالحة ولمّ شمل الليبيين، بالإضافة إلى التوجه نحو المصالحة من أجل التعايش وبناء الدولة ومؤسساتها وتأجيل العدالة الانتقالية والبت في الجرائم المُرتكبة من الاشخاص والجهات المختلفة إلى مرحلة الاستقرار، وبعد قيام الدولة وإعادة تأسيس مؤسساتها الدستورية والحقوقية والأمنية والقضائية.

إلى أي مدى ترون أن الدبيبة جاد في سرعة إجراء الانتخابات خاصة بعد دعوته مفوضية الانتخابات إلى مباشرة إجراءات الاستحقاق الانتخابي "تحفيزا لكل الأطراف الرسمية والشعبية للدفع نحو سرعة إنجاز الانتخابات"؟


نحن على قناعة تامة بأن الدبيبة، ومَن حوله من عائلته والمُقربين له، ليس لديهم الرغبة في إجراء الانتخابات لا الرئاسية ولا البرلمانية، ويعملون بكل الطرق المشروعة وغير المشروعة لضمان استمرارهم على رأس السلطة التنفيذية للبلاد لأطول فترة ممكنة، وتصرفاتهم وإدارتهم للدولة بهذا الشكل ما هو إلا دليل على ذلك. نحن مقتنعون قناعة كاملة بأنه لا انتخابات مع وجود الدبيبة وحكومته.

كيف استقبلتم تقرير ديوان المحاسبة الليبي المتعلق بإدارة المال العام وأداء القطاعات المختلفة في الدولة خلال عام 2021؟


هذا التقرير يؤكد عدم رغبة ولا قدرة الحكومة منتهية الولاية على تهيئة الظروف لما يمكن من إجراء الانتخابات؛ فقد كشف التقرير عن فساد في إدارة الدولة وإدارة أموال الدولة وعدم تحقيقها لأي من الأهداف ولا التعهدات التي تعهّد بها رئيسها أثناء ترشحه لمنصب رئاسة الحكومة أو حتى جزء منها، والتي كان من أهمها المصالحة الوطنية الشاملة، وضبط الأمن، وتحقيق الاستقرار، وتحسين مستوى الخدمات، وتلبية الاحتياجات الأساسية للمواطن الليبي في جميع أرجاء البلاد.

وأكد تقرير ديوان المحاسبة أن حكومة الوحدة الوطنية صرفت أكثر من 86 مليار دينار ليبي دون أن يطرأ أي تحسن في مستوى الخدمات، ولا في مستوى الأمن والاستقرار، ولا في المستوى المعيشي للمواطن الليبي، بل بالعكس فعلى الرغم من صرف أكثر من 30 مليار دينار على بند المرتبات، إلا أن المستوى المعيشي للمواطن الليبي زاد سوءا، وأصبح من الصعب على أغلب أفراد الشعب الليبي تلبية احتياجاتهم المعيشية.

وعلى الرغم من صرف أكثر من 28 مليارا على بند النفقات العمومية وبند الدعم، إلا أن مستوى الخدمات تدنى بشكل كبير جدا، وخاصة في مجال الصحة والتعليم والكهرباء والشؤون الاجتماعية والخدمات العامة وخدمات المرافق العامة (المياه والصرف الصحي)، وأصبح المواطن الليبي عاجزا عن تحمل مصاريف العلاج في الداخل أو الخارج بعد أن أصبح مستوى خدمات الصحة دون الحد الأدنى، وكذلك الحال في مجال التعليم والخدمات الاجتماعية.

كما أنه على الرغم من صرف أكثر من 17 مليار دينار على بند التنمية، والتي من المفترض أن تُترجم إلى تنفيذ مشاريع تنموية لحل المختنقات وتحسن الأداء، وتحسين مستوى الخدمات في كل المجالات، وتخلق نوعا من الانتعاش الاقتصادي، إلا أنه لم يتم إنجاز أي مشروع، ولم نر أي تحسن في الوضع الاقتصادي، ولا في وضع الخدمات العامة، وخاصة في مجال الكهرباء التي زاد فيها العجز على مستوى تغطية الأحمال في جميع مناطق ليبيا، وزادت ساعات الانقطاع للتيار الكهربائي، وتدني مستوى الخدمات الكهربائية طوال العام، وكذلك الحال في مجال المواصلات.

هذا كله صاحبه الحجم غير المسبوق من الفساد والإهدار للمال العام، وهذا يوضح أن حكومة بهذا الشكل وبهذا المستوى من الفساد الإداري والمالي، وعدم القدرة على الإنجاز، لا تتوقع أنها قادرة على إنجاز الانتخابات ناهيك عن عدم رغبتها في إجراء الانتخابات أساسا.

وزيرة الخارجية في حكومة الوحدة الوطنية، نجلاء المنقوش، أعلنت خلال مؤتمر صحفي بطرابلس مؤخرا مع نظيرها التركي مولود تشاووش أوغلو، عن خارطة طريق جديدة لحل الأزمة في البلاد.. فما تقييمكم لهذه الخارطة؟ وما موقفكم منها؟


أولا، نود التذكير أن هناك خارطة طريق مُعتمدة من الجسمين التشريعيين (مجلسي النواب والأعلى للدولة)، وهما أهل الاختصاص وفق الإعلان الدستوري وتعديلاته، والتي تم رفضها وعدم الالتزام بتنفيذها من قِبل رئيس حكومة الوحدة الوطنية، والتي تمثلها في هذا المؤتمر الصحفي السيدة المنقوش وزير الخارجية. ولهذا، ليس من المنطقي أن نعير أي اهتمام لما تقدمت به هذه الحكومة.

ثانيا، وفق الاتفاق السياسي المُوقع في مدينة جنيف بتاريخ شباط/ فبراير 2021 فالمهمة الرئيسية لحكومة الدبيبة هو تهيئة الظروف السياسية والأمنية والاقتصادية والخدماتية بما يُمكّن من إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، والجميع يعرف أن حكومة الوحدة الوطنية لم تقم بأي عمل يساهم في تهيئة هذه الظروف، بل أن الوضع الأمني والانقسام السياسي ومستوى الخدمات تأزم أكثر مما كان عليه، وهذا يؤكد عدم إمكانية هذه الحكومة من تحقيق أي شيء في هذا المسار، وما تقدمه من مقترحات ما هو إلا تغطية لمخططاتها في استمرارها في سلطة أمر الواقع، والمحافظة على الفوضى وعدم الاستقرار، وهو المناخ الذي تستطيع هذه الحكومة العبث في مقدرات الدولة وسرقتها.

تقولون إن "هناك حملة تحريض وتشويه ممنهجة تُشن ضد الحزب الديمقراطي".. فمَن هي الأطراف التي تقف خلف هذه الحملة؟


الأطراف التي لا تستطيع أن تعيش إلا في ظل الفوضى، وانقسام الدولة، ورهن القرار الوطني للخارج، وفي ظل الحروب والاقتتال، والأطراف التي تهمها مصالحها الضيقة الشخصية والمناطقية والعائلية والفئوية وتقدمها على مصلحة الوطن والمواطن، وهؤلاء هم مَن يحرضون على الحزب الديمقراطي وقياداته ويعملون على التشويش على المشروع التوفق الليبي الليبي الذي تبناه الحزب وأغلب الشعب الليبي.

ولقد طال التحريض والتشويه الممنهج العديد من منصات التواصل الاجتماعي الداعمة لمنهج ومشروع الحزب الديمقراطي، والتي يديرها أو على رأسها شخصيات من الحزب الديمقراطي أو داعمة لتوجهاته، حيث قفل عدد منها دون أي وجه حق أو سند قانوني، وكذلك تم التضييق والتحريض على الإعلاميين والصحفيين الداعمين لتوجه الحزب وآرائه، وهذا مناف ومخالف لأهداف فبراير، ولمبادئ الديمقراطية، والتداول السلمي على السلطة، ومناف للإعلان الدستوري وللقوانين النافذة، ومناف للاتفاقيات الدولية في مجال الحقوق والحريات العامة ومُخالف لمبادئ العمل السياسي.

هل حكومة الدبيبة تقف خلف هذا "التحريض" برأيكم؟


ما يصلنا من معلومات موثوقة يكشف أن التحريض على الحزب الديمقراطي وقياداته، يتم وبشكل صريح ومباشر من أعضاء أساسيين في حكومة الوحدة الوطنية. وأبرز شاهد على هذا التحريض والتضييق على الحزب الديمقراطي وقياداته ما قام به النائب العام العسكري التابع للسيد الدبيبة بإصدار أمر تعسفي بإجراء ظالم وغير قانوني ضد السيد رئيس الحزب الديمقراطي، ومنعه من السفر، والقبض عليه للتحقيق لا شيء إلا أنه داعم للمسار التوافقي الليبي الليبي، ولمسار المصالحة الوطنية الشاملة، وللمسار الديمقراطي المتوافق مع الإعلان الدستوري، ومع الاتفاق السياسي الليبي، والذي تمثل في انتخاب حكومة توافقية جديدة بديلة عن حكومة الوحدة الوطنية بعد أن تم سحب الثقة منها.

والجميع يعرف، ومن ضمنهم رئيس حكومة الوحدة الوطنية، أن السيد رئيس الحزب الديمقراطي هو شخصية سياسية عامة داعم لثورة شباط/ فبراير وأهدافها، وداعم للمسار الديمقراطي لبناء الدولة المدنية الدستورية التي ينشدها كل الليبيين من خلال الممارسات السياسية التي يمنحها الإعلان الدستوري وتعديلاته والقوانين الليبية والقوانين الدولية للأحزاب السياسية وقياداتها.

كما أن الجميع يعرف أن السيد رئيس الحزب الديمقراطي هو من أكبر الشخصيات المناهضة للحرب وللاقتتال، وداعم بقوة للتوافق والتصالح من أجل استقرار البلاد وأمنها وأمن المواطن الليبي أينما كان، ونحن نعرف أن كل ما تقوم به هذه الحكومة ومَن معها ويدعمها ما هو إلا نوع من تصفية الخصوم السياسيين المعارضين لاستمرار الحكومة منتهية الولاية في الحكم، وتصفية الداعمين للمسار التوافق الليبي الليبي، ومنع تولي الحكومة الليبية المنتخبة من ممارسة مهام السلطة التنفيذية من طرابلس عاصمة ليبيا وكل الليبيين.

وعلى الرغم من تأكيد أعلى المؤسسات القضائية في الدولة الليبية على عدم قانونية ولا دستورية الإجراء الذي قام به المدعي العسكري العام وبطلانه، إلا أن تواجد العديد من المليشيات غير القانونية حول الحكومة ورئيسها قد يورطها في إجراء لا يُحمد عقباه يهدد الحزب وقيادته، ويعرضهم للخطر.

وكيف تعاملتم مع "هذه الحملة التي تُشنّ ضدكم"؟


نحن تعاملنا مع هذه الحملة والاتهامات الباطلة بالطرق القانونية، والتي يتيحها لنا الإعلان الدستوري والقوانين والتشريعات النافذة، وكذلك اتفاقيات حقوق الإنسان والحريات المعتمدة عالميا.