ملفات وتقارير

مليشيات عراقية تهاجمه.. هل كُلف الكاظمي خلافا لإرادة إيران؟

الولايات المتحدة وإيران سارعا إلى الترحيب بتكليف الكاظمي رئيسا للحكومة المقبلة- تويتر

على وقع تكليفه بتشكيل الحكومة العراقية، جددت مليشيا "كتائب حزب الله" اتهاماتها لمصطفى الكاظمي، بالتورط في مقتل الجنرال الإيراني قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس، واصفة التكليف بأنه "خيانة للعراق ومؤامرة بمنزلة إعلان حرب على الشعب".

مهاجمة الكاظمي من فصيل عراقي مسلح يعدّ الأقرب إلى إيران، أثار علامات استفهام كبيرة، ذلك لأن تكليفه جاء بمباركة وتأييد جميع القوى الشيعية، وعلى رأسها تحالف "الفتح" بقيادة هادي العامري، الذي يمثل أغلب فصائل الحشد الشعبي.

ولعل التساؤل الذي بات يطرح بقوة، هو من يقف وراء تأييد تكليف الكاظمي من الطرفين المتصارعين في العراق، الولايات المتحدة أم إيران، ولا سيما أن الجانبين سارعا إلى الترحيب بتكليفه رئيسا للحكومة المقبلة؟

"انفصام شيعي"

من جهته، قال كريم النوري المتحدث السابق باسم الحشد الشعبي لـ"عربي21"، إن "إجماع القوى السياسية على اختيار مصطفى الكاظمي لا يعكس الإرادة الشعبية، وإنما هي تريد العودة إلى المحاصصة التي حُرمت منها بعض الأحزاب، لأنها كانت تأخذ جانب المعارضة".

وأضاف النوري أن "الكاظمي يبدو أنه لن يتوانى في إرضاء جميع الكتل السياسية ومنحهم المكاسب والسعي إلى عدم إغضابهم، من أجل تمشية تشكيل الحكومة وتمريرها في البرلمان".

ورأى أن "اختيار الكاظمي وضع تحالف الفتح، تحديدا في حرج شديد، لأنهم كانوا يضعون عليه أكثر من فيتو ثم قبلوا به، فحدث انفصام بين التحالف والفصائل الشيعية المسلحة، والدليل بيان كتائب حزب الله شديد اللهجة".

ولفت النوري إلى أن "تحالف الفتح فيه من يرفض الكاظمي، وآخرون وافقوا على تكليفه بتشكيل الحكومة. ولا نستطيع أن نثق بالكتل السياسية اليوم، لأنها لا تجتمع لصالح الشعب، وإنما من أجل مصالح حزبية وتقاسم للحصص".

الموقف الإيراني

وبخصوص الموقف الإيراني، قال النوري: "لا يمكن أن نحمل إيران مواقف تحالف الفتح، والقول بأنها تحاول فرض شخص بعينه رئيسا للحكومة، وإنما هي تركت للقوى الشيعية أن تختار شخصية متوافقا عليها بينهم".

وأردف قائلا: "لكن البعض يحاول الضغط على السنة والكرد بحجة رفض إيران للمرشح الفلاني من أجل إقناعهم بشخصية معينة، وأن بعض القوى السنية انساقت وراء هذه الأوهام، واعتقدت أن من يريد الحصول على مكاسب، فعليه الذهاب إلى إيران".

وأكد المتحدث السابق باسم الحشد الشعبي، أن "إيران بعد مقتل الجنرال قاسم سليماني، ليس من السهل أن تكون لها بصمات مباشرة وتتدخل في تفاصيل الملف العراقي".

ونوه إلى أن "الزرفي لم يكن أكثر اتهاما من الكاظمي الذي أثيرت حوله شبهات كثيرة من الفصائل المسلحة، لكن المعيار لدى القوى السياسية ليس القرب من الولايات المتحدة أو إيران، وإنما من يقدم لهم امتيازات أكثر".

وتابع: "الكتل السياسية رأت في الكاظمي أنه يمكن أن ينعش مكاتبهم الاقتصادية من خلال منحهم الوزارات، لأنهم كانوا يخشون من خروج الزرفي عن سيطرتهم".

"أقرب لأمريكا"

وفي السياق ذاته، رأى الباحث في الشأن السياسي سعدون التكريتي أن "الشيعة أرادوا الحفاظ على قرار ترشيح شخصية رئيس الوزراء، وألا يسلبه منهم رئيس الجمهورية برهم صالح، وهذا ما أعلنه صراحة زعيم عصائب أهل الحق قيس الخزعلي في خطاب يوم أمس الخميس".

وأضاف التكريتي في حديث لـ"عربي21" أن "الشيعة وافقوا على الكاظمي لأجل ذلك، رغم تهديدات كتائب حزب الله والعصائب بزعامة الخزعلي، واتهامه بالتواطؤ بمقتل قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس، وهذا يدل على ضعف موقفهم في هذه المرحلة ومعهم إلى حد ما الإيرانيون".

ولفت إلى أن "الكاظمي قريب إلى الولايات المتحدة أكثر منه إلى إيران، وكان الرئيس العراقي برهم صالح هو من يطرح اسمه في بداية الأمر لرئاسة الحكومة، وقيل إن السفير البريطاني كان يحث القوى السياسية العراقية لترشيحه".

وبحسب التكريتي، فإن "الكاظمي عاش فترة في إيران وكان ضمن مجموعة حزب الدعوة، ولكنه اختار لنفسه خطا آخر فسافر إلى الغرب وتنقل بين السويد ولندن، وأصبح قريبا من السياسي العراقي الراحل أحمد الجلبي".

ولفت إلى أن "الكاظمي تربطه علاقة جيدة مع دول الخليج والولايات المتحدة، وليست له علاقات جيدة مع الحشد والفصائل، ومع هذا فإنه من المتوقع أن ينال ثقة البرلمان لاتفاق الشيعة الكامل عليه".

أما التهديدات الجديدة بحق الكاظمي الصادرة من فصيل "كتائب حزب الله"، فإن الأخير ليس لديه تمثيل برلماني، وهو على خلاف سابق مع الكاظمي وسبق أن استهدفهم باعتقالات، ومن الطبيعي أن يرفضوا تكليفه، وأعتقد أنه لا يوجد خلاف شيعي وسيكون أسرع رئيس وزراء يشكل حكومته"، بحسب التكريتي.

وصرح مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر، الخميس، أن المكلف بتشكيل الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي، سيكون "رائعا بحال التزم بتحقيق السيادة للعراق ومحاربة الفساد".

وقال شينكر في تصريحات صحفية، إنه "إذا كان الكاظمي قوميا عراقيا ملتزما بتحقيق السيادة للعراق ومحاربة الفساد، فسيكون ذلك أمرا عظيما للعراق"، مردفا: "نعتقد أنه سيكون رائعا لعلاقتنا الثنائية".

يشار إلى أن الرئيس العراقي برهم صالح، كلف رئيس جهاز المخابرات مصطفى الكاظمي، الخميس، بتشكيل الحكومة المقبلة وسط حضور سياسي كبير ضم أغلب القادة السياسيين، عقب اعتذار سلفه عدنان الزرفي.

 

اقرأ أيضا: حظي بإجماع نادر.. ما حظوظ الكاظمي بتشكيل حكومة العراق؟