قضايا وآراء

اغضب كما تشاء سيدي الرئيس وكل ما تقوله سواء

1300x600

لقد اضاعت رئاسة الجمهورية وهي المسؤولة الأولى عن الديبلوماسية التونسية النضارة والصفاء والمثال الذي تحتاجه البلدان لتثبت تميزها ومن ثم الحديث عن سيادتها التي تأتي من سيادة مؤسساتها.

ربما لا أحد قال لك سيدي الرئيس بأن الخارجية التونسية تعيش حالة تحلل وضياع، وبأن عديد الدول تنظر لوزارة الخارجية اليوم على أنها تابعة لك، وهي جزء من تنسيقياتك ومنخرطة في التفسير لآرائك، وأن أغلب الدول المهمة تتعامل مع الفاعلين من مسؤولي الوزارة على أنهم رجالك وقائمون بمهمات لديك عوضا عن التعامل معهم كمسؤولين في مؤسسات الدولة التونسية.

ربما لا أحد أعلمك بأن البعض من الداعمين الكبار لمشروعك الذي تعتبره أنت تصحيح مسار هم يقايضون اليوم دعمهم لك بمصالح لهم سواء داخل المؤسسات الدولية أو حتى للمساعدة في إخراج رعاياهم من أفغانستان.

ربما لا أحد أطلعك على مستوى علاقات بلادنا الاقتصادية مع اليونان ولا على أجندة المحور الذي تتواجد فيه مع قبرص وإسرائيل وفرنسا. ربما لا أحد أعلمك بأن اليونان كانت تدعم مطلب مالطا بالسيادة على أحد الجزر التونسية التي ما فتئت السلطات المالطية تطالب بها بأشكال وأساليب مختلفة.

ربما لا أحد أعطاك صورة المشهد الدولي الحالي وقراءة مستقبلية مع سيناريوهات موازين القوى الاقتصادية والسياسية مع ضبط مربعات التموقع الإيجابي الذي لا يعادي أحدا ويدافع فقط عن مصالح الشعب والقيم التي أعلن أنه مؤمن بها.

ربما لا أحد أعلمك بأن أغلب داعميك من محور التطبيع العربي أو فرنسا أواليونان هم متهمون بانتهاكات كبيرة لحقوق شعوبهم وغياب العدالة لديهم بالنسبة للبعض أو متهمون بانتهاك حقوق الأقليات وخاصة الجاليات المسلمة بالنسبة لفرنسا واليونان وهذا بحسب التقارير الأممية والمنظمات الدولية المعروفة.

ربما لا أحد أعلمك.. لأنه لا أحد يجرؤ على إعلامك أو لا أحد مهتم ببذل الجهد لقراءة المشهد الإقليمي والدولي بشكل عقلاني وواقعي بعيدا عن اللوثات الأيديولوجية والأمراض الفكرية المزمنة.

 

لقد أضاعت الرئاسة قطعة من السيادة يوم تجاهلت قبول 3 وفود فلسطينية من غزة على امتداد السنتين الماضيتين جاؤوا ليطلعوكم على وضعهم في فلسطين وتجنبت قيادتهم بسلوك حضاري راقي إحراجكم بزيارات لبلدان الجوار المباشر.

 



لقد أضاعت الرئاسة قطعة من سيادة البلاد بتبريرها لتصرفات فرنسا تاريخيا ولنهجها الحالي.. وليس أدل على ذلك مواصلة السعي في تنظيم قمة الفرنكفونية على أرض تونس مع حرص خاص من السلطات الفرنسية على انعقادها قبل الانتخابات لديهم السنة المقبلة في حين أن أوليات بلادنا ومصالح شعبنا مختلفة تماما.

لقد أضاعت الرئاسة قطعة من سيادة البلاد يوم أعلنت من القاهرة بأن السياسة الخارجية المصرية هي سياسة تونس وما تبع ذلك من عزل وإهانة لبلادنا في مجلس الأمن الدولي، ومن تبعات ذلك الآن مع دول الاتحاد الإفريقي وشركاء مهمين لبلادنا.

لقد أضاعت الرئاسة قطعة من السيادة يوم تجاهلت قبول 3 وفود فلسطينية من غزة على امتداد السنتين الماضيتين جاؤوا ليطلعوكم على وضعهم في فلسطين وتجنبت قيادتهم بسلوك حضاري راقي إحراجكم بزيارات لبلدان الجوار المباشر.


لقد أضاعت الرئاسة جزءا من السيادة يوم أعلنت بأن إجراءاتكم التي تعتبرونها تصحيح مسار تجد القبول من الداعمين بالمال وباركتم التصريحات دون أن تدركوا بأن للدول مصالح مع المؤسسات لا مع الاأفراد وحتى مصالحهم في مصر مع الجيش المصري الذي يسيطر على الاقتصاد والثقافة والإعلام.

لا تحدثونا عن سيادة كاملة أضعتم قطعها شرقا وغربا..

هل من مخرج لاسترجاع قطع سيادتنا وترميم ما فسد والبناء على أرضية سليمة للمستقبل؟

 

نعم ممكن والحل هو في مصارحة الشعب بالواقع وليس مجاراة اللجان والحشود الشعبية وأيضا الاعتذار للنواب وكل من طالهم الظلم أو تتضرروا من إجراءاتك الاستثنائية أو إجراءات يتم العمل عليها باسمك ولا أحد سيتحمل تبعاتها السياسية والأخلاقية والقانونية لاحقا غيرك.

أدرك أن الواقع أليم ويمكنك أن تغضب وأن تلعن العالم، ولكن أمامك باب خروج يسمح لك بالبقاء ضمن الفاعلين ولن يسمح لك أحد أن تكون أنت الفاعل الوحيد والمسيطر على كل السلطات.  

عذرا على الحقائق الأليمة ولكن نلجأ أحيانا للدواء المر لنعالج الجسم المريض.