مقابلات

ندوة عربي21 | حقيقة فكر طالبان ونذر توتر مع طرف "غير متوقع"

حذر عبد الباقي من أن فشل طالبان سينعكس سلبا على حركات مقاومة الاحتلال حول العالم- عربي21

تناول الخبير الأفغاني، مصباح الله عبد الباقي، خلال استضافته في ندوة خاصة لـ"عربي21"، تفاصيل بشأن تركيبة "طالبان" وتنظيمها وفكرها، كاشفا عن اختلافات جذرية بينها وبين التيارات السلفية الجهادية، ومشيرا إلى نذر توتر مع باكستان المجاورة، رغم أن الأخيرة كانت المتهم الرئيسي دائما بدعم الحركة.

 

وأوضح عبد الباقي، الذي يرأس جامعة "سلام" في كابول؛ أن جذور حركة طالبان، وهو ما عليه قادتها وقطاع واسع من عناصرها، تعود إلى المدرسة الديوبندية، التي توصف بـ"أزهر الهند"، وتتبنى المذهب الحنفي في الفقه، والتصوف في السلوك، والعقيدة الماتريدية.

 

وأكد الخبير الأفغاني أن قادة طالبان جميعهم يتبعون هذه المدرسة، وهم متصوفة بالعموم، لافتا على سبيل المثال إلى أن "سراج الدين حقاني"، الذي يُزعم بأنه يقود أكثر مجموعات الحركة "تطرفا"؛ يتبع الطريقة النقشبندية.

 

وعلى مستوى العناصر في الحركة، لفت عبد الباقي إلى وجود تيارات مختلفة، إذ هنالك تيارات صوفية، تختلف فيما بينها أيضا، فضلا عن التيار السلفي الذي يبرز في شرق البلاد، بالإضافة إلى بعض المتأثرين بفكر الإخوان المسلمين والجماعة الإسلامية في باكستان.

 

 

كما ينقسم عناصر طالبان على أساس النظرة للشيعة، بين متشدد ضدهم، ومعتدل، بحسب الخبير الأفغاني.

 

وقلل عبد الباقي من شأن تلك الاختلافات في التأثير على وحدة الحركة بالنظر إلى عمق أسس مبادئ الشورى والطاعة، كما استبعد وجود كيان مستقل بالفعل تحت قيادة "حقاني"؛ كما هو شائع، لافتا إلى أن الأخير هو نائب زعيم طالبان، هبة الله آخند زاده.

 

واستبعد الخبير الأفغاني أن يشكل تصنيف ما يعرف بـ"شبكة حقاني" بأنها إرهابية، لدى الولايات المتحدة، دونا عن عموم الحركة، دليلا على وجود تباين كبير بين مكونات طالبان.

 

لكنه استدرك بالإشارة إلى وجود حديث عن تباين "مناطقي" على مستوى القيادة، وشائعات عن منح اليد العليا لمن ينحدرون من مناطق قندهار وما حولها، التي كانت منطلق الحركة ومعقلها الرئيسي، ومسقط رأس مؤسس الحركة، الملا عمر.

 

 

اقرأ أيضا: ندوة عربي21 | خبير أفغاني يكشف كواليس سقوط كابول (شاهد)

 

شائعات مقتل زعيم طالبان

 

وفي سياق متصل، لفت عبد الباقي إلى وجود شائعات بمقتل زعيم الحركة، آخند زاده، لكنها غير مؤكدة بحسبه.

 

وأوضح أن البعض يتحدثون عن مقتله في تفجير بباكستان عام 2019، قتل فيه شقيقه، حافظ أحمد الله، ووالدهما.

 

واستبعد عبد الباقي أن يؤثر ذلك، إن صدقت تلك الشائعات، على وحدة وتماسك حركة طالبان، مؤكدا أنها نجحت بتأسيس نظام "شوري" منحها مناعة من مختلف الأزمات، على حد تعبيره.

 

 

باكستان "خائفة" 

 

ولفت الخبير والأكاديمي الأفغاني إلى أن باكستان هي من أكثر الأطراف التي تراقب المشهد في كابول عن كثب، وبتوتر شديد، رغم أنها كانت المتهم الرئيسي بدعم طالبان على مدار ربع قرن.

 

وأوضح عبد الباقي أن إشارات مبكرة بدأت بالظهور لاستلهام باكستانيين من تجربة طالبان في أفغانستان، لا سيما وأن نسبة لا بأس بها من الباكستانيين هم من عرقية البشتون (15 بالمئة)، الذين يشكلون المكون الأكبر في أفغانستان والقوام الرئيسي لحركة طالبان.

 

كما أن قطاعا واسعا من الباكستانيين يشتركون مع طالبان بالمنطلقات الفكرية والدينية، وتخرجوا من نفس المدارس التي تخرج منها قادة الحركة الأفغانية.

 

وأكد عبد الباقي أن إسلام أباد، في ضوء ذلك، لا تريد أن تنفرد طالبان بالحكم في كابول، وفي حال تم ذلك فإن العلاقات بين الجانبين ستتدهور بشكل صادم.

 

 

وأعرب عبد الباقي عن أمله في أن تنجح طالبان ومختلف الأطراف الأفغانية في تجاوز العقبات والعثرات وعدم السقوط في فخ النزاع مرة أخرى، والتعلم من دروس العقود الماضية، وخاصة في التسعينيات، قبل الغزو الأمريكي.

 

وأوضح أن على طالبان مشاركة الحكم، وعلى الأطراف الأخرى عدم "الطمع بالمزيد"، مشددا على أن ذلك هو ما سيضمن نجاة البلاد من السقوط في الفوضى، التي تريدها لها الولايات المتحدة بشكل خاص، بحسبه.

 

وحذر عبد الباقي من أن فشل طالبان سينعكس سلبا على حركات مقاومة الاحتلال حول العالم، مشددا على ضرورة تعاون مختلف الأطراف معها، وإن كانت لها ملاحظات على فكر الحركة وأدائها.