قضايا وآراء

أسرار الأمل الكبير في حل الأزمة النووية الإيرانية

1300x600

وصفت الولايات المتحدة محادثات فيينا بشأن الاتفاق النووي الإيراني بـ"البناءة" على الرغم من أنها لم تشارك فيها بشكل مباشر، في أول خطوة إلى الأمام في هذا الملف منذ وصول جو بايدن إلى البيت الأبيض، كما وصفت روسيا وإيران الجهود المبذولة في العاصمة النمساوية بـ"المثمرة".

ومعلوم أنه في أول تقدم ملحوظ منذ تولي جو بايدن الرئاسة في الولايات المتحدة فيما يتعلق بإيران شاركت الولايات المتحدة منذ الثلاثاء الماضي، وإن بشكل غير مباشر، في المحادثات التي انطلقت في فيينا في محاولة لإنقاذ الاتفاق الدولي حول الملف النووي الإيراني، في أول تقدم ملحوظ على هذا الصعيد منذ تولي جو بايدن الرئاسة في الولايات المتحدة. 

وقال مندوب روسيا الدائم لدى المنظمات الدولية ميخائيل أوليانوف معلقا على مشاورات فيينا "إن اجتماع اللجنة المشتركة مثمر. وجرى اللقاء برعاية الاتحاد الأوروبي واستمر نحو ساعتين وجمع موقعي الاتفاق وهم إيران وألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة والصين وروسيا". 

وأضاف مندوب روسيا بأن "إعادة تفعيل" الاتفاق المبرم في العام 2015 في فيينا والذي تعرض لخروق كثيرة بعد انسحاب الولايات المتحدة منه "لن تكون أمرا فوريا، الأمر يتطلّب وقتا"، مبرزا أن "الأهم هو أن العمل الفعلي للوصول إلى هذا الهدف قد بدأ". 

ومن جهته (الطرف الأهم) في الملف النووي أي مندوب جمهورية إيران السيد عباس عراقجي فقد صرح في فيديو نشره تلفزيون "شبكة خبر" الإيراني الرسمي: "أستطيع أن أقول إن الاجتماع بشكل عام كان بناء". 

أما الوصف الباعث على الأمل الكبير فقد جاء على لسان مندوب ألمانيا الذي قال: "دخلنا في فيينا إلى التشاور حول التفاصيل بعد التوافق على الأهداف من اجتماعنا". 

هذا الجرد الموضوعي الذي بدأنا به مقالنا حتى نوفي الخبر حقه لا يحجب كل الخلفيات والأسرار التي تكمن وراءه والتي تفسر للخبراء وللرأي العام العالمي كيف ولماذا بلغت جميع الأطراف المعنية بالملف منذ 2015.. هذا المستوى من الجنوح للسلام واختيار الحلول الدبلوماسية وحدها؟

 

السر الأول (وهو ليس سرا بالمرة) هو وصول جو بايدن لسدة البيت الأبيض مع إرادة تغيير ما اعتبره هو وناخبوه منكرا استراتيجيا يجب إنهاؤه، أي ما سماه بايدن في خطاب التنصيب يوم 20 كانون الثاني (يناير) 2021 (إعادة أمريكا إلى مدارها في فلك العلاقات الدولية) وكانت أهم عقبة أمام هذا المشروع هي رفض نتنياهو أي اليمين الإسرائيلي لأي عودة لواشنطن للإتفاق الذي وقعه أوباما وبايدن نفسه بقلم جون كيري عام 2015.

وهذا التعنت الإسرائيلي هو الذي وجب على الإدارة الديمقراطية التغلب عليه! إذن كيف؟

 

اهتدى مستشارو بايدن في شؤون الشرق الأوسط إلى حلول كشفتها كل من (واشنطن بوست) و(مركز بلومبيرغ للدراسات الدولية) وهي: "أولا تصحيح العلاقات بين الولايات المتحدة ومن منظور وضع مصالح الأمة الأمريكية فوق كل اعتبار. ثم التعامل مع اليمين الإسرائيلي الذي يمثله اليوم نتنياهو على أساس أنه لا يمثل إسرائيل على الدوام بل يمثل مرحلة راهنة من مراحل الحياة السياسية الإسرائيلية ربما ستتغير في انتخابات قادمة. وثالثا تكليف سياسيين لهم أوزانهم بإعادة إسرائيل إلى حجمها الحقيقي في السياسات الأمريكية الخارجية.

وبدأ تنفيذ هذه الخطة بتصريح غير مسبوق أدلت به عضو الكونغرس الديمقراطية والمرشحة السابقة للرئاسة السيدة (إليزابث وارن) جاء فيه: "إن واشنطن مطالبة اليوم بأن تعيد النظر في علاقاتها بإسرائيل حتى لا يتمادى تشجيعنا لها فيدفعها إلى المزيد من بناء المستوطنات في الأراضي الفلسطينية خارج قرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي الذي تعتبر واشنطن إحدى دعائمه القوية وراعية الحلول الحقيقية للقضية الفلسطينية لأن إقامة قرى يهودية سوف تجعل إقامة الدولتين أمرا مستحيلا بقطع ممزقة من أرض السلطة الفلسطينية لا رابط بينها، كما أن الصراع الطويل بين اليهود والعرب سوف يستمر ويتفاقم ويهدد السلام في المنطقة وفي العالم إذا ما تواصل دعمنا الأعمى كما كان في عهد الرئيس ترامب لكل الانتهاكات الإسرائيلية لمبدإ حل الدولتين، وهو ما سوف يورط الولايات المتحدة في قرارات لا تخدم مصالحها بل ضد مصالحها...!". 

نعم هذه تصريحات أريد لها بذكاء من الرئيس بايدن أن تمهد الطريق لإتفاق جديد ودائم بين إيران والغرب انطلاقا من لقاء (فيينا) وهو ما يفسر كذلك البرود بين أمريكا وإسرائيل والذي لاحظه الجميع حين تأخر اتصال بايدن بنتنياهو مدة أربعين يوما بعد تنصيب الرئيس الجديد.. وذكرت صحيفة (يديعوت أحرونوت) الإسرائيلية يوم الأحد الماضي أن واشنطن مستاءة من ممارسات إسرائيلية في البحر الأسود ضد أهداف إيرانية لأن الرئيس بايدن يعتبرها مقوضة لجهود السلام الغربية مع إيران.