سياسة عربية

المساعدات الإنسانية بسوريا بين خطر الإيقاف وضمان الاستمرار

نحو 4.5 مليون شخص يحتاجون للمساعدات في شمال غرب سوريا- جيتي

يعود ملف إدخال المساعدات الإنسانية في سوريا، إلى طاولة مجلس الأمن الدولي، خلال الأيام المقبلة (لم يحدد بعد)، وسط مطالبة الولايات المتحدة وأوروبا بتمديد الآلية، مقابل إصرار روسي على حصر المساعدات في مناطق سيطرة النظام السوري.

يأتي ذلك بالتزامن مع تأكيد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش، أن "قوافل المساعدات عبر الخطوط لم تبلغ مستوى المساعدة الذي حققته العملية العابرة للحدود عند معبر باب الهوى"، مشددا على أن "المساعدة عبر الحدود تبقى حيوية لملايين الأشخاص المحتاجين في شمال غرب سوريا، إذ يحتاج حوالي 4.5 مليون شخص هناك لمساعدات في الشتاء، بزيادة 12 في المائة عن العام السابق بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية".

وتبنى مجلس الأمن الدولي في 9 تموز/ يوليو الماضي قرارا ينص على إدخال المساعدات إلى شمال غرب سوريا عبر الحدود (المعابر الحدودية) والخطوط (مناطق النظام) لمدة ستة أشهر قابلة للتمديد، على أن تكون الأشهر المتبقية مبنية على قرار الأمين العام للأمم المتحدة، في ما يتعلق بالشفافية.

 

اقرأ أيضا: الحرائق والسيول تلاحق قاطني المخيمات في سوريا (شاهد)

المنظمات تحذر


وحذر مدير منظمة "مرام" للإغاثة والتنمية، يقظان الشيشكلي، من خطورة عدم تمديد آلية إدخال المساعدات الإنسانية عبر الحدود، وحصر إدخالها عبر الخطوط، خاصة أن النظام السوري معروف بأنه غير عادل بتوزيع المساعدات الإنسانية، كما أنه يضغط على المستفيدين لتحقيق أهداف سياسية بعيدا عن الهدف الإنساني للمساعدات.

وبين في حديث مع "عربي21" أن منح المساعدات لحكومة النظام، سيمكنها من الحصول على قوائم المستفيدين وتحديد أماكن التوزيع، ما يسهل عملية الضغط على المعارضين، مشددا على أن منح معلومات المستفيدين يجب ألا تتم مشاركتها مع طرف ثالث.

وأكد أن حجم الضرر سيكون كبيرا جدا، في ظل نقص الموارد، وعدم قدرة المنظمات الإغاثية والإنسانية على سد الاحتياجات ضمن تجمعات ومناطق النازحين.

ورأى أنه يجب على المنظمات أن تحاول تجاوز الحاجة للحصول على مساعدات إنسانية، والعمل على إعادة بناء العجلة الاقتصادية للنازحين والمهجرين من خلال تمويل المشاريع الصغيرة والتنموية، لإعادة بناء المجتمع.

وحول تأثر المنظمات العاملة في شمال غرب سوريا في حال وقف آلية إدخال المساعدات عبر الحدود، أوضح الشيشكلي، أن المنظمات غير الحكومية الدولية والمحلية لن تتأثر بالقرار لكنها ستستمر بالعمل، غير أن التأثير سيكون على منظمات الأمم المتحدة، التي لا يحق لها إدخال المساعدات، ما يزيد من فجوة نقص التمويل بالمنطقة.


الائتلاف حصل على وعود


قال عضو الائتلاف السوري المعارض، إن الائتلاف يتابع تمديد قرار مجلس الأمن 2585 لإدخال المساعدات الإنسانية، مؤكدا أنه ناقش ذلك بشكل أساسي في خلال اجتماعاته مع أعضاء مجلس الأمن في نيويورك خلال انعقاد دورة الجمعية العمومية للأمم المتحدة، في اجتماعاته الرسمية مع المبعوثين الدوليين وآخرها حصل في شهر 12 الماضي.

وأكد في تصريح لصحيفة "عربي21"، أن "الائتلاف حصل على وعود من الدول الصديقة، بعدم السماح بمنع إدخال المساعدات الإنسانية عبر الحدود"، كما أن "تقييم الأمم المتحدة وكافة الأطراف يؤكد فشل التجربة بإدخال المساعدات عبر الخطوط عن طريق نظام الأسد".

وأشار إلى أن "الائتلاف دائما يطالب باستمرار تجديد هذه الآلية بشكل مفتوح وليس مقيد المدة، ويحذر من ابتزاز روسيا وتسييسها –غير الأخلاقي وغير القانوني للملف– للجانب الإنساني ومن محاولتها تمييع القرارات السابقة لمجلس الأمن والجمعية العامة".

وبين أن "روسيا تحاول تعطيل القرار لأسباب اقتصادية بهدف إعادة تدوير عجلة رأس المال وتوفير ميزانية تشغيلية لنظام الأسد، ومن أجل الاستفادة من الأموال لاسترضاء المؤيدين وحرمان النازحين المهجرين في المناطق المحررة".

 

اقرأ أيضا: منظمة حقوقية توثق مقتل 1237 سوريا في عام 2021

وأكد أن "فلسفة قرار إدخال المساعدات عبر الحدود، تستند إلى اعتبار حكومة النظام منعدمة أو منقوصة الشرعية".

وتابع: "قرار الأمم المتحدة بإدخال المساعدات عبر الحدود خارج إدارة ووساطة ومعرفة النظام السوري يؤكد أن الشرعية في سوريا متنازع عليها، وأن حكومة الأسد لم تعد تحظى بالشرعية الكافية لحكم البلاد".

وأوضح أن "روسيا تعي ذلك جيدا، لكن لما صار أمرا واقعا فهي تحاول تعطيله وربطه بقضايا أخرى لإعادة الإعمار، من خلال إدخالها فقرة لدعم مشاريع التعافي المبكر، وهو ما يحذر الائتلاف من استخدامه بوابة توفر للأسد مزيدا من الأموال لتغذية آلة حربه على الشعب السوري".

وشدد على أن "الائتلاف مع إدخال المساعدات الإنسانية لكافة المناطق السورية بغض النظر عن مناطق السيطرة، مع ضمان آليات إيصالها بشكل مباشر للمستهدفين دونما وساطة مؤسسات النظام.

وأضاف: "يجب أن تبقى مسألة دعم إعادة الإعمار مرتبطة بالحل السياسي، لينجز مع بدء المرحلة الانتقالية، فالنظام الذي دمر سوريا غير مؤتمن على إعادة بنائها.

 

وأدت الضغوطات الروسية في مجلس الأمن إلى إغلاق معبر "اليعربية" على الحدود العراقية، و"باب السلامة" على الحدود التركيةن فيما تواصل موسكو التلويح بإغلاق معبر "باب الهوى".

 

وأفشلت روسيا خلال المحادثات الأخيرة لتجديد آلية إدخال المساعدات، مشروع قرار قدمته أيرلندا والنرويج في 26 يونيو/ حزيران الماضي، يقترح تمديد تفويض إيصال المساعدات عاما واحدا، وإعادة تفويض معبر "اليعربية" على الحدود العراقية، لمدة عام.

 

وتبنى مجلس الأمن مشروع قرار قدمته موسكو ينص على إغلاق معبر "باب السلامة" والإبقاء على معبر باب الهوى لمدة عام كامل ينتهي في 10 يوليو/ تموز 2022.