قضايا وآراء

مصرنا الجميلة

1300x600
هناك حالة من الجدل في الشارع المصري حول المشروع المزمع إقامته. المشروع هو مخطط لمد سلسلة كباري تقطع ميادين مصر الجديدة الجميلة البديعة؛ بطرازها المعماري الفريد، الذي شيده البارون إمبان عندما بنى فيها قصره البديع.

كل هذا الجمال والسحر مهدد بالانهيار أمام زائر لا يرحم، سيحيل هذا المشروع منطقة من أجمل مناطق مصر إلى ركام من القبح. عندما أعلن أحد المسؤولين بالحكومة المصرية أن تنفيذ هذا المشروع سيتوقف؛ أعتقد أنه بنفيه هذا قد أثلج قلوب المصريين، وحسنا فعلت الحكومة.

لكن يظل السؤال: إلى متى سيظل شبح القبح ينال من جمال ما بقي أصيلا من مصر الساحرة الجميلة؟

وسط البلد الذي كان يضاهي أرقى شوارع إيطاليا.. ميدان التحرير بنافورته البديعة قبل أن تُلغى للأسف، ومقهى ريش الذي كان ملتقى مثقفي وفناني مصر قبل أن يتحول إلى مكان بارد فاتر.. سلسلة جروبي ولابس وتوماس وسيموندس ورستوران إكسلسيور الشهير، بجانب سينما مترو. كنا نرى في جروبي كبار الفنانين، عبد الوهاب يلحن لحنه الجديد عالعود. فاتن حمامة - مع حفظ الألقاب للجميع - تتناول فطورها، أحمد رمزي وأحمد مظهر يتناولان الشاي بدعة ومحبة.

كان سيموندس بحي الزمالك؛ الذي كان أيضا ملتقى كوكبة من أهل الفن والثقافة. شهد المكان العريق وقتها حضور كلٍ من عمر الشريف وأحمد رمزي وصالح سليم وعلي سالم وأحمد زكي، والمخرج إبراهيم الشقنقيري والكبير نبيل الألفي، وكاتب هذه السطور.

ولا ننسى مسرح الزمالك الذي اشتهر بلمساته الحديثة. كان للمسرح شخصية مميزة، وقد اغتنت بوجود فرقة الكوميدي المصري فؤاد المهندس وشويكار ومحمد عوض؛ وذلك في أول عمل لهم عن فرقة الفنانين المتحدين لصاحبها سمير خفاجي.

بالطبع، كان أيضا مقهى البن البرازيلي بكراسيه البنية الغامقة الوثيرة، ورائحة قهوته المميزة. نعم، كالعادة كنا ضيوفا منتظمين أيضا مع كوكبة من رجال الفن والفكر والثقافة.

ذاك المناخ الغني كان لا بد أن يفرز مبدعيه، فوجدنا ألفريد فرج، فوزي فهمي، نعمان عاشور، سعد الدين وهبة، ميخائيل رومان، وغيرهم.

نعم، إن جمال مصر بأحيائها العريقة وضواحيها، كحي المعادي وغيرها. كانت مصر جميلة فأنا لا أتصور أي محاولات تمت بقصد أو عدم قصد لإحلال القبح مكان الجمال، ولكني برغم كل المنغصات والمحبطات التي تطل علينا من حين لآخر، يوجد بداخلي هاجس قوي؛ بل يصرخ: مصرنا جميلة، وستظل جميلة رغم أي شيء.. مع محبتي.