حقوق وحريات

تغريدة بـ "تويتر" تقود حقوقيا مصريا للسجن 3 سنوات

مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان أكد أن القضاء المصري يهين نفسه بنفسه- مواقع التواصل

قال مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان إن إحدى المحاكم المصرية أصدرت حكما غيابيا بحبس مدير المركز، بهي الدين حسن، 3 سنوات وغرامة 20 ألف جنيه، "عقابا له على رأي أبداه على موقع التواصل الاجتماعي (تويتر)، انتقد فيه تخلي النائب العام عن دوره كوكيل عن المجتمع، وانحياز النيابة العامة للأجهزة الأمنية في مواجهة المواطنين".

وأضاف، في بيان له، السبت، وصل "عربي21" نسخة منه، أن تغريدة بهي الدين حسن كانت في سياق تضامنه مع الأديب علاء الأسواني، بعد ما وصفه بالتعدي السافر على حقوقه كمواطن مصري بمطار القاهرة الدولي في آذار/ مارس 2018.

وذكر مركز القاهرة: "من المفارقة أن النائب العام السابق، الذي أمر بحفظ بلاغ سبق وتقدم به بهي الدين حسن للتحقيق في تحريض أحد الإعلاميين على قتله في برنامجه التليفزيوني، سمح في الشهر نفسه بتحريك دعوى- بناء على بلاغ من مجهول- ضد حسن، معتبرا تعبيره عن رأيه جريمة تستوجب العقاب والحبس".

وفي هذا السياق، يقول مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان: "أتمنى أن يبرهن النائب العام الجديد على أن نقدي للنائب العام السابق لا ينطبق عليه، وأنه سيكون بالفعل وكيلا عن المجتمع والدولة، وليس وكيلا عن الأجهزة الأمنية ليضفي مشروعية قانونية على انتهاكاتها للدستور والقانون وحقوق الإنسان".

 

اقرأ أيضا: ناشطة حقوقية تدعو مصر لاحترام وتنفيذ التوصيات الدولية

وكانت النيابة قد اتهمت حسن بإذاعة "أخبار من شأنها تكدير الأمن العام، وإلحاق الضرر بالمصلحة العامة، ونشر عبارات من شأنها الانتقاص من السلطة القضائية والحط من قدرها، والادعاء كذبا بتخلي النائب العام عن دوره في حماية المجتمع والتصدي لخرق القانون".

وكان حسن قد كتب تغريدة على موقع "تويتر"، قال فيها: "لم تعد مهمة النائب العام في مصر هي وقف انتهاكات الداخلية، بل صار دوره هو إضفاء الصفة القانونية والقضائية على هذه الجرائم، ولقد تخلى عن دوره كنائب عام يحمي المجتمع ليصير حاميا للاعتداء المنظم اليومي عليه"، مرفقا بها تفاصيل توقيف علاء الأسواني في مطار القاهرة وتفتيشه وحاسبه الشخصي، ومصادرة رواية "الغريب" للأديب العالمي البير كامو الحاصل على جائزة نوبل، دون سند قانوني لذلك.

 

 

 


وأوضح مركز القاهرة أن "تفاصيل وتطورات القضية -رقم 5530 لسنة 2019 جنح عابدين- تعكس مدى حدة نوازع الانتقام من حقوقيين لا يملكون سوي كلمتهم، والعبث بالقانون وبالقضاء لأغراض سياسية ضيقة"، مؤكدا أن القضاء المصري يهين نفسه بنفسه.

وأردف: "كما توضح الدرك الذي انحدر إليه أداء القضاء المصري منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي الحكم، لا سيما بعد إقراره تعديلات تشريعية ثم دستورية أحكمت سيطرته وحده على مرفق العدالة بالكامل. فلم يبالغ خبراء الأمم المتحدة عندما وصفوا في أحد تقاريرهم بعض الأحكام الصادرة عن المحاكم المصرية في السنوات الأخيرة بأنها لا تتوخي العدل، بل تشكل سخرية بالعدالة".

وأكد مركز القاهرة أن الحكم الصادر في هذه القضية في 19 أيلول/ سبتمبر 2019، الذي لم يعرف به حسن إلا مؤخرا، يُعد "حلقة جديدة في سلسلة من الإجراءات الانتقامية بحق حسن – وغيره من الحقوقيين المصريين-  بداية من التهديد المباشر بالقتل، مرورا بالتحفظ على أمواله الخاصة وأموال المركز الذي يديره ووضعه على قوائم ترقب الوصول، فضلا عن حملات التشهير والتخوين الإعلامية المستمرة بحقه، والتي تخطت حد التحريض على الكراهية إلى حد التحريض على العنف والقتل بشكل مباشر عدة مرات على شاشات التلفزيون".

وأردف: "على مدى 13 شهرا من التحقيق في الواقعة (التغريدة) لم تراع النيابة العامة أبسط قواعد القانون، حتى بدا جليا أن ثمة أوامر سياسية قد صدرت بالإدانة القصوى لحسن تنكيلا به، وفي أسرع وقت ممكن، حتى ولو أصاب ذلك إجراءات المحاكمة بالعوار بسبب الهرولة. وقد أصدرت المحكمة حكمها – غير المتسق قانونا- بالحبس والغرامة، دون أن تكلف نفسها عناء فحص سلامة إجراءات التحقيق- الباطلة قانونا- فجاء حكمها متعارضا مع أحكام الدستور وصحيح القانون".

وأصدر مركز القاهرة تعليقا قانونيا مفصلا يفند المشكلات القانونية في إجراءات التحقيق وطبيعة الاتهامات والحكم في هذه القضية، موضحا أسباب بطلان التحقيقات برمتها، التي بدأتها النيابة العامة دون الحصول على تصريح كتابي من مجلس القضاء الأعلى باعتباره أكبر سلطة في الهيكل القضائي (المجني عليه في هذه الحالة) على النحو الذي يقره القانون.

ولفت إلى "تعارض الحكم مع صحيح الدستور الذي حظر – المادة 71- توقيع عقوبة سالبة للحرية في الجرائم التي ترتكب بطريق النشر أو العلانية، ناهيك عن تطبيق الحكم المعيب للمادة 32 من قانون العقوبات بشأن العقوبة المقررة والتي جاءت غير متناسبة مع لائحة الاتهام وما يقره القانون بشأن الاكتفاء بالعقوبة الأشد قسوة دون الجمع بين عقوبة أكثر من جريمة".

وقال: "لقد تعمدت السلطة القضائية بجناحيها (النيابة والقضاء) استخدام كافة السبل غير المشروعة لإدانة حسن، ضاربة بالقانون عرض الحائط، في مثال واضح يعكس كيف هيمنت السلطة التنفيذية بأوامرها على كافة أذرع السلطة القضائية حتى باتت أحد أهم أدوات النظام الحالي لتصفية الحساب مع الحقوقيين وخصومه السياسيين والانتقام منهم بمعزل عن أحكام الدستور ومقتضيات القانون".