سياسة عربية

هل تتسبب جائحة كورونا في تبخر حلم فقراء مصر بشنطة رمضان؟

تنتشر حاليا إعلانات تدعو المصريين للتبرع للجمعيات الخيرية والمشاركة في إعداد "شنطة رمضان"- عربي21

تنتظر ملايين الأسر المصرية من الفقراء ومعدومي الدخل، وفي المناطق الشعبية، قدوم شهر رمضان، وما يحمله من خير لهم.

وتُعد "شنطة رمضان"، إحدى أبواب الرزق الذي يتلقاه فقراء مصر، ولكن في زمن كورونا ومع مخاوف انتشاره، والحظر المفروض على حركة المواطنين، وتراجع نقل السلع بين المحافظات؛ تُثار مخاوف الفقراء من أن تختفي بسبب كورونا.

وتُمثل شنطة رمضان التي تحتوي على مواد تموينية من سكر، وزيت، ومكرونة، وأرز، وعدس، وفول، وبلح، أهمية كبيرة بالبلد الذي يعاني فيه نحو 32 بالمئة من سكانه البالغين نحو 100 مليون نسمة بالداخل، من الفقر حسب إحصاء رسمي، و60 بالمئة حسب البنك الدولي.

وبينما تقدم المولات والمحلات الكبرى شنطة رمضان بسعر ما بين 150 جنيها و200 جنيه، وحتى 400 جنيها، حيث تحتوي على مواد تموينية مع بروتين حيواني فراخ أو لحوم مجمدة؛ تتكلف الشنط الأقل كمية وجودة ونوعية ما بين 75 جنيها و100 جنيها.

وتنتشر الآن عبر الفضائيات المصرية ومواقع التواصل الاجتماعي إعلانات تدعو المصريين للتبرع للجمعيات الخيرية والمشاركة في إعداد شنطة رمضان، فيما لا توجد إحصاءات دقيقة عن عدد ما يتم توزيعه سنويا منها ولا تكلفتها السنوية.

وفي الوقت الذي تستخدم فيه بعض الأحزاب شنطة رمضان كدعاية لها، وكرشى انتخابية، حسب نشطاء، تستخدمها وقت اللزوم لدفع الفقراء نحو صناديق الانتخابات؛ إلا أنها تعد ملاذا للكثير من المحتاجين في شهر الصيام.

"عام ليس ككل الأعوام"

وحول أهمية شنطة رمضان هذا العام بالنسبة للمصريين، أكدت السيدة أم محمد، أن من كان يتعفف من الفقراء عن أخذ شنطة رمضان ولا يسعى إليها سوف يبحث عنها هذا العام، موضحة أنه "عام ليس ككل الأعوام"، بسبب الأحوال الصعبة مع أزمة كورونا.

وقالت لـ"عربي21"،: "زوجي وابني يعملان في المعمار وتعطلا عن العمل منذ شهر، وسعينا لنحصل على مبلغ الـ500 الذي أعلنت عنه الحكومة منذ أسبوعين دون فائدة، وليس أمامنا من دعم ننتظره سوى شنطة رمضان".

"الأقل منذ سنوات"

وحول مدى تأثر شنطة رمضان بجائحة كورونا، قال أحد بائعي الجملة بمنطقة الخصوص الشعبية بمحافظة القليوبية (شمال شرق القاهرة)، إن "الإقبال حتى الآن على طلب شنطة رمضان مازال محدودا بالمقارنة بالعام السابق".

 

اقرأ أيضا: كورونا.. مصر تعاقب منظمي مسيرة "طواف الكعبة" بالإسكندرية

وفي حديثه لـ"عربي21"، عزا سبب ذلك التراجع لمخاوف أصحاب الأعمال والشركات التي تقدم الشنطة لعمالها ولفقراء المناطق الشعبية من تأثير أزمة كورونا على أعمالهم.

وأشار إلى أن "الطلب للأسف على شنطة رمضان وبعيدا عن أزمة كورونا يقل كل سنة عما قبلها بسبب غلاء الأسعار"، مؤكدا أنه هذا العام "فاق الحدود، وأن بضائعهم مُكدسة في المخازن".

ويعتقد التاجر المصري، أن "الأغنياء ورجال الأعمال الذين اعتادوا تقديم شنطة رمضان خائفين من الأزمة المالية المحتملة وجميعهم يحاول الحفاظ على ما لديه من سيولة مالية وعلى دخله الحالي وأمواله للمستقبل ولن يضحي لأجل شنطة رمضان إلا بالقليل".

"حتى لا تنتشر كورونا"

وتتوقع الكاتبة الصحفية، واستشاري المشكلات الاجتماعية الدكتورة أميمة السيد، أن "تقل أعداد شنطة رمضان نوعا ما عن الأعوام السابقة، نظرا للتخوف الشديد لدى الناس من النزول والاختلاط".

وأشارت في حديثها لـ"عربي21"، أيضا إلى "شح المواد الغذائية وبداية ندرتها لتوقف عمل كثير من المصانع للحد من انتشار الفيروس بين العمال، وبالتالي نتوقع ارتفاع أكثر في أسعار السلع الغذائية والتموينية بما فيها البقوليات".

ودعت الكاتبة المهتمة بهذا الملف سنويا، القائمين على إعداد شنطة رمضان إلى "وضع زجاجة كُحول، وعبوة كمامات، وجوانتيات طبية، بكل شنطة، نظرا لظروف جائحة كورونا، وتعقيمها برش الكُحول عليها أثناء تسليم الشنطة لكل مستحق".

وطالبت أيضا القائمين على توزيع شنط رمضان بتوعية المستحقين بشكل لطيف لتحذيرهم من المرض وتعريفهم بمدى خطورته إن بدر تصرفات سلبية منهم كالتجمعات حول مقار التوزيع.

"في معدلها الطبيعي"

ولكن عضو شعبة المواد الغذائية بغرفة القاهرة التجارية أشرف حسني، يعتقد أن "شنطة رمضان لن تتأثر بشكل كبير رغم أزمة كورونا ومع استمرار حظر حركة المواطنين"، مشيرا إلى أن "موائد الرحمن وغيرها من التجمعات الرمضانية والأسرية سوف تتأثر بشدة، وبالتالي سوف يصب ذلك في زيادة شنطة رمضان".

وحول أسعار سلع شنطة رمضان، يعتقد بحديثه لـ"عربي21"، أنها "لن تشهد زيادات، وأنها في المعدل الطبيعي، وأن بعضها سوف تتأثر مبيعاته خاصة مع تغير بعض العادات الاستهلاكية بفعل كورونا بلا شك، والبعض الآخر ستحرك مبيعاتها السوق بعض الشيء مع قدوم رمضان، وتزيد من مبيعات البقالين وتجار التجزئة".

ودعا حسني، جميع رجال الأعمال والشركات ومصانع التعبئة القائمة على تجهيز وإعداد وتوزيع شنطة رمضان إلى "اتخاذ الإجراءات الصحية السليمة وفقا لتعليمات وزارة الصحة والمختصين وتعقيم المواد والشنط والكراتين حتى لا يتسبب فعل الخير هذا في نشر فيروس كورونا للفقراء وللموزعين".

وعبر مواقع التواصل الاجتماعي دعا نشطاء مصريون رجال الأعمال، وأعضاء مجلس النواب، ولاعبي كرة القدم، والفنانين، لتوفير شنطة رمضان للمتعطلين عن العمل بسبب جائحة كورونا.

 

 

 


فيما دعا آخرون لأن يتحول مشروع شنطة رمضان إلى "مبالغ مالية توزع على الفقراء كون سلع الشنطة موجودة ببطاقات التموين، وأن الأموال قد تساعد بسداد فواتير الكهرباء والمياه وشراء أدوية للمرضى".

كما طالب البعض المصريين بإخراج زكاة أموالهم الآن، وتخصيصها لشنطة رمضان إنقاذا لمن تعطلوا عن العمل.