صحافة دولية

FT: هل ستشهد مرحلة ما بعد ميركل ولادة جيش أوروبي موحد؟

رتشمان قال إن الحكومة الألمانية المقبلة ستكون ملتزمة بجيش أوروبي- جيتي

قال الكاتب جدعون رتشمان، إن الانتخابات الألمانية يجب أن تكون بمثابة صحوة لأوروبا وتفتح بابا لإمكانيات جديدة.


وجاء بمقالته التي نشرتها صحيفة "فايننشال تايمز" وترجمتها "عربي21" أن الحكومة الألمانية المقبلة ستكون ملتزمة بجيش أوروبي، مشددا على أن كل الأحزاب تدعم هذه الفكرة والحزب الديمقراطي الاشتراكي الذي فاز بهامش ضيق ميال لها.


ويرى الكاتب أن الخطاب المتكرر حول السيادة الأوروبية والإقتصاد الإستراتيجي والجيوش الأوروبية فيه قدر من الفانتازيا، فالحقيقة الصعبة هي أن الإتحاد الأوروبي لا يزال بعيدا عن تحقيق قوة الإنفاق والبنى أو الرؤية لتحويل هذه الأفكار إلى واقع. وهذا لا يعني أن الإستقلال الإستراتيجي هو فكرة سيئة أو أن أوروبا مكتوب عليها أن تظل بلا أهمية استراتيجية. 


وشدد الكاتب على أن القوة الإقتصادية والضغوط الأخلاقية ليست بديلا عن القوة العسكرية. مشيرا في هذا الصدد إلى أن فرنسا محقة في الحديث عن تقوية أوروبا. 


وأكدت الإدارات الأمريكية المتعاقبة أن صبر الولايات المتحدة في تقوية الدفاع عن الأثرياء في أوروبا قد نفد. كما لم يعد الإستقرار السياسي في أوروبا أمرا مفروغا منه، فهي بحاجة للدفع من أجل استقلالية استراتيجية كحماية لها ضد ظهور ترامب جديد، والذي كان معاديا للإتحاد الأوروبي والقيم الديمقراطية الليبرالية، وبريطانيا بريكسيت أكثر عرضة لهذه الإمكانية. 


وقال رتشمان، إن دول الإتحاد الأوروبي لا تنفق إلا أقل من 200 مليار يورو (228 مليار دولار) سنويا على الدفاع مقارنة مع 700 مليار دولار تنفقها سنويا الولايات المتحدة على الشؤون الدفاعية. كما أن النفقات الدفاعية الأوروبية موزعة على عدد من الميزانيات الوطنية، ويعني تكرار الكثير من الوظائف في وقت تغيب فيه قدرات مثل النقل الجوي. والأخطر من هذا هو غياب الرؤية السياسية الموحدة التي تدفع باتجاه الاندماج الدفاعي. 

 

اقرأ أيضا: نيويورك تايمز: ألمانيا لا تريد الابتعاد عن ميركل

وعادة ما تنقسم أوروبا أثناء الأزمات الدولية الكبرى، بحسب الكاتب، ففي 2011 شاركت فرنسا وبريطانيا في الحملة الجوية ضد معمر القذافي في ليبيا، ووقفت ألمانيا جانبا. وفي أثناء غزو العراق انضمت فرنسا وألمانيا إلى روسيا لمعارضة الغزو الأمريكي، أما إسبانيا وهولندا والدنمارك وإيطاليا ودول الإتحاد الأوروبي في المستقبل مثل بولندا دعمته.


ولأسباب تاريخية وجغرافية ظلت أولويات الدول الأوروبية متباينة، فتجربة الحرب العالمية الثانية والحرب الباردة جعلت دولا مثل وسط أوروبا تعتقد أن الضمان العسكري يأتي في النهاية من واشنطن. 


وتدعم الدول الأوروبية وفي مقدمتها ألمانيا مقعدا دائما لكل أوروبا، لكن الرد البارد من فرنسا دليل على معارضتها للفكرة. وعلى ما يبدو تتعامل فرنسا مع بقية الدول الأوروبية كفرقة أجنبية تستدعيها عندما تحتاج لاستعراض عضلاتها وتحقيق أهدافها الدولية. 


ويشتكي الساسة في أوروبا بأن فرنسا لا تعامل إلا ألمانيا بقدر من الاحترام، وحتى الساسة الألمان عبروا عن انزعاجهم من طريقة فرض فرنسا أفكارها على الأوروبيين. فتصريحات ماكرون عن الناتو بأنه ميت لم تتقبلها برلين. 


ومن جانبهم عبر الفرنسيون عن انزعاجهم من الثقافة السلمية لألمانيا، فرغم الدعم القوي للجيش الأوروبي الموحد إلا أن قلة في برلين فكروا بما سيحدث لو انقسمت أوروبا حول نشره.


وختم رتشمان بالقول، إنه "لا تزال المعوقات البنيوية والمالية والسياسية نحو أوروبا مستقلة كبيرة.

 

ولكن الفرنسيين والألمان رغم إحباطهم من بعضهم البعض لديهم حس مشترك للعمل معا، وستؤدي مرحلة ما بعد ميركل في ألمانيا لفتح الكثير من الإمكانيات. وستكون فرنسا متحفزة من جديد حول فكرة أوروبا المستقلة، ولن تتحرك القارة نحو هذا الخيار إلا في ظل أزمة عميقة مثل عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض".