مقابلات

حقوقي دولي لـ"عربي21": المهاجرون في ليبيا يواجهون الموت

غاروفالو: مراكز الاحتجاز في ليبيا مكتظة للغاية لدرجة لا يمكن فيها أن تتسع لأي شخص آخر

دعا توم غاروفالو، مدير مكتب لجنة الإنقاذ الدّولية في ليبيا، الاتحاد الأوروبي إلى التدخل من أجل المساهمة في حل أزمة المهاجرين غير النظاميين واللاجئين في ليبيا، وذلك عبر اتخاذ خطوات فورية لتحسين الوضع هناك، من خلال استئناف عمليات البحث والإنقاذ التابعة للاتحاد الأوروبي للعمل جنبا إلى جنب مع خفر السواحل الليبي، مؤكدا أن هذه الأزمة لا يمكن تركها للسلطات الليبية فقط.

ووصف، في مقابلة خاصة مع "ضيف عربي21"، تأثير حملة الاعتقالات الواسعة التي شنّتها السلطات الليبية مؤخرا في الأحياء التي يعيش فيها العديد من المهاجرين واللاجئين، بأنه كان "مُدمرا للغاية"، لافتا إلى أنه "تم نقل أكثر من 10 آلاف شخص إلى مراكز الاحتجاز القاسية، وقُتل ما لا يقل عن 6 أشخاص، فضلا عن أن منازلهم غالبا ما دُمرت أو نُهبت".

وقال الحقوقي الدولي: "لقد فقد هؤلاء المهاجرون واللاجئون كل ما لديهم، والذي كان قليلا في الأصل. ونحن قلقون من أن العديد منهم لن يتبقى لديهم ما يخسرونه، وسيسعون الآن إلى الذهاب في رحلة خطيرة جدا عبر البحر للعبور إلى أوروبا حيث من المحتمل جدا أن يموتوا".

وتاليا نص المقابلة الخاصة مع "ضيف عربي21":

ما أبعاد الانتهاكات التي حدثت مؤخرا بحق المهاجرين واللاجئين المحتجزين في ليبيا؟

في الأول من تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، شنّت السلطات الليبية حملة اعتقالات واسعة استهدفت الأحياء التي يعيش فيها العديد من المهاجرين واللاجئين، وكان التأثير مدمرا للغاية على هؤلاء السكان.

فقد تم نقل أكثر من 10 آلاف شخص إلى مراكز الاحتجاز القاسية، ولكن هذا الرقم انخفض حاليا. ثم قُتل ما لا يقل عن 6 أشخاص ولا يعيش الأشخاص الموجودون في مراكز الاحتجاز بظروف مناسبة؛ فليس لديهم إمكانية الوصول إلى الطعام والماء أو حتى المراحيض، فضلا عن أن منازلهم غالبا ما دُمرت أو نُهبت.

لقد فقد هؤلاء المهاجرون واللاجئون كل ما لديهم، والذي كان قليلا في الأصل. ونحن قلقون من أن العديد منهم لن يتبقى لديهم ما يخسرونه، وسيسعون الآن إلى الذهاب في رحلة خطيرة جدا عبر البحر للعبور إلى أوروبا حيث من المحتمل جدا أن يموتوا.

ما الأسباب التي أدت إلى ذلك؟ وهل سيتم احتواء تلك الأوضاع أم إنها ستتفاقم أكثر مستقبلا؟

نأمل أن توقف السّلطات الليبية هذه الحملة على الفور قبل وقوع المزيد من الخسائر في الأرواح. والحقيقة أن مراكز الاحتجاز التي يؤخذ المعتقلون إليها مكتظة للغاية لدرجة لا يمكن فيها أن تتسع لأي شخص آخر.

وبينما كان من الصعب التأكد من الأسباب الرئيسية لذلك، نجد أن العديد من المهاجرين واللاجئين في ليبيا ليست لديهم وثائق كافية. لقد فروا من حالات النزاع، وغالبا هم لا يملكون جوازات سفر أو فقدوا وثائقهم في رحلتهم إلى ليبيا أو أخذها المُتّجِرون بالبشر أو مهرّبو المهاجرين.

الحقيقة هي أن معظم السكان الذين نعرفهم في مراكز الاحتجاز هذه كانوا يسعون فقط لكسب لقمة العيش في ليبيا، وهم جزء مهم من الاقتصاد، حيث أن العديد من متاجر البيع بالتجزئة توظّف هؤلاء الناس للعمل في متاجرهم، كما أنهم يعملون أيضا في البناء. إنهم جزء كبير من الحياة الاقتصادية لوسط ليبيا المزدحم.

فإذا ذهبت إلى العاصمة طرابلس، يمكنك رؤية العديد من الأشخاص غير الليبيين الذين كانوا يعملون ويمارسون حياتهم اليومية. يجب السماح لهم بالعمل أثناء تقييم وضعهم من قِبل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ولكن للأسف لا يوجد مكان آمن لهم لإجراء مقابلات معهم من قِبل المفوضية لتقييم طلباتهم للحصول على اللجوء، وهم يعيشون فقط دون أن يتم الاهتمام بهم، وهم في خطر كبير في ليبيا.

من وجهة نظركم، كيف يمكن حل أزمة المهاجرين غير النظاميين واللاجئين في ليبيا؟

هذه الأزمة يمكن حلها، لكن لا يمكن ترك الأمر لليبيا وحدها للتعامل معها. يمكن للاتحاد الأوروبي أن يتخذ خطوات فورية لتحسين الوضع. على سبيل المثال، من خلال استئناف عمليات البحث والإنقاذ التابعة للاتحاد الأوروبي للعمل جنبا إلى جنب مع خفر السواحل الليبي، لأن خفر السواحل لم يكن قادرا على الوصول إلى العديد من القوارب المعرضة للخطر.

فقبل أيام قليلة في وقت المساء، استجابت فرقنا لإنزال 94 ناجيا من محاولة عبور البحر من غرب ليبيا. وللأسف، أعادوا أيضا 15 جثة لأشخاص ماتوا في المحاولة. وكان الناجون في حالة سيئة للغاية، يعانون من الصدمات، وانخفاض حرارة الجسم، والتسمم، جراء استنشاق أبخرة الديزل، وبالطبع تم وضعهم على الفور في مركز احتجاز شديد القسوة في ليبيا وهناك سيبقون.

ولكن هذه ليست أزمة لا يمكن التغلب عليها، وسوف يتطلب الأمر المزيد من البلدان، سواء الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي أو دول أخرى مثل الولايات المتحدة، لمشاركة هذا التحدي وقبول المزيد من طالبي اللجوء واللاجئين.

في نهاية المطاف، يحتاج هؤلاء الأشخاص إلى الأمان لتقييم حالاتهم، وأثناء مرورهم بهذه العملية نأمل أيضا من السلطات الليبية أن تسمح لهم بالعمل بسلام في ليبيا، وأن يتم تمكينهم من إعالة أسرهم أثناء تقييم وضعهم.

كيف تساعد لجنة الإنقاذ الدولية المهاجرين واللاجئين في ليبيا؟

تساعد لجنة الإنقاذ الدولية الليبيين والمهاجرين واللاجئين على حد سواء؛ فكانت تدخلاتنا الرئيسية تضمن دعم وزارة الصحة الليبية لتوسيع وتحسين الوصول إلى الصحة العامة والخدمات.

لدينا فرق متنقلة أيضا تتوجه إلى مجتمعات المهاجرين وتطْلع الأشخاص الذين يعيشون هناك على الخدمات المتاحة، ليس فقط في مجال الصحة، ولكن في مجالات أخرى كذلك.

كما أنه يمتد عملنا إلى بناء السلام والحوكمة والعمل مع البلديات في غرب ليبيا. لقد عملنا في جميع أنحاء البلاد من خلال شركاء في الشرق وبشكل مباشر في الجنوب، ونحن متشجعون للغاية بشأن الشراكة مع السلطات الليبية.

وحتى أثناء حدوث حملة المداهمات والاعتقالات الأخيرة، حافظنا على علاقتنا مع وزارة الصحة، بل وقمنا بتحسين تلك العلاقة؛ فنحن نعتمد على بعضنا البعض. لقد كانت برامجنا ناجحة للغاية، ولا تزال هناك حاجة إليها. كما أننا سنواصل تعزيز المكاسب التي حققناها في ما يتعلق بتحسين الصحة العامة في ليبيا.