صحافة دولية

NYT: تفاؤل بايدن "العنيد" يتجلى مرة أخرى بعد لقائه بوتين

تسببت نبرته في اشتباكه مع مراسلة، سخرت من تفاؤله المفرط- جيتي

اعتبر الكاتب الأمريكي، مايكل شير، في مقال نشرته صحيفة "نيويورك تايمز"، أن التفاؤل "العنيد" الذي يتسم به الرئيس جو بايدن، تجلى مجددا عقب لقائه نظيره الروسي فلاديمير بوتين، الأربعاء.

 

ولفت "شير"، في مقاله الذي ترجمته "عربي21"، إلى الفرق بين تصريحات الرجلين بعد قمة استغرقت ثلاث ساعات من المباحثات المضنية.

 

وقام الرئيس الروسي بتقديم قائمة تظلماته المعتادة إلى المراسلين، على حد تعبير الكاتب، حيث نفى مسؤولية بلاده عن الهجمات الإلكترونية التي تستهدف المصالح الأمريكية، وقال إن سجل واشنطن في مجال حقوق الإنسان أسوأ من سجل موسكو، واتهم إدارة بايدن بتعزيزات عسكرية بالقرب من أوكرانيا.

 

وفي المقابل، أظهر بايدن قدرا كبيرا من ضبط النفس خلال مؤتمره الصحفي عقب القمة، وفي حديثه لاحقا مع المراسلين تحت جناح طائرة الرئاسة قبيل مغادرته جنيف، بل إن ذلك تسبب في اشتباكه مع مراسلة، سخرت من تفاؤله المفرط.

وسلط رد بايدن على خصمه الروسي الضوء على سمة ثابتة لرئاسته: تفاؤل عنيد يقول المنتقدون إنه يصل إلى حد السذاجة المقلقة ويصر الحلفاء على أنه عنصر أساسي لإحراز تقدم.

وقال بايدن قبل ركوب طائرته، وهو يوبخ وسائل الإعلام لكونها متشككة للغاية: "لقد أبرز البلد وجها مختلفا بشأن ما كنا عليه وإلى أين نحن ذاهبون - وأشعر بالرضا حيال ذلك.. أعني، انظروا.. سوف أحيركم جميعا لأنني أعلم أنكم تريدون مني دائما أن أعرض الجانب السلبي في كل شيء".

وقال إن الشيء المهم هو أن "نبرز واجهة متفائلة" بينما تبقى واقعيا بشأن احتمالات التغيير الحقيقي على المدى الطويل.

وسأل بايدن المراسلين: "لو كنتم في موقعي، هل ستقولون: 'حسنا، لا أعتقد أن أي شيء سيحدث، سيكون هذا قاسيا حقا، أعتقد أنه سيكون أمرا سيئا حقا؟' .. هكذا ستضمن عدم حدوث أي شيء".

 

وأثنى الكاتب على سجل بايدن الطويل في العزيمة والإصرار، معتبرا أن من يستمع للمؤتمر الصحفي 

قد يستنتج أن الاجتماع مع بوتين حقق نجاحا باهرا.

 

وأشار بايدن إلى تفاهم مع روسيا لبدء العمل على اتفاقية جديدة للحد من التسلح. وقال إن الحيلة تكمن في معرفة مصالح الخصم. وقال إنه في حالة بوتين، فهو يريد "الشرعية، والحضور على المسرح العالمي.. إنهم يريدون بشدة أن تكون لهم أهمية".

 

اقرأ أيضا: سجال لافت بين بايدن وصحفية.. ومتابعون يستذكرون ترامب


هذا النوع من الإيجابية غير المقيدة تركه عرضة للاتهام بأنه ساذج، وغير راغب في رؤية الواقع الذي يحدق به عبر الطاولة. كما أنه سيثير تساؤلات حول ما إذا كان على استعداد لمواجهة التحديات التي تلوح في الأفق: العدوان الروسي على الحدود الشرقية لحلف شمال الأطلسي، والهجمات الالكترونية من داخل روسيا والتي تلحق أضرارا كبيرة، وتراجع سجل حقوق الإنسان في البلاد.


لكن من غير المرجح أن يتغير نهج بايدن، فقد حاول وضع نبرة متفائلة منذ دخوله مكتب الرئاسة. لقد دفع من أجل الشراكة بين الحزبين عند إقرار أجندته المحلية، حتى مع كون العديد من حلفائه في واشنطن، إن لم يكن معظمهم، حريصين على التخلي عن مغازلة الجمهوريين وسط قناعة متزايدة من أن وفاقا بين الحزبين لن يحصل، وفق الكاتب.


وفي جهوده لمواجهة جائحة فيروس كورونا، أعرب دائما عن اعتقاده بأن الأمريكيين سيخرجون أقوى وأكثر أمانا، بينما كان بعض خبراء الصحة أكثر حذرا في توقعاتهم. ويمكن أن يكون بايدن الأقدر على لعب دور المشجع، كما كان في أول خطاب له أمام الكونغرس.


أما في السياسة الخارجية، فبايدن دبلوماسي من المدرسة القديمة يضع ثقته في المحادثات وجها لوجه مثل تلك التي أجراها مع بوتين الأربعاء والعديد من اللقاءات التي أجراها مع قادة آخرين في قمم مجموعة السبع والناتو والاتحاد الأوروبي خلال الأسبوع الماضي.


وأصر بايدن وكبار مساعديه في السياسة الخارجية على أنهم لا يريدون "إعادة ضبط"، وهو مصطلح أصبح يمثل السذاجة المتصورة لسلف بايدن الديمقراطي، باراك أوباما، في تعاملاته مع روسيا وبوتين.


لكن نظرة بايدن إلى قمته الخاصة مع بوتين فتعكس نوعا من إعادة الضبط في الواقع، فقد بذل قصارى جهده للإصرار على عدم توجيه أي تهديدات، وعدم رفع أصوات، والحفاظ على تبادل "إيجابي" بين زعيمين لا يثقان ببعضهما البعض بعد.


المرة الوحيدة التي رفع فيها بايدن صوته خلال مؤتمره الصحفي في جنيف كانت عندما سألته كايتلان كولينز، مراسلة سي إن إن، عن سبب ثقته في أن بوتين سيغير سلوكه، فقام بايدن، الذي كان في طريقه للخروج من المؤتمر الصحفي، وقال منتقدا: "أنا لست واثقا من أنه سيغير سلوكه. [من] أين بحق الجحيم [استنتجت هذا] - ماذا تفعلين طوال الوقت؟ .. لقد قلت: ما سيغير سلوكهم هو إذا كان هناك رد فعل من بقية العالم تجاههم وقلل ذلك من مكانتهم في العالم. أنا لست واثقا من أي شيء أنا فقط أذكر حقيقة".

 

ودخل بايدن والصحفية في سجال انتهى برد قاس من طرفه، اعتذر عنه لاحقا، لكن الحدث برمته أظهر أن نهجه المتفائل سيكون محل تشكيك واسع.