صحافة دولية

كاتب بريطاني: على الملك الجديد تشارلز الثالث إصلاح الملكية

يمكن لتشارلز وقف الكثير من الهراء الذي ارتبط بالعائلة المالكة في ظل والدته

حفلت الصحف البريطانية بالمقالات والتقارير التي ودعت فيها مرحلة طويلة من تاريخها بوفاة الملكة إليزابيث الثانية (1926- 2022) حيث أشارت فيها إلى حس المسؤولية والواجب الذي ظلت الملكة تحمله حتى أيامها الأخيرة عندما كلفت الوزيرة الخامسة عشرة في فترة حكمها بتشكيل الحكومة، قبل أن تتوفى بعد يومين في قلعة بالمورال التي أحبتها وأحبت أسكتلندا طوال حياتها وكانت المكان الذي توفيت فيه.

وفي الوقت الذي أكد فيه المعلقون على حس الواجب، فقد أشاروا إلى أنها كانت رمزا للوحدة في بريطانيا التي تواجه مصاعب كثيرة وتحديات لم تواجه منذ سبعينيات القرن الماضي.

وخلف الحزن على وفاة الملكة هناك شعورا بعدم اليقين مع بداية مرحلة الملك تشارلز الثالث، الذي انتظر طويلا كولي للعهد، إن لم ينتظر طوال حياته.

ويرى سايمون جينكينز في "الغارديان" أن الملك تشارلز الثالث لديه مواقف عاطفية إلا أن وظيفته الرئيسية هي إصلاح الملكية.


وقال إنه سيحكم بالضبط مثل والدته، فقد قضى حياته في ظلها. كما أنه تدرب على كل تفاصيل دور الجالس على العرش. ويعرف أن الأمة كانت تنظر للملكة على أنها صورة مجيدة للملكية الدستورية، وأنه لن يحكم طويلا ولن يخون ميراث أمه. وعند هذه النقطة فإن أي مقارنة بين الملك تشارلز والملكة إليزابيث ستنتهي. والسبب هو أن وظيفة الملك اليوم أصبحت شكلية إن لم تكن روبوتية، لكنها عمل يقوم به إنسان. وسيتمكن تشارلز من مواصلة عمل أمه والقيام بالواجبات المملة والتوسط وبروح من الدعابة. كما أن نضجه خفف من مخاوف سوء التصرف أو الشائعات التي لاحقته في شبابه.

وفي النهاية تظل الأم والابن شخصيتين مختلفتين. وهذا مهم من الناحية الدستورية والدور الموكل للملك وتعامله مع الحكومة والبرلمان، ومن المتوقع أن يحترم الموقف غير المتحزب للملك المتجسد في الممارسة والأعراف. فقد ذهبت الأوقات التي كان الملك فيها يختار أو يدعو رئيس وزراء سيحظى بدعم البرلمان. طبعا هناك أزمات قد تتدخل فيها الملكية كما حدث عندما فشل حزب المحافظين عام 1963 باختيار خليفة لرئيس الوزراء المريض هارولد ماكميلان. وحدثت مشاكل أخرى عام 1974 في برلمان معلق بظل إدوارد هيث وغوردون براون حيث تم التفاوض على حلها مع مسؤولي القصر بناء على الممارسة والعرف. ونفس المشكلة حصلت عندما حاول بوريس جونسون في 2019 توريط القصر في منح البرلمان امتيازا غير قانوني. وفي كل هذه الحالات منع البرتوكول القصر من التدخل، لكن تشارلز قد يشعر بأن لديه استحقاقا للتدخل. وربما ظهرت مشاكل في المستقبل لأن تشارلز يحمل مواقف حول كل موضوع تحت الشمس، فآراؤه معروفة حول الطب البديل والزراعة والتغيرات المناخية والحفاظ على المباني التاريخية والمعمار. وكما هو الحال فإنه كان يقول إن مواقفه شخصية وليست ملكية، مع أنها تظل آراء.

 

اقرأ أيضا: الملك تشارلز يلقي خطابه الأول ويعلن ويليام وليا للعهد (شاهد)

ويعقد رئيس الوزراء لقاء أسبوعيا مع الملك وضمن السرية، وربما وجد تشارلز في اللقاء فرصة للتعبير عن مواقفه من الأحداث لرئيس الوزراء التعيس. ويمكن لتشارلز أن يقدم إصلاحاته في الملكية، ففي الوقت الذي كانت تريد فيه الملكة الالتزام بالتقاليد كان تشارلز يدعو إلى تخفيف الشكليات المحيطة بالعرش. وهناك شائعات بأنه يريد الانتقال من باكنغهام بالاس وتحويله إلى مكتب ملكي ومتحف والحفاط على قصر كليرنس كمقره في لندن.

ويمكن لتشارلز وقف الكثير من الهراء الذي ارتبط بالعائلة المالكة في ظل والدته، وربما كانت هناك حاجة لوريث للعرش، لكن عائلة ممتدة ليست بحاجة للتمتع أو تحمل الدعاية وطريقة الحياة غير المعروفة للكثير من العائلات المالكة في أوروبا. وكان تحويل أبنائها وأحفادها إلى جيش من النجوم خطأ كبيرا، وربما قام تشارلز بوقف هذا.

ويرى أن الملكية البريطانية هي فضول في التاريخ، فقد منحت الدولة بإرثها الإمبريالي، الكومنولث ورأس دولة مستقرا بشكل مدهش. ويمكن الدفاع عن الجانب الوراثي فيها من ناحية كونه أساسيا. والملكية هي بالضرورة تعبير عن شكل إنساني من التماسك الوطني والتبجيل المفترض، لكنها تحافظ على الاستقرار من خلال الاحترام وتجنب الجدل. والملك الجديد متفاخر مثير للجدل، وعهده لن يكون مملا على الأقل.