صحافة إسرائيلية

معهد إسرائيلي: خطة الضم تمس بأمننا القومي.. هذه تأثيراتها

قدر المعهد أن "خطوة الضم الجزئي ستكون ذات تأثير حاد على الساحة السياسية والعامة في إسرائيل"- جيتي

عبّر معهد إسرائيلي عن قلقه الكبير من تنفيذ خطة ضم الضفة الغربية المحتلة والأغوار، لما لها من تأثيرات استراتيجية بعيدة المدى، تمس بالأمن القومي الإسرائيلي.


وأوضح "معهد السياسات والاستراتيجية" الإسرائيلي، في تقرير له، أن "الحدود الشرقية (مع الأردن) تتميز باستقرار عظيم وهدوء، ومستوى متدن جدا من العمليات، بخلاف الماضي الذي تصدينا فيه لعشرات السنين مع جبهة شرقية معادية، لأن الاستقرار يعتمد على ثلاثة أمور؛ قدرة الجيش والاستخبارات الإسرائيلية، استقرار الأردن والتنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية".


وأكد أن "تنفيذ خطة الضم من شأنها أن تتسبب بهزة عميقة في علاقاتنا الاستراتيجية مع الأردن والسلطة؛ لأن الضم في نظر النظام الهاشمي، كلمة مرادفة لفكرة الوطن الفلسطيني البديل، أي، خراب المملكة لصالح دولة فلسطينية، وأيضا خطوة كهذه؛ هي خرق جوهري لاتفاق السلام بين الجانبين، وفي هذه الظروف، من شأن الأردن أن يمس بهذا الاتفاق".


وإضافة لما سبق، "قد ينشأ تهديد استراتيجي على استقراره الأردن الداخلي، بسبب الاضطراب المحتمل للفلسطينيين، بالتداخل مع الأزمة الاقتصادية العسيرة التي تعيشها المملكة"، بحسب المعهد الإسرائيلي الذي أكد أن "التعاون الأمني مع الأردن، يحمي الحدود الأطول لإسرائيل، ويبقيها هادئة وآمنة ويوفر لها عمقا استراتيجيا بما في ذلك حيال إيران".


تفكك تدريجي للسلطة


وفي ما يتعلق بالسلطة الفلسطينية، قال: "في ظل غياب أفق سياسي ستجد السلطة نفسها في طريق مسدود، ومن شأن الضم أن يقضي على حل الدولتين؛ وهي الفكرة التي بدونها لا يكون للسلطة حق في الوجود، وستتقلص قاعدتها الشرعية في ظل العلاقة المشحونة مع الجمهور الفلسطيني وضائقة اقتصادية متفاقمة".


ونبه أن "نجاعة التعاون الأمني مع إسرائيل ستتدهور وتضعف، وحينها سيضطر الجيش لتوظيف قوات عديدة للتصدي للاضطرابات وصيانة المنظومة الفلسطينية"، مؤكدا أنه "في حال اختفت السلطة سيكون عبء الاحتلال العسكري المباشر هائلا بأبعاده العسكرية، الاقتصادية والسياسية".


في المقابل "ستتعزز قوة ومكانة حماس وأمثالها، ممن رفضوا المسيرة السياسية، ورأوا أن البديل الوحيد ضد الاحتلال، هو طريق المواجهة (المقاومة)، وهذا يعد تهديدا استراتيجيا جسيما ومتعدد الأبعاد على إسرائيل؛ لأن تكليف الجيش بالمهمة سيأتي على حساب قدرات التصدي للتهديدات الاستراتيجية من جانب طهران وحلفائها، ويؤثر ذلك بشكل سيء على أهلية الجيش للحرب، ومن المتوقع أن يمس ذلك بشكل خطير بالمساعدة الدولية التي قد تتوقف".

 

اقرأ أيضا: هكذا قرأت صحف الاحتلال "تهديد السلطة" بحال ضم الضفة


وأكد التقرير، أن "خطوة الضم، وإن كانت رمزية وجزئية، من شأنها أن تشكل حافزا يجرف الجمهور الفلسطيني على نطاق أوسع نحو كفاح عنيف، ويخلق تراصا للصفوف بين الحكم والمجتمع، ليس قائما الآن"، لافتا أن "تفكك السلطة وتوسيع السيطرة الإسرائيلية سيؤديان، لتعظيم فكرة الدولة الواحدة التي منذ اليوم تنال تأييدا متصاعدا في الساحة الفلسطينية".


وأشار إلى أن "معظم الجمهور الفلسطيني، سيفضل المطالبة بالمساواة في الحقوق المدنية، بسبب التوقع بنضوج السياقات الديمغرافية في العقود القادمة، والتي ستقلص الأغلبية اليهودية بين النهر والبحر".


الضم واستقرار السلام


وحول علاقة خطة الضم باستقرار "السلام الإقليمي"، ذكر المعهد أنه "في أساس خطة الضم يوجد تقدير يقضي بأنه يمكن توسيع السلام حتى في ظروف الضم، وهذا وهم، لأن زعماء الدول العربية لن يهجروا الفلسطينيين، لاعتبارات التهديد على استقرارهم الداخلي، وخاصة على خلفية أزمة كورونا وضعف مكانة الولايات المتحدة".


وفي هذه الظروف، توقع أن "تعود جامعة الدول العربية إلى الصدارة، وتضع سقفا زجاجيا لتوسيع السلام مع إسرائيل"، محذرا من "الخطر من تقويض اتفاقات السلام مع مصر والأردن، كما أنه من شأن الخطوة أن تشوش على توثيق العلاقات مع دول الخليج، والتي في ضوء الأزمة الاقتصادية الناشئة في ظل كورونا، ستبدي حساسية عالية أكثر تجاه الاضطرابات الداخلية، وستخشى من خطوات من شأنها أن تحدث اهتزازات للاستقرار الداخلي وعلى رأس ذلك تطوير العلاقات مع إسرائيل".


مكانة "إسرائيل" الدولية


ومن بين التأثيرات السلبية لخطة الضم، أن "مكانة إسرائيل الدولية، ستقف في الظل الآخذ في الاستطالة لخطوة الضم، وهي المكانة التي ستتضرر"، منوها أنه "على المدى البعيد، فإن مطالبة الجمهور الفلسطيني بمساواة الحقوق المدنية ستلقى صدى قويا في الولايات المتحدة".


وتابع: "بالتأكيد في سيناريو تبادل الحكم في أمريكا، سيتعمق المس بمكانة إسرائيل كإجماع للحزبين في الولايات المتحدة، وفي الساحة الدولية، من المتوقع تصاعد أعمال الـ BDS، كما سيتضاعف أكثر ميل محكمة الجنايات الدولية للبحث في أعمال إسرائيل في المناطق، بشكل من شأنه أن يعرض جنود الجيش والإسرائيليين لأوامر اعتقال وإجراءات قضائية في الخارج".

 

اقرأ أيضا: تهديد أوروبي لـ"إسرائيل": ضم الضفة لن يمر دون رد


ونبه المعهد أنه "لا ينبغي لإسرائيل الاعتماد على الفرضية، التي تقول إن أزمة كورونا ستؤدي للتركيز المطلق من جانب الأسرة الدولية، على المشاكل الداخلية ولن تميل للانشغال بالخطوات التي تعمل عليها إسرائيل في الساحة الفلسطينية، فمعظم الدول الغربية، دخلت عملية خروج من الأزمة، التي ستترافق بزيادة التدخل في المستوى الفلسطيني-الإسرائيلي، وتثير خطوات أحادية الجانب المخاوف من التأثير على الواقع الاستراتيجي في الشرق الأوسط".


ساحة "إسرائيل" الداخلية


وقدر أن "خطوة الضم الجزئي، ستكون ذات تأثير حاد على الساحة السياسية والعامة في إسرائيل، التي تعيش منذ الآن في وضع حساس للغاية على خلفية التوتر السياسي المتواصل وآثار كورونا، إضافة للتأثير على المجتمع العربي في الداخل، الذي يوجد في أدنى مستويات التوقعات في ضوء تشكيل حكومة الوحدة التي تمنع الأمل الذي نشأ حول التأثير والاندماج الواسع للجمهور العربي في عملية اتخاذ القرارات السياسية".


وعلى هذه الخلفية، التي تضاف بحسب التقرير إلى "التوتر الاقتصادي والاجتماعي المتعاظم برعاية أزمة كورونا، يمكن أن تتطور ردود فعل حادة من جانب الجمهور العربي بما في ذلك انفجارات عنيفة".


توصيات


وفي نهاية التقرير، لفت المعهد، إلى أهمية أن "تقرر إسرائيل، أن قرار الضم من طرف واحد، هو تهديد استراتيجي لمستقبلها، أمنها وطبيعتها كدولة يهودية، وبالتالي هي ملزمة بأن تتبنى سياسة حديثة من الامتناع عن تنفيذ خطة الضم".


ورأى أنه "من الحيوي للغاية الفحص في دراسة شاملة لآثار تنفيذ خطة الضم كأساس لكل قرار في الموضوع، فلا يعقل ألا تطرح كل المواقف ذات الصلة بالحكومة والكنيست"، مشددا على ضرورة أن "تبلور إسرائيل وبشكل فوري، خطة مساعدة شاملة للأردن؛ أمنية، اقتصادية وسياسية، لغرض تعزيز أمن الحدود الشرقية".


وقدر أنه "من الحيوي الإيضاح للملك الأردني، أن خطة الوطن البديل، ليست على جدول الأعمال، كما من المهم لإسرائيل أن تعزز السلطة كجزء من جهودها الناجحة لمحاربة العنف، ومنع صعود القوى الفلسطينية (المقاومة)"، معتبرا أن "تنفيذ التوصيات أعلاه، سيعد ركيزة في التصدي لإيران في الشمال، وحماس في قطاع غزة".