سياسة عربية

طارق الزمر: هذه أسباب حل حزب "البناء والتنمية" بمصر

القضاء المصري قرر السبت حل حزب "البناء والتنمية" وتصفية أمواله- عربي21

استنكر الرئيس السابق لحزب البناء والتنمية المصري، طارق الزمر، القرار الذي أصدرته، السبت، دائرة الأحزاب السياسية بالمحكمة الإدارية العليا، بمجلس الدولة المصري، بحل حزب البناء والتنمية، وتصفية أمواله، وإحالتها إلى الخزانة العامة.


وقال الزمر، في تصريحات لـ"عربي21"،: "لم نعرف الأسباب التي بُني عليها الحكم، لكن لجنة شؤون الأحزاب كانت تقدمت بأسباب كثيرة كلها ملفقة وتوضح النية المبيتة لحل الحزب وكان أكثرها إلحاحا هو اتهام الحزب بالإرهاب دون أن يقدموا دليلا واحدا على ذلك برغم أن أنشطة الحزب وأديباته تنقض ذلك بشكل واضح".

 

وتابع: "اعتقد أن المتابع لمجريات السياسة في مصر منذ انقلاب 3 تموز/ يوليو لابد وأن يتوقع هذا القرار؛ فالنظام العسكري الحديدي لا يقبل بحال أي صوت معارض، ولو كان عاقلا، بل العقلاء هم أهم أعداؤه الذين يسعى لإقصائهم، كما يسعى دائما لتلفيق قضايا الإرهاب ووصم القوى السياسية بها، لأن هذا هو المبرر الوحيد لبقائه ولإغلاق كل منابر السياسة ومنافذ التعبير".

 

وبسؤاله عن كيفية تعاملهم مع هذا الحكم، أجاب الزمر: "القرار متروك لقيادة الحزب بالداخل؛ فقد تقدمت باستقالتي من رئاسة الحزب بعد انتخابي بشهر واحد في أيار/ مايو 2017 حينما وجدت أنهم قد استندوا لهذا الانتخاب في التحريض على حل الحزب، لكن يبدو أن نظم الاستبداد يمكنها أن تستخدم الدليل وعكسه في تحقيق مآربها".

 

ورأى الرئيس السابق لحزب البناء والتنمية المصري أن هذا الحكم الذي وصفه بـ" الجائر" من المستحيل أن يُسدل الستار على تجربة البناء والتنمية، بل على العكس "سيكون فرصة لإبراز معدن حزب البناء والتنمية، وتسليط الأضواء على تجربته المشرفة، وهي تجربة من التجارب النادرة في عالمنا العربي".

 

وأردف: "صحيح أنني حزين أن يخسر مجتمعنا هذا التجربة الواعدة في هذه الظروف حالكة الظلمة، لكني لازلت أرى أن تجربة البناء والتنمية تجربة ثرية ومهمة تفيد أي مجتمع تنتسب إليه وربما يندهش المراقبون إذا علموا أن هذا الحزب الذي استهدف بالحل هو الحزب الذي تنازل عن مقاعده في الجمعية التأسيسية للدستور عام 2012 لصالح القوى الليبرالية، وذلك كي تتوزع المقاعد بالتساوي بين الإسلاميين وغيرهم، ويتم الوصول من خلال ذلك لدستور توافقي يرضى عنه الجميع، ويلبي طموحات ثورة يناير".

 

اقرأ أيضا: القضاء المصري يقرر حل حزب "البناء والتنمية" وتصفية أمواله

وأشار إلى أن حزب البناء والتنمية قام سابقا بالإعلان عن الاستعداد للتنازل عن حصته بالكامل (12 مقعدا) ضمن تعيينات رئيس الجمهورية لأعضاء مجلس الشورى - المجلس التشريعي الوحيد يومها - وذلك لصالح القوى غير الإسلامية من الشباب والأقباط والمرأة، حتى يكون الجميع ممثلا في أهم مرحلة من مراحل استكمال الثورة".

 

وواصل الزمر حديثه: "كما أنه الحزب الذي قام بالمشاركة الفاعلة في إعادة بناء مصر الثورة، وخاصة فيما يتعلق بالتنمية المجتمعية ومشكلة الفقر والمناطق المهمشة (سيناء والصعيد ومطروح والنوبة والوادي الجديد) عبر المشاريع التي قدمها مستشار رئيس الجمهورية للتنمية المجتمعية د. أحمد عمران".

 

ولفت الزمر إلى حزبهم قدّم سابقا مشروعا كاملا للعدالة الانتقالية عبر أحد قادته، وهو الدكتور أسامة رشدي، وذلك للمجلس القومي لحقوق الإنسان في شباط/ فبراير 2013 يوم أن كانت العدالة الانتقالية مدخلا رئيسا لاستكمال الثورة والانتقال الديمقراطي، لكن بطبيعة الحال تمت عرقلته حتى وقع الانقلاب العسكري".

 

وشدّد على أن "حزب البناء والتنمية قام في شباط/ فبراير 2013 بحشد مظاهرة مليونية أمام جامعة القاهرة بعنوان (لا للعنف)، وكانت تهدف لمحاصرة ظاهرة العنف السياسي التي كانت آخذة في النمو في الشارع المصري، والذي كان يُعد أحد أهم أذرع الثورة المضادة، وقد قمت بدعوة كافة القيادات والرموز السياسية للمشاركة فيها".

 

وذكر أن حزبهم "يؤمن بالحوار الوطني، وتقدم بعدة مبادرات للحوار الوطني ولتجاوز الانقسامات السياسية التي كانت تحكم المشهد فترة حكم الرئيس الراحل محمد مرسي في شباط/ فبراير 2013، وهو الحزب الذي أعلن مبادرته لتبني مشكلات الأقباط والدفاع عنها باعتبارها مطالب وطنية وليست طائفية وذلك في أيار/ مايو 2013، وذلك حرصا على النسيج الوطني والأمن القومي، وحل جميع مشكلات الأقباط في إطار الوحدة الوطنية، وهي المبادرة التي أطلق عليها الحزب (وطن واحد وعيش مشترك)".

 

واستطرد قائلا: "وهو الحزب الذي أعلن أول مبادرة للحل السياسي والمصالحة الوطنية بعد انقلاب 3 تموز/ يوليو بهدف محاصرة الفتنة، وحذّر من الوقوع في صدامات دموية، وذلك في 5 تموز/ يوليو 2013 بطرح إجراءات الاستفتاء على الخارطتين المعلنتين (خارطة مرسي وخارطة السيسي)، لكي يكون الانتقال السياسي عبر إرادة الشعب وليس إرادة الدبابة".

 

كما أشار إلى أن "البناء والتنمية أخذ على عاتقه منذ ثورة يناير مناهضة الإرهاب ومحاصرته، وهو الذي قدم مبادراته لمحاصرة الإرهاب في سيناء، وكان بعضها بمشاركة وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي عام 2012، وآخرها في نيسان/ إبريل 2017، وهو الحزب الذي عقد ندواته في المحافظات عام 2015 مُحذرا الشباب من الفكر الداعشي الذي كان أخذا في النمو".

 

وأوضح أن حزبهم لم يكل أو يمل من الدعوة للاصطفاف الوطني والتوافق السياسي منذ الثورة وحتى اليوم، وله في ذلك مبادرات وأنشطة كثيرة، وكان بعضها بمشاركة الرئيس مرسي، وهو الحزب الذي حرص منذ استكمال تأسيسه على الاستقلال الكامل عن تشكيلات الجماعة الإسلامية، وخاصة بعد تكوين المؤتمر العام للحزب الذي أصبح مسؤولا عن كل السياسات وانتخاب القيادات برغم أن الظروف السياسية لم تمهله لإنضاج هذه التجربة، لكن يبدو أن هذه الأسباب هي ذاتها سبب الحل".