قضايا وآراء

قضية المعتقلين بين المزايدات والواقع

1300x600
لا أحد منا لم يتألم -ولا يزال يتألم- كلما تذكر أحوال المعتقلين داخل السجون. نتألم في برد الشتاء لهم ونتألم في حر الصيف لهم. ونتألم على كل لحظة حرية لم ينالوها وهي حق لهم.

ولكن الألم الأكبر، عندما تجد من يتاجر ويزايد بكل ما يتعرض له المعتقلون؛ فترى الفرد ممن ابتلينا بهم في زماننا يعيش حرا مترفا، وبكل أريحية يقول إن أسيادنا في السجون لا يريدون الخروج بتقديم أي تنازلات، وعندما تسأله ما هي هذه التنازلات؟ يقول لك: لن نعطي للنظام أي شرعية، ولن نعترف به.

والسؤال الآن: هل النظام يعاني من عدم الاعتراف به؟ وهل توجد دولة في العالم لا تعترف بالنظام؟ وهل اعترافك أو عدم اعترافك سيقدم أو سيؤخر شيئا للنظام؟

طبعا سيقول البعض إنني قد أدافع عما فعله ويفعله النظام، وأنا أقول فليذهب هذا النظام إلى الجحيم، ولكن ما يعنيني هم هؤلاء الذين يموتون ويتألمون، وأهلهم من خلفهم أيضا يعانون.

أما آن الأوان لنا أن نكون أكثر واقعية ونقدم حلولا منطقية، نحاول بها الوصول إلى تفاهم يؤدي إلى خروج المعتقلين والأمان والعودة للمطاردين؟

هل حاولنا اختصار الزمن وفقد الأحباب كل يوم، ومحاولة فتح قنوات تواصل مباشرة أو غير مباشرة من أجل حل هذه المشكلة؟ هل حاولنا البحث عن أي وسيط دولي وأبلغناه بأننا مستعدون للتفاهم والوصول إلى حلول بشرط الإفراج عن كل من في السجون؟

لقد مضت عشر سنوات تقريبا ولم نقدم لإخواننا من أجل إطلاق سراحهم إلا الوقفات والدعوات والهاشتاجات والخطب الرنانة والحملات؛ التي لو قمنا بعمل تقييم حقيقي لها، سنجد أننا نغني بعضنا على بعض، وللأسف لم يسمع أحد صوتنا إلا نحن.

ألم يحن الوقت من أجل خروج قائد شجاع يطرح الحلول دون الخوف من ردود فعل الذين يزايدون ويتاجرون بحرية هؤلاء الأبرياء؟ إن القائد الناجح هو الذي يتحمل المسؤولية ويتصرف بحكمة وينظر للصالح العام ويتحمل قدرا من المجازفة، أما القائد الذي ترتعش يداه ويخاف من أخذ القرار تحسبا من رد فعل من لا يريد الحلول؛ فهذا قائد وبال على من تولى أمرهم.

الخلاصة يا سادة وبكل وضوح، نريد الحرية لكل مسجون والعودة والأمان لكل مطارد حتى لو كان لذلك ثمن، والأيام ستعالج آثار كل ثمن مؤلم؛ فمهما كانت الأثمان، فحرية الإنسان أغلى من كل شيء. فهل فكرنا بطريقة مختلفة عما عشناه فيما مضى من سنوات، أم سنظل نعيش في أوهام ويدفع ثمنها إخوة كرام في السجون؛ حقهم أن يعيشوا أحرارا خارج السجون، وحقهم علينا الإسراع والسعي من أجل هذه الحرية لهم؟