حقوق وحريات

WP: محاربة الإسلام السياسي هو ما يجمع الصين ودول مسلمة

أشادت السعودية سابقا بإجراءات الصين لمكافحة "الإرهاب" - جيتي

نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالا لجوناثان هوفمان، طالب الدكتوراة بجامعة جورج ميسون، عن سبب تردد الدول ذات الغالبية المسلمة في شجب قمع المسلمين بإقليم شنغ يانغ، شمال- غرب الصين. 


وقالت إن بكين تواصل رفض الاتهامات بأنها ترتكب انتهاكات حقوق الإنسان ضد الإيغور والأقليات الأخرى بالمنطقة، مع أن هناك أدلة متزايدة عن اعتقال أكثر من مليون مسلم ومعاملتهم بقسوة. 


ووصفت البيانات الصادرة عن الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا وبقية الدول الغربية الأخرى إلى جانب تقارير الخبراء عملية القمع التي تمارسها بكين بـ "الإبادة"، لكن ماذا تقول بقية دول العالم الإسلامي؟ ففي 2019، كانت السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر من بين 37 دولة وقعت رسالة إلى مجلس حقوق الإنسان تثني فيها على "مساهمة لقضية حقوق الإنسان العالمية" بمزاعم أن الصين لجأت إلى "السلامة والأمن" بعد مواجهة "الإرهاب والنزعة الإنفصالية والتطرف" في شنغ يانغ.

 

ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي يقف فيها قادة مسلمون مع الصين في ممارساتها، فعندما زار ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الصين في 2019، أعلن أن "من حق الصين اتخاذ الإجراءات المضادة للإرهاب والتطرف لحماية الأمن الوطني".

 

اقرأ أيضا: ناشط يكشف لـ"عربي21" حقيقة ترحيل تركيا لمسلمين إيغور

وفي آذار/مارس 2019 صدر بيان عن منظمة التعاون الإسلامي أثنى على الصين "لأنها تقدم العناية لمواطنيها المسلمين". وبعد عامين تبدو العلاقة أقوى مع الصين، فقد نشرت الصحافة الصينية في آذار/مارس تقارير قالت فيها إن "السعودية تدعم بشدة الموقف الصيني الشرعي في الأمور المتعلقة بشنغ يانغ وهونغ كونغ وترفض محاولة أطراف بعينها بذر الشقاق بين الصين والعالم الإسلامي". 


وقامت السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر باعتقال المسلمين الإيغور وترحيلهم إلى الصين بناء على مطالب من بكين. ومن هنا فالسؤال، لماذا يتسامح القادة العرب مع انتهاكات الصين لسكانها المسلمين؟ ويقول إن العلاقات الاقتصادية تشرح بعضا من المواقف المثيرة للدهشة من قمع المسلمين في الصين، فهذه شريك تجاري ومستثمر وأهم زبون للنفط.

 

والشرق الأوسط منطقة جيوسياسية حيوية مهمة للصين ومبادرة الاستثمار والبنى التحتية الطموحة المعروفة بالحزام والطريق. واتخذت دول أخرى مثل إيران وتركيا وقطر مواقف غير مباشرة من قمع الصين لسكانها المسلمين.

 

وتعتمد إيران وبشدة اقتصاديا على الصين، ولهذا عبرت عن تردد من توجيه النقد لها. وفي آذار/مارس وقعت طهران وبكين على اتفاقية مدتها 25 عاما وتشتمل على مقايضة النفط بالاستثمار. ورفضت قطر انتقاد الصين علنا لكنها لم توقع على الرسالة التي وقعتها دول الغالبية المسلمة وأثنت فيها على جهود الصين في شنغ يانغ.

 

أما الحكومة التركية التي اتهمت الصين بالإبادة عام 2019 فقد عادت وخففت من لهجتها. ولأن تركيا أصبحت تعتمد بشدة على الصين اقتصاديا، فقد شجبت النقد الغربي لها باعتباره تعبيرا عن نزعة "إمبريالية".

 

ويرى الكاتب أن أبحاثه قادته إلى جانب آخر للقصة لم يتم الالتفات إليه، وهو التعاون الديني المتزايد بين الصين ودول الشرق الأوسط، مما يفسر الحماس لقمع الصين مسلميها.

 

فقد استطاعت الصين موافقة عدائها لسكانها المسلمين مع كراهية هذه الدول لأشكال معينة من الإسلام السياسي والتي تتراوح من التيار الرئيسي التي تريد من حكوماتها توسيع المشاركة الديمقراطية والقضاء على الفساد وحماية حقوق الإنسان إلى الجماعات الإسلامية الأكثر تشددا التي تعتبر الحكومات المسلمة كافرة ودمى في يد الغرب. لكن محور الصين والسعودية والإمارات ومصر لا تشترك دوله في نفس مظاهر القلق من الإسلام. 


ففي الوقت الذي تخشى فيه السعودية والإمارات ومصر أشكالا معينة من الإسلام السياسي تعتبر تحديا لشرعيتها فإن الصين تخشى فكرة كون مجتمعاتها مسلمة أو متدينة.

 

وتساءل الكاتب عن طبيعة التعاون الديني بين الصين والشرق الأوسط؟ ويجيب أن الصين في مواءمة قمعها مع العداء المستحكم للإسلام السياسي في السعودية والإمارات ومصر، فإنها كانت تحاول الحصول على شرعية من مصدر غير محتمل.

 

فهذه الدول الثلاث التي تعتمد على التجارة الصينية والاستثمار وشراء النفط لم تظل صامتة حول تقارير قمع المسلمين في شنغ يانغ بل ودافعت عن جهود الصين للسيطرة على سكانها. 


وتعتمد جهود بكين للسيطرة على الرواية الإسلامية القادمة والخارجة من الصين على جمعية مسلمي الصين، وهي المؤسسة الرسمية الحكومية المسؤولة عن الخطاب الإسلامي والنشاط. كما أنها تشرف على جهود التواصل مع الشرق الأوسط. وركزت الجمعية جهودها على "الإشادة بفرادة الإسلام الصيني وتوافقه مع أيديولوجية الحزب والتحذير في الوقت نفسه من التأثيرات الأجنبية". 


ويحضر مسؤولو الجمعية في أي زيارة يقوم بها رؤساء الدول الإسلامية أو شخصيات معروفة من الشرق الأوسط. ويعني حضورهم تأكيد الشرعية الإسلامية للجمعية.

 

وفي عام 2014 قادت الجمعية الإسلامية جهودا لمرافقة الملك سلمان (كان في حينها وليا للعهد) إلى المساجد المختلفة في الصين مما أدى لتبرع بـ3 ملايين دولار لإنشاء مراكز إسلامية وثقافية في الصين.

 

وأقامت الجمعية ونسقت برامج تبادل مع السعودية ومصر لتعليم المسلمين الصينيين "الإسلام المعتدل". وتنظم الجمعية مباشرة رحلة الحج السنوية لمسلمي الصين. 


وتعطي هذه الجهود الإرشادية والمنظمة الصين فرصة لتفادي الانتقادات الدولية حول قمعها للمسلمين. وتخدم هذه الجهود أهداف السياسة الجيو استراتيجية والاقتصادية للصين من تعميق العلاقات مع الشرق الأوسط وتقوية التحالفات مع الأنظمة التي لا تتفق مع الموقف الأمريكي أو الأوروبي من حقوق الإنسان ونشر الديمقراطية.