حقوق وحريات

دعوة للخرطوم لضمان استقلال التحقيق بفك اعتصام جنوب كردفان

المرصد الأورومتوسطي يتهم السلطات السودانية باعتماد سياسات ممنهجة ضد معتصمين سلميين (الأناضول)
دعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان حكومة ولاية غرب كردفان الخميس إلى ضمان أن يكون التحقيق الذي قررت إجراءه بشأن فض اعتصام محلية "الأضية" محايدًا ومستقلًا. 
 
وأكّد المرصد الأورومتوسطي ومقرّه جنيف، في بيان له اليوم أرسل نسخة منه لـ "عربي21"، على ضرورة أن تلتزم سلطات الولاية بتعيين أفراد مستقلين للتحقيق في الحادث، وأن تمنحهم الصلاحيات والموارد اللازمة لإنجاز التحقيق على نحو شفاف ومستقل.

وقال إنّه تابع بقلق فض الأمن السوداني اعتصامًا شعبيًا بمحلية الأضية بولاية غرب كردفان، ما أدى لمقتل سيدة من المعتصمين، وجرح واعتقال آخرين، وإتلاف عدد من الممتلكات العامة.

ووفق إفادات جمعها فريق المرصد الأورومتوسطي، هاجمت قوة نظامية ترتدي زي الشرطة عند الساعة الواحدة والنصف من صباح يوم الأربعاء الماضي مجموعة من المعتصمين أثناء تواجدهم أمام مباني رئاسة المحلية، واستخدمت الغاز المسيل للدموع وأسلحة نارية خفيفة من طراز "كلاشنكوف"، وأخرى ثقيلة من طراز "دوشكا"، ما أدى لمقتل السيدة "هويدا عمر حسن" وإصابة (7) آخرين بجراح متفاوتة وحرق خيام المعتصمين واعتقال عدد منهم.

وبدأ الاعتصام يوم 20 كانون الأول (ديسمبر) 2020، حيث تمثلت مطالب المعتصمين في تحسين الظروف المعيشية ومناقشة القضايا الخدمية المقدمة لهم.

وفي إفادة وثقها فريق المرصد الأورومتوسطي، قال "إسماعيل علي" (اسم مستعار)، وهو أحد المشاركين في الاعتصام: "نتيجة للاعتداءات التي وقعت صباح يوم الأربعاء أثناء الاعتصام، طالبنا بمجيء والي الولاية، ونظمنا موكبًا واتجهنا صوب مكتب المحلية لتعترضنا قوات عسكرية بإطلاق الرصاص الحي والغاز المسيل للدموع لتفريقنا، ما أدى لوقوع جرحى آخرين".

وبحسب شهود عيان، أدى التعامل الأمني العنيف مع المعتصمين إلى أحداث عنف حرق خلالها المعتصمون مقر الإدارة المحلية وعددًا من المباني الحكومية، بالإضافة إلى حرق منزل المدير التنفيذي للمحلية، وعدد من المركبات الحكومية.

من جانبه أصدر مكتب ولاية غرب كردفان بيانًا حول الأحداث قال فيه إن الولاية "ستفتح تحقيقًا في هذه الأحداث المؤسفة لمعرفة دوافع من كانوا وراءها وحصر خسائرها ومعاقبة الجناة الذين شاركوا فيها".

وأوضح الأورومتوسطي أن فض اعتصام الأضية يمثّل سياسة مكررة لدى السلطات السودانية، إذ سبق وأن نفذت منذ عزل الرئيس السابق عمر البشير في نيسان (أبريل) 2019، عدة عمليات مماثلة كان أكثرها دموية فض الاعتصام أمام مبنى القيادة العامة في الخرطوم في يونيو/حزيران 2019، ما أدى لوقوع 13 قتيلاً و116 جريحاً من المعتصمين السلميين.

ولفت المرصد الحقوقي إلى أن الاستخدام المفرط للقوة من شأنه أن يقضي على أي محاولة لممارسة الأفراد لحقهم في التجمع السلمي، ويؤشر بالضرورة على سياسة ممنهجة باستهداف التجمعات السلمية، ووأد أي مظهر احتجاج سلمي على نحو يخالف توجهات السلطات الحكومية.

وذكر أنّ السلطات الانتقالية السودانية مُلزمة باحترام حق المواطنين في حرية الرأي والتعبير والتجمع السلمي، خاصة وأنّ أحد أهم الأهداف التي وُجدت من أجلها هي تحقيق العدالة الانتقالية، وإرساء مبادئ الديمقراطية والحرية بعد عقود من الديكتاتورية.

ودعا الأورومتوسطي السلطات السودانية إلى محاسبة جميع المتورطين في استخدام العنف ضد المعتصمين، وضمان عدم إفلاتهم من العقاب، واستخلاص العبر لمنع تكرار مثل هذه الحوادث. كما طالبها بضرورة بحث مطالب المعتصمين، والتوصل إلى اتفاق من شأنه تحسين أوضاعهم المعيشية والخدمات المقدمة لهم.

وحث المرصد الأورومتوسطي السلطات السودانية على احترام القوانين المحلية والدولية التي تكفل لجميع الأفراد والكيانات حقهم في حرية الرأي والتعبير والتجمع السلمي.

وفي 12 نيسان (أبريل) الماضي، أعلنت ولاية جنوب دارفور، تعليق الدراسة في جميع مراحل التعليم الأساسية، على خلفية احتجاجات طلابية.

ويعاني السودان أزمة اقتصادية غير مسبوقة في الخبز والوقود والكهرباء.

ووفق تقرير سابق للأناضول، فإن السودان وبعد انفصال جنوب السودان في 2011، يعاني من تراجع إنتاج النفط من 450 ألف برميل يوميا إلى ما دون 100 ألف، ما دفع الخرطوم إلى استيراد أكثر من 60 بالمئة من المواد البترولية لتلبية احتياجات البلاد.

وفي 19 كانون أول (ديسمبر) 2018، اندلعت في السودان احتجاجات شعبية على تردي الأوضاع الاقتصادية، ما دفع قيادة الجيش في 11 نيسان (أبريل) من العام التالي، إلى عزل عمر البشير من الرئاسة (1989 ـ 2019).

وبدأت بالسودان، في 21 آب (أغسطس) 2019، مرحلة انتقالية تستمر 53 شهرا تنتهي بإجراء انتخابات مطلع 2024، ويتقاسم السلطة خلالها كل من الجيش وقوى مدنية وحركات مسلحة وقعت مع الخرطوم اتفاقا لإحلال السلام، في 3 تشرين الأول (أكتوبر) 2020.