اقتصاد دولي

هل غيّر فيروس كورونا اقتصاد الإيجار؟

شركة "إفرست" الناشئة لتأجير الأثاث في نيويورك قد فقدت أيضا بعضًا من قاعدة عملائها- CCO

نشرت مجلة "وايرد" الأمريكية تقريرا تحدثت فيه عن التغييرات التي أحدثتها جائحة كورونا على اقتصاد الإيجار.

وقالت المجلة، في تقرير ترجمته "عربي21"، إن انتشار فيروس كوفيد-19 جعل الناس يُعيدون النظر فيما يستأجرونه. ولكن ذلك لم يدمّر سوق التأجير، وإنما غيّره. فقد خسرت العديد من الأسواق القائمة على الإيجار عملاءها أثناء اجتياح الفيروس للولايات المتحدة. وفي الوقت الذي بدأت فيه المدن في جميع أنحاء البلاد في تخفيف تدابير الحجر، كانت فترة الإغلاق قد تسببت بالفعل في انهيار بعض شركات التأجير.

واستغنت شركة الملابس البارزة "رنت ذي رنواي" عن موظفي التجزئة الذين يعملون عبر تطبيق "زوم"، في حين خفضت شركة "إير بي إن بي" العملاقة للتأجير ما يقرب من 25 بالمئة من قوتها العاملة. كما تضررت صناعة تأجير السيارات بشكل خاص، حيث فقد أكثر من ألفي موظف وظائفهم في شركة "إنتربرايز".

في غضون ذلك، كانت شركة "غلوب" تواجه تحديا كبيرا تمثّل في تجنّب الدخول في صراع قانوني مع الهيئات التنظيمية. فقد أرسلت سان فرانسيسكو تحذيرا إلى الشركة نظرا لانتهاكها على ما يبدو مرسوم المأوى في المدينة وقانون التأجير قصير الأجل، وقانون التخطيط. من جهته، قال جون كوت، مدير الاتصالات لمحامي المدينة دينيس هيريرا، إن شركة "غلوب" لا تلتزم بالنظام الصحي في المدينة، على عكس الشركات الاقتصادية الأخرى المشاركة على غرار "أوبر" و"لايفت".

 

اقرأ أيضا: "تريبيون": كارثة اقتصادية على الأبواب لهذه الدول جراء "كورونا"

وأضاف كوت أن شركة "غلوب" لم تتعاون مع التحقيق وفشلت في توفير المعلومات الأساسية المتعلقة بجرد ممتلكاتها والتدابير الوقائية التي اتّخذتها للحد من مشاكل الصحة والسلامة. وفي حال استمرت في فعل ذلك، فستُتّخذ في حقها الإجراءات اللازمة لحماية سكان سان فرانسيسكو.

وأشارت المجلة إلى أن شركة "غلوب" أصبحت تتعامل في الوقت الراهن مع العاملين عن بعد الجدد الذين يرغبون في أخذ قسط من الراحة في فترة الحجر، والذين يبحثون عن مكان هادئ لإجراء مكالمة هاتفية أو أخذ استراحة من التعليم المنزلي لأطفالهم.

وفي الحقيقة، لا تعدّ "غلوب" شركة التأجير الوحيدة التي وجدت مكانة جديدة خلال الإغلاق الناجم عن تفشي فيروس كورونا. فقد وجدت شركة "مينتل" للبحث والتسويق أن النظرة المستقبلية لشركات التأجير مُبشّرة إلى حد ما. وبالإضافة إلى حالة الطوارئ الصحية العامة، تسبب كوفيد-19 في أزمة عمل حادة. وترى غابرييل ليبرمان، مديرة الاتجاهات وأبحاث منصات التواصل الاجتماعي في شركة "مينتل"، أن شركات التأجير على استعداد للازدهار، فقد أصبح الناس أكثر حذرا بشأن الإنفاق.

وأوضحت المجلة أنه نظرا لأن الناس يميلون إلى أن يكونوا أكثر حذرًا فيما يتعلق بإنفاق الأموال أثناء فترات الركود الاقتصادي، يظن الأستاذ بجامعة نيويورك توم ميفيس أن الأشخاص قد يختارون استئجار سلع وخدمات معينة بدلاً من امتلاكها لتجنب ارتفاع أسعار المشتريات باهظة الثمن، "قد يكونون أكثر ترددًا في دفع تكاليف أولية باهظة، حتى لو كانوا قادرين على القيام بذلك".

وذكرت أن شركة "إفرست" الناشئة لتأجير الأثاث في نيويورك قد فقدت أيضا بعضًا من قاعدة عملائها المحليين المتوقعة في المدينة، مثل الطلاب الذين ينتقلون عادةً إلى مانهاتن. ومع ذلك، فقد ازدهرت أعمالها الأخرى. وكان على شركة "إفرست" أن تعيّن المزيد من الموظفين من أجل خدمة فئة جديدة من العملاء، الأشخاص الأثرياء الذين غادروا نيويورك إلى الضواحي والمناطق الريفية المجاورة ويريدون ابتياع أثاث خالي من العيوب.

وعلى الرغم من أن العديد من شركات تأجير السيارات التقليدية تكافح، إلا أن منصة "تورو" التي تتعامل بشكل مباشر مع المستهلك، تتغلب على تضرر قطاع الطيران لأن بعض المستأجرين يستخدمون في الوقت الراهن سياراتها بدلاً من وسائل النقل العامة لأداء المهام المحلية.

ونقلت المجلة عن نائب رئيس الاتصالات في شركة "تورو"، ستيف ويب، قوله إن "السوق قد تغيّر بشكل كبير، حيث كان الغالبية العظمى من الأشخاص يعتمدون على خدمات شركة "تورو" للسفر، أما الآن فقد بدأوا في استغلال خدماتها للتنقل المحلي". كما أجرت الشركة مؤخرًا استطلاع رأي للمستخدمين حول التحولات في سلوكهم ووجدت أن 13 بالمئة من السائقين كانوا يستخدمون السيارات بالفعل كمِساحات عمل متنقلة. في هذا الصدد، قال ويب "لم أكن أتوقع أن يكون المعدّل بهذا الارتفاع". لكنه أعلى من ذلك، فقد أكد ربع المشاركين رغبتهم في الحصول على "مساحة شخصية" كمحفّز لهم.

 

اقرأ أيضا: "تويوتا" تستبعد تعافي سوق السيارات.. وتتوقع انهيارا بنشاطها

وأوضحت أن هذا لا يعني أن الناس لا يعيدون النظر بجدية في سلبيات الإيجار مقابل الملكية، خاصة أنهم يستغلون الوضع الحالي لمراجعة عاداتهم الاستهلاكية على نطاق أوسع. وحسب صحيفة "وول ستريت جورنال"، فإن صانعي السيارات أبلغوا مؤخرا عن اهتمام الأمريكيين المتزايد بملكية السيارات. ومع ذلك، فإن عدم اليقين الاقتصادي الواسع الذي رافق الوباء يعني أنه من غير المرجح أن يقوم الناس بالتخلي تماما عن عادة التأجير.

وخلصت إلى أن بعض الناس يعتقدون أن الاستئجار يعدّ سبيلا للوصول إلى الخبرة والأشياء التي لا يمكنهم شراءها بشكل مباشر في الوقت الراهن. وقد أشارت أندرين روبنسون، أحد عملاء شركة "تورو" القاطنة في أتلانتا، إلى قدرتها على تحمل التكاليف كسبب رئيسي للتعامل مع الشركة أثناء الوباء. وقالت: "إنها تمنحنا خيار التباهي بعض الشيء، مما يمنحنا أسلوب حياة فاخر بميزانية مقتصدة". بشكل عام، إذا كنت تجهل ما يخبئه الغد، يمكن أن تكون الإيجارات، التي تجعل الحاضر أكثر سهولة، خيارًا منطقيًا.