اقتصاد دولي

كيف تأثر سوق لندن بعد أكثر من شهر على "بريكست"؟

حي المال في لندن يخسر حصصا في سوق التداول بالمشتقات والأسهم- جيتي

يواجه سوق الخدمات المالية في لندن منافسة شديدة من أمستردام في أوروبا ومن الولايات المتحدة، بعد انفصال بريطانيا فعليا عن الاتحاد الأوروبي.


وقالت وكالة "فرانس برس"، إن حي المال في لندن يخسر حصصا في سوق التداول بالمشتقات والأسهم، بعد أكثر من شهر على "بريكست".

ونشر مكتب "آي إتش إس ماركيت" دراسة الخميس، قالت إن الخدمات المالية عرفت "بريكست صعبا نسبيا" إذ لم يتم أخذها بالاعتبار في الاتفاق التجاري الموقع بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي قبيل عيد الميلاد.

وما يزيد الوضع صعوبة "عدم وجود معادلات بين النظم البريطانية والأوروبية" في ظل احتمالات ضئيلة في حلحلة الوضع، في حين أن هناك معادلات بين النظم الأمريكية والأوروبية.

وتابع المكتب في دراسته أن هذا الوضع يؤدي إلى "انتقال قسم من التداولات السابقة على المنصات البريطانية" إلى منصات أمريكية وأوروبية "ولا سيما في أمستردام وبقدر أقل في باريس"، ولو أن هذه البيانات محصورة بشهر كانون الثاني/يناير وينبغي التثبت منها مع مضي الوقت.

كذلك خلصت دراسة أجرتها صحيفة فايننشل تايمز الأربعاء إلى أن أمستردام تخطت لندن كمركز للتداول بالأسهم، فبلغ حجم المبادلات فيها 9,2 مليارات يورو في اليوم على منصات "سي بي أو إي" و"توركواز" و"يورونكست"، بزيادة أربعة أضعاف عن كانون الأول/ديسمبر.

وفي المقابل، تابعت الدراسة أن حجم المبادلات في لندن "سجل تراجعا حادا إلى 8,6 مليارات يورو، ما ينتزع من المملكة المتحدة موقعها التاريخي كأول سوق مالية أوروبية".

ومنذ اليوم الأول من التداول بعد دخول بريكست حيز التنفيذ في كانون الثاني/يناير، انتقلت مبادلات بقيمة حوالي ستة مليارات يورو إلى الأسواق الأوروبية.

وعلق أنيش بوار المحلل لدى شركة روزنبلات سيكيوريتيز على تويتر: "هذا مؤشر إلى زمن ما بعد بريكست"، مؤكدا رغم كل شيء أنه بمعزل عن الوقع الرمزي، "تبقى الوطأة ضئيلة".

ويوضح أن مديري الأصول لا يكترثون فعليا لهذه المعطيات طالما أن سيولة المعاملات مؤمنة، بل هم مهتمون بمعرفة ما إذا كانت المملكة المتحدة ستتمكن لاحقا من التعويض عن حصص السوق التي خسرتها، وإن كانت المعاملات ستشهد "تجزئة" قد تؤدي إلى ارتفاع كلفة التداول.

وقد يكون حي المال في لندن أحد القطاعات الخاسرة جراء بريكست، ما حمل مسؤوليه وكذلك حاكم بنك إنكلترا أندرو بايلي على مناشدة نظرائهم الأوروبيين أن يمنحوا العملاء البريطانيين المفاتيح التي تتيح لهم دخول السوق الأوروبية الشاسعة.

لكن رفض الالتزام بالتنظيمات الأوروبية، وهو أحد أهداف بريكست بالأساس، والخطاب حول ضرورة تخفيف أو إصلاح القواعد التي تحكم الأسواق المالية من أجل اجتذاب زبائن جدد من خارج الاتحاد الأوروبي، دفعا القادة والمفاوضين الأوروبيين إلى التمسك بمواقفهم.

ولم توافق بروكسل سوى على معادلتين من أصل عشرات المجالات المالية، إحداهما تتعلق بالمقاصّة بين المشتقات.

حواجز غير مفيدة 


وقللت رئيسة لجنة السياسة والموارد في حي المال في لندن كاثرين ماغينيس من أهمية هذه الخسارة في حصص السوق، مؤكدة: "لطالما كنا نعي أن بعض الأنشطة الموجهة إلى الاتحاد الأوروبي ستغادر حي المال بعد بريكست".

وتابعت: "غير أن عدد الوظائف التي هجرت حي المال بسبب بريكست أدنى بكثير مما كنا نتوقع، ونبقى على ثقة كبيرة بمقومات الحي الجوهرية للمستقبل".

وكانت التوقعات خلال المداولات حول الاستفتاء على الخروج من الاتحاد الأوروبي تشير بالأساس إلى خسارة ما يصل إلى خمسين ألف وظيفة، لكن بنك إنكلترا يتوقع في الوقت الحاضر أن يتراوح هذا العدد بين خمسة وسبعة آلاف وظيفة كحد أقصى.

لكن ماغينيس ذكّرت بأن لندن تبقى في موقع قوة بالنسبة للاستثمارات في التكنولوجيا المالية في أوروبا و"التمويل الأخضر". غير أنها تدعو إلى التعاون الأوروبي، وخصوصا في ظل "الانتعاش العالمي ما بعد الوباء، ولمنع الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة من إقامة حواجز غير مفيدة عبر الحدود تعوق الخدمات المالية".

وأوضحت ماغينيس، الشهر الماضي أن المواقع المالية في الاتحاد الأوروبي مثل أمستردام وباريس قد تشهد تفتيتا للمداولات في حال بالغت في منافسة لندن، وهذا ما ستستفيد منه في نهاية المطاف نيويوك وهونغ كونغ وسنغافورة.

من جانبه، يعد أندرو بايلي بـ"مستقبل مشرق" للخدمات المالية البريطانية خارج الاتحاد الأوروبي.