كفاءات عربية مهاجرة

تستأثر بريطانيا بالنصيب الأكبر من المهاجرين، حيث تصل نسبتهم هناك إلى نحو 40% في حين تتوزع النسب الباقية على باقي دول أوروبا، وأستراليا وكندا وغيرها من البلاد..

 

وباتت غالبية البلدان العربية تقف على خط الدول الطاردة للعقول؛ بسبب خليط من السياسات الخاطئة التي تتبعها الأنظمة العربية على الصعيد الاقتصادي وتوزيع الثروات، بالإضافة إلى الفساد الذي بات أحد أهم أساليب هذه الأنظمة في إدارة سياساتها الوطنية، وفق محللين.


وكشفت دراسات قامت بها الجامعة العربية و منظمة يونيسكو و البنك الدولي أن منطقة الشرق الأوسط و العالم العربي تساهم في ثلث هجرة الكفاءات من البلدان النامية، منها 50% من الأطباء و 23% من المهندسين و 15% من غير ذلك.


وتستأثر بريطانيا بالنصيب الأكبر من المهاجرين، حيث تصل نسبتهم هناك إلى نحو 40% في حين تتوزع النسب الباقية على باقي دول أوروبا و أستراليا و كندا و غيرها من البلاد.


وثمّة أسباب وعوامل متراكبة تقف خلف هذه الظاهرة، من ضمنها تراجع توقعات الشباب وخريجي الجامعات والمعاهد العليا حول إمكانية تحقيق عوائد مادية وقيم مضافة، كالمكانة الاجتماعية نتيجة حصولهم على شهادات جامعية، في ظل الانتشار الواسع لبطالة الخريجين، وانخفاض - إن لم يكن اضمحلال - ميزانيات البحث والتطوير في مؤسسات الدول العربية، بالتراكب مع انخفاض قيمة العملات الوطنية وتراجع مستويات المعيشة إلى أدنى المستويات.

وقال المحلل السياسي، غازي دحمان في مقال له، إن العامل السياسي يلعب دوراً مهما في تنمية اتجاهات هجرة العقول العربية وتحوّل البلدان العربية إلى جهات طاردة للخبرات، وخاصة بعد فشل ثورات الربيع العربي، واتجاه السياسة إلى مزيد من الانغلاق، وتراجع فرص التغيير السياسي، وانعدام الثقة بالنخب السياسية وانكشاف فسادها، فضلاً عن انتشار ظاهرة المحاسيب الاقتصادية التي أدت إلى احتكار رؤوس الأموال ضمن دوائر ضيقة قريبة من السلطات الحاكمة، أو هي من صناعتها في أحيان كثيرة. وهذه لا تخضع لقوانين عمل واضحة، وتمارس المحسوبية والوساطة لدى اختيار الكفاءات، ولا تمنح الآخرين ما يكافئ إمكانياتهم وقدراتهم وإنتاجيتهم.


وهجرة العقول هي إحدى أبرز مخرجات السياسات الكارثية التي تعتبر النخب العربية الحاكمة أبرز منتجيها، ولن تتوقف هذه الظاهرة ما لم يكن هناك أمل بإحداث تغييرات سياسية تشعر في ظلها المجتمعات العربية بقدر من الاحترام، وفق دحمان.