قضايا وآراء

يا شباب الثورة.. في الحديث عن القدس وعنّا

1300x600
يُعلّمنا الشباب الحُرّ في فلسطين والقدس الشريف دروساً في التضحية والثبات، ويضربون أروع الأمثلة في الحفاظ على مُقدّسات المسلمين.. بعد أن ظنّ البعض أنّ الشباب انشغل عن قضايا الأمة وفرّط بها فإذا به يُحيي في نفوسنا الأمل ويزرع البشارات.. وحقّ لكل حر في هذا العالم أن يستلهم من هذه الثلة المُباركة معاني الحيوية والفداء والهمّة.

لكنّني أسمع أصواتاً من بعض شباب دول الربيع العربي، كشباب الثورة في سوريا ومصر واليمن وغيرهم، الذين ينظرون إلى حالهم وحال بلدهم وثورتهم فيتعجّلون اتّهام أنفسهم بالهزيمة والخيبة ويصفون شعوبهم بالفرقة والشتات وثورتهم بالفشل، وينشرون بين الناس القنوط والعجز.. وهذا غير صحيح وغير صحي بالمرّة لأسباب كثيرة، منها على سبيل المثال لا الحصر:

1- أنّ شباب الثورة في بلاد الربيع العربي قدموا للعالم أبهى صور الثورة والبذل والحرية والخلاص من أنظمة الاستبداد والظلم والقهر ولا زالوا يُقدّمون، وصاروا أيقونات للتضحية وقعد العالَم كلّه أمام جلال تضحياتهم يتأدّب ويتهذّب.. فلا يستصغرنّ أحدكم ثورته، ولا تفتحوا بيوتات العزاء فالأمّة ما زالت حيّة تنبض بالحق واليقين.. ولا يوجد ما يُسمّى شعب مُتفرّق مُتشرذم مُنقسم بالفطرة والطبيعة، هذه أكذوبة يُراد لها أن تصبح واقعاً مُحققاً، ولكن هيهات هيهات أن يحصل لهم ذلك بإذن الله.

2- قضايا التحرّر والكرامة مترابطة متصلة، والثورة رحم بين أهلها، فنحن لا ننظر لصمود إخواننا في فلسطين إلا كحلقة أخرى من حلقات العزة المُتعلّقة بتلابيب الثورة في سوريا، المُتضامنة مع الثورة في لبنان، المُرتبطة بثورة الشباب في العراق المتكاتفة مع شباب الثورة في الجزائر، وهكذا دواليك..

3- معركة الحق والتحرّر والكرامة ما زالت مستمرة أيها الشباب، لم تنطفئ جذوتها بعد، برغم كل ما حصل ويحصل من تخاذل وتراجع وتراخٍ على كثير من الأصعدة لكنّها ما زالت مُتّقدة.. إنّها ساعة حرجة، نعم صحيح، لكن الثبات في هذه الساعة بالذات هو محور التغيير المطلوب.. فلا تنظروا لهذه اللحظة الراهنة بما تحمله من ضعف وتعب وتتوقفوا أمامها مُستسلمين مُذعنين، ولكن فلنعمل لتلك اللحظة التي نُعيد فيها مجد الثورة وعزة بلادنا.. ومن ذاق عرف ومن عرف اغترف.

4- يُراد لشباب الأمة أن يعيشوا حالة انهزام داخلي وينشغلوا عن قضايا بلادهم وأمّتهم، وتطويع ذلك لمبررات الواقع المختلفة، واجتثاث التماسك بين أبناء البلد الواحد ابتداءً ثمّ الأمّة الكبيرة بعد ذلك، وزعزعة منظومة المبادئ والقيم لديهم، والابتعاد شيئاً فشيئاً عن مشروع التحرّر والانعتاق من الظلم والاستبداد.. فالحذر الحذر من أن نكون ترساً إضافياً في عجلة هذا المُخطط القبيح.

5- هناك دروس كثيرة يُمكن لنا أن نتعلمها من الشباب الحر في فلسطين إثر المواجهات والأحداث الأخيرة في القدس، لكن هناك درس ظاهر وواضح ويُعطي بُعداً جديداً للصراع بين الحق والباطل وهو: الأمل، نعم الأمل الذي انعقد في نفوسنا ونحن نُشاهد هبّة الجيل الذي يصفه البعض بجيل التيك توك وهو يحمل على عاتقه نداءات الساروت رحمه الله من سوريا، وصمود الرئيس الشهيد محمد مرسي من مصر، وإباء تعز الثورة في اليمن، وإرث عمر المختار في ليبيا، وصرخات المواطن التونسي: "ابن علي هرب".. هل تذكرون ذلك كلّه؟.. الأمل أيها الشباب.

6- أخيراً وليس آخرا: قضية فلسطين والقدس والأقصى هي العمود الفقري للأمّة وبوصلة الأحرار في كلّ مكان، وتيرمومتر نقيس من خلاله الاقتراب من مشروع التحرّر أو الابتعاد عنه.. هو الاختبار الحقيقي لمفهوم الأمة وشجرة الزيتون الراسخة المباركة في ظل هذا الغثاء والسيولة من حولنا.. تمسكّك بالقدس وانتصارك لفلسطين هو انتصار لقضيتك وتشبّثٌ بالحق والحرية، والعكس صحيح.

اللهم انصر المظلومين والمُستضعفين في كلّ مكان، وألهمنا صبراً ورشداً وثباتاً على الحق، وأعتق رقابنا من وطأة الاستبداد في الدنيا وحرّ النار في الآخرة.. اللهم عزة وحرية وكرامة يا الله.. آمين.