اقتصاد عربي

ما دلالة انخفاض احتياطي مصر النقدي 5 مليارات بشهر واحد؟

أعلن البنك المركزي أنه استخدم 5.4 مليار دولار من الاحتياطي النقدي الأجنبي للبلاد في آذار الماضي- عربي21

أثار تراجع الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية في مصر بنحو 5 مليارات دولار في شهر واحد، (بنسبة 12 بالمئة)، مخاوف خبراء ومختصين مما قد تواجهه البلاد من أزمة نقدية وغذائية في ظل استمرار جائحة كورونا العالمية، وتأثيرها على الاقتصاديات العالمية.

وأعلن البنك المركزي المصري، الأربعاء، أنه استخدم 5.4 مليار دولار من الاحتياطي النقدي الأجنبي للبلاد بشهر آذار/ مارس الماضي، وأن المتبقي من الاحتياطي الأجنبي لديه هو 40 مليار دولار، موضحا أنها تكفي لواردات 8 أشهر أخرى.

وأوضح المركزي أنه استخدم الشهر الماضي 5.4 مليار دولار لتغطية احتياجات السوق من الدولار، ولتغطية تراجع استثمارات الأجانب، ولضمان استمرار استيراد السلع الاستراتيجية، ولسداد الالتزامات الخارجية (خدمة الدين الخارجي).

وأشارت بيانات حكومية رسمية في بداية نيسان/ أبريل الجاري، إلى بلوغ الدين الخارجي لمصر بنهاية عام 2019 نحو 112.671 مليار دولار، فيما بلغ الاحتياطي من العملات الأجنبية 45.420 مليار دولار بنهاية 2019.

خبراء ومحللون أكدوا لـ"عربي21" أن ما أعلنه المركزي من أرقام حول الاحتياطي من العملة الأجنبية يثير المخاوف على أوضاع الاقتصاد المصري في ظل تراجع الاستثمار الأجنبي، وانخفاض دخل البلاد من السياحة، وقناة السويس، وتحويلات المصريين بالخارج، خاصة أن مصر يجب أن تقوم بسداد خدمة دين بنحو 18.6 مليار دولار خلال2020.

"كلام وتسكين وخداع"
وفي إجابته عن التساؤل: هل تواجه مصر أزمة نقد بعد انخفاض الاحتياطي الأجنبي؟ قال الخبير الاقتصادي الدكتور علي عبدالعزيز، إن "الأزمة هنا في المخاطرة بالتوسع في القروض الخارجية، دون خطط، ودون اعتبار للأزمات الطارئة، وبالفعل مع الأزمات القادمة قد تحدث كوارث للجنيه، وصعوبة في الحصول على الغذاء".

الأكاديمي المصري، أشار بحديثه لـ"عربي21"، إلى أن صعوبة الموقف تتزايد "في ظل ارتفاع الدين الخارجي لأكثر من 112 مليار دولار بنهاية أيلول/ سبتمبر 2019، والتزام مصر بسداد خدمة دين بنحو 18.6 مليار دولار خلال 2020، (مع اعتبار تجديد بعض منها)".

ولفت إلى أنه "في الأعوام الثلاثة القادمة، سيكون هناك التزام سنوي على مصر دفعه بنحو 10 مليارات دولار على الأقل، وذلك بالاعتماد على متوسط السداد البالغ نحو 44.6 مليار دولار، بالأعوام الخمسة السابقة من 2014 وحتى 2019".

ويعتقد ‏الأستاذ المساعد بكلية التجارة بجامعة الأزهر، أن الأزمة هنا أبعد من انتشار فيروس كورونا الذي لن يستمر، ولكن لن تكون آخر أزمات مصر"، محذرا من "انخفاض الناتج الزراعي نتيجة تشغيل وملء سد النهضة الإثيوبي، المتوقع تشغيله في كانون الأول/ ديسمبر 2020".

وتوقع الأكاديمي المصري وقوع أزمات أخرى قد تؤثر على الاحتياطي النقدي الأجنبي لمصر، مثل احتمال وقوع اضطرابات داخلية، إلى جانب المسارات السياسية والعسكرية الدولية المتوقعة بمواجهة مسارات رئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي، الإقليمية والدولية.

وقال إن "تقديرات النظام ليست في محلها عبر المخاطرة بالتوسع في القروض الخارجية لشراء السلاح، والإنفاق على مشروعات مثل تفريعة قناة السويس، والعاصمة الجديدة، بدلا من الاعتماد على استمرار التدفقات الدولارية في شكلها الطبيعي من أذون الخزانة والسندات الدولارية والمصادر الرئيسية المرنة، كتحويلات المصريين بالخارج، والصادرات، وقناة السويس، والسياحة".

وأكد الخبير المصري، أن "المخاطرة في الاعتماد على سياسية الاقتراض الخارجي أكثر كارثية مما نتخيل، في ظل وضع اقتصادي مصري قاس لا تنتج فيه مشروعات السيسي ما يطعم المصريين، ولن ينتج عنها دخل بالدولار لاستيراد احتياجات الشعب أو سداد القروض وفوائدها".

وختم بالقول، إن "انعكاس الأزمات على احتياطي الدولار ومعيشة المصريين بشكل عام قد يبدأ في نهاية 2021 وخلال 2022، خاصة في ظل عدم وجود حلول في يد النظام إلا الكلام والتسكين والخداع".

 

اقرأ أيضا: بعد خطابه الأخير.. هل أغلق السيسي الباب أمام المصالحة بمصر؟

"هذا ما حذرنا منه"
من جانبه، أشار الأكاديمي المصري الدكتور عادل دوبان، إلى أن "أهم ما ذكره بيان البنك المركزي عن أسباب انخفاض الاحتياطي من النقد الأجنبي هو تغطية تراجع استثمارات الأجانب، والمحافظ الدولية، بالإضافة إلى سداد الالتزامات الدولية الخاصة بالمديونية الخارجية للدولة (الدين قصير الأجل)".

دوبان، في حديثه لـ"عربي21"، حذر من "بيع الأجانب للأسهم في البورصة المصرية، وخروج الأموال الساخنة من البلاد، ومن عدم استطاعة الدولة الوفاء بالتزاماتها في سداد الديون قصيرة الأجل".

وأبدى تخوفه من استمرار تلك الأزمات، "في ظل توقعات بنقص موارد الدولة من العملة الصعبة؛ بسبب انخفاض تحويلات المصريين بالخارج، وتدني عائدات السياحة، وتراجع دخل قناة السويس".

"قبل الإفلاس"
من جانبه، وتعليقا على إعلان المركزي، دعا الخبير الاقتصادي المصري، محمود وهبة، الحكومة المصرية لـ"التحرك الآن قبل الإفلاس"، متوقعا أن ترغم القاهرة على التوقف عن سداد الديون.

وعبر صفحته بـ"فيسبوك"، قال إنه من الأفضل أن يتم هذا بتنسيق سابق بطلب الإعفاء من الديون الخارجية كليا أو جزئيا، خاصة أن البنك الدولي وصندوق النقد أعلنا عن مبادرة لهذا الغرض.

وتساءل: "ماذا يحدث عندما ينخفض الاحتياطي أو يتوقف تدفق المال الساخن كقروض جديدة؟".

وأوضح أن ما تبقى من الاحتياطي هو 40 مليار دولار، منها 28 مليارا قروض وودائع خليجية، ويتبقى 12 مليار دولار، منها 4 مليارات احتياطي من الذهب، وتتبقى 8 مليارات لا تكفي لاستيراد الغذاء لشهر واحد ودفع فوائد وأقساط الديون.