صحافة دولية

وول ستريت: لماذا عاد الأمريكيون وبقوة إلى السعودية؟

وول ستريت: القوات الأمريكية تعود إلى السعودية لردع هجمات إيران- جيتي

نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" تقريرا لمراسلها جارد ماسلين، تشير فيه إلى عودة القوات الأمريكية إلى السعودية، بعد رحيلها قبل 17 عاما. 

 

ويقول ماسلين في تقريره، الذي كتبه من قاعدة الأمير سلطان الجوية، إن حوالي 2500 جندي أمريكي انتشروا في القاعدة، التي تبعد 60 ميلا جنوب شرق العاصمة الرياض، ويعيشون في خيام في الصحراء. 

 

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن الجنود يطلقون من هذه القاعدة طائرات أف-16، ويحرسون بطاريات باتريوت من خلال مناوبات على مدار الساعة، لافتا إلى أنهم في أوقات الفراغ يلعبون الشطرنج أو ألعاب الفيديو، حيث تبرز لعبة مصممة على غرار فريق الكرة الأمريكية على شاشة رقيقة في قاعة الترفيه.

 

وتجد الصحيفة أن عودة القوات الأمريكية بعد عقدين من الزمان من الوجود الرمزي تعكس مظاهر القلق الأمريكي والسعودي من التهديد الذي تمثله إيران على المنطقة، مشيرة إلى قول قائد الفرقة الاستكشافية بـ 378، الجنرال جون وولكر: "نواجه عدوا ذكيا يقوم بتغذية نزاع إقليمي واستمراره، وهم جيدون في هذا الأمر". 

 

ويقول الكاتب إن انتشار القوات الأمريكية في قاعدة الأمير سلطان يعكس تغير الوجود الأمريكي في المنطقة المحيطة، في ظل سياسة الرئيس دونالد ترامب الصدامية مع إيران، وقراره سحب القوات الأمريكية من سوريا، مستدركا بأنه رغم تعهد الرئيس ترامب بفك علاقة أمريكا مع المنطقة، إلا أنه أرسل أعدادا جديدة من الجنود إليها.

 

ويلفت التقرير إلى أن القوات الأمريكية قد انتشرت في القاعدة حتى عام 2003، وبعد عقد من إرسال الولايات المتحدة أكثر من نصف مليون جندي لحماية المملكة بعد اجتياح صدام حسين للكويت عام 1990، وشن زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، الذي عارض الوجود الأمريكي في أرض الحرمين، سلسلة من الهجمات ضد الحكومة وأهداف غربية في المملكة. 

 

وتذكر الصحيفة أن مجمعا للجنود الأمريكيين في الخبر تعرض لهجوم في عام 1996، ما أدى إلى مقتل 19 من المارينز، مستدركة بأنه مع أن السلطات الأمريكية حملت إيران المسؤولية، إلا أن ابن لادن مدح الهجوم وأثنى عليه. 

 

ويفيد ماسلين بأن آخر مرة عمل فيها الجنرال وولكر في السعودية كانت في عام 1997، فقال إن "الريح والغبار هما ذاتهما". 

 

وينوه التقرير إلى أن الولايات المتحدة قررت سحب قواتها من السعودية عقب غزو العراق الذي أطاح بصدام حسين، ما أغلق فصلا مشحونا في العلاقات الأمريكية السعودية، وتم نقل القوات الأمريكية لمركز جذب جديد في المنطقة، وهو قطر، ما جعل القادة السعوديين يتنفسون الصعداء، وحررهم ذلك من عبء استقبال قوات أجنبية كان وجودها مصدرا للسخط الشعبي. 

 

وتنقل الصحيفة عن نائب وزير الدفاع السابق بول وولفويتز، قوله في تصريحات لمجلة "فانيتي فير" وقت الانسحاب: "كان وجودهم على مدى 12 عاما مصدرا للمصاعب الضخمة لحكومة صديقة"، وأضاف: "كان وجودهم أداة تجنيد كبيرة لتنظيم القاعدة". 

 

ويرى الكاتب أن ارتياح السعوديين لخروج الأمريكيين تحول إلى مصدر قلق بعد عدم وجودهم، فواحد من الأهداف المركزية للوجود الأمريكي في السعودية هو منع هجمات إيرانية متكررة، مثل الهجوم الذي تعرضت له المنشآت النفطية في أيلول/ سبتمبر 2019، الذي أدى إلى شل عملية إنتاج النفط وهدد إمداداته العالمية.

 

ويشير التقرير إلى أن المسؤولين الأمريكيين والسعوديين حملوا إيران المسؤولية، إلا أن الحكومة الإيرانية نفت أي علاقة لها بالهجوم، لافتا إلى أن طائرات دون طيار استخدمت في الهجوم، وضربت صواريخ مرة واحدة منشآت النفط في بقيق وخريص في شرق السعودية. 

 

وتورد الصحيفة نقلا عن المسؤولين الأمريكيين، قولهم الآن إنهم قاموا بتقوية الدفاعات الجوية السعودية، لدرجة تستطيع من خلالها منع هجمات غارات جوية مثل تلك التي تعرضت لها في أيلول/ سبتمبر، والفضل يعود لنشر صواريخ باتريوت في السعودية، بما فيها بطاريتا باتريوت إلى قاعدة الأمير سلطان. 

 

ويلفت ماسلين إلى أن المسؤولين الدفاعيين يعترفون بأن أنظمة باتريوت الدفاعية تكلف ملايين الدولارات، وهي أداة مكلفة لوقف صواريخ كروز رخيصة أو طائرات دون طيار. 

 

وينقل التقرير عن العقيد توم نوبل، الذي يشرف على قيادة فرقة الدفاع الجوي التي تضم صواريخ باتريوت في القاعدة، قوله: "بعيدا عن رخص الطائرات دون طيار، فإن الصدمة والضرر اللذين تتركهما الطائرات المسيرة يتفوقان على ما نراه الكلفة أو الرخص فيما يتعلق بأنظمة باتريوت الدفاعية".

 

وتنوه الصحيفة إلى أنه تم تصميم نظام باتريوت لمواجهة الصواريخ الباليستية التي تحلق على علو مرتفع، وليس صواريخ كروز التي تحلق على علو منخفض، كتلك التي استخدمت في هجمات أيلول/ سبتمبر 2019، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة أرسلت في عام 1991 أنظمة باتريوت في أثناء حرب الخليج، حيث كافح الجيش السعودي من أجل مواجهة صواريخ سكود التي كان يطلقها الجيش العراقي. 

 

ويقول الكاتب إن سربا من مقاتلات أف-15 نقل إلى القاعدة، التي تقوم بطلعات ضد تنظيم الدولة في العراق وسوريا، لافتا إلى أن السرب نقل من الإمارات العربية المتحدة، فيما نقل عدد من الجنود الأمريكيين إلى السعودية بعد قرار الرئيس دونالد ترامب سحب القوات الأمريكية من سوريا العام الماضي. 

 

ويجد التقرير أن عودة القوات الأمريكية تشير إلى ثقة القيادة السعودية، وبأنها تستطيع تجنب التطرف الذي نشأ بسبب استضافتها للقوات الأمريكية، مشيرا إلى أن حملة ضد تنظيم القاعدة وشبكتها قادت إلى سجن الآلاف من المتعاطفين معها، ووضع أعداد كبيرة في برامج لإبعادهم عن التشدد. 

 

وتقول الصحيفة إن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، حاول تخفيف القيود الاجتماعية، التي سمحت للمرأة بقيادة السيارة، وسمح بالترفيه الغربي ودور السينما والحفلات الموسيقية، مشيرة إلى أن هذا كله هو محاولة لتغيير الأعراف الثقافية وإظهار وجه حديث للبلد. 

 

ويشير ماسلين إلى أن ولي العهد اعتقل عددا من الدعاة المرتبطين برجال الدين المحافظين، واستخدم القتال ضد المتطرفين لسجن نقاد الحكومة، بينهم رجال دين معتدلون دعوا للإصلاح وعارضوا التشدد. 

 

وبحسب التقرير، فإن المشاعر المعادية لأمريكا في المملكة لم تختف بعد، ففي كانون الأول/ ديسمبر 2019 قام متدرب سعودي في قاعدة جوية أمريكية بفتح النار ضد زملائه، وقتل ثلاثة منهم، لافتا إلى أن المتدرب عبر عن آراء معادية لأمريكا من خلال منصات التواصل الاجتماعي. 

 

وتذكر الصحيفة أن وزارة الدفاع طردت 16 متدربا بعدما كشفت تحقيقات عن علاقة بعضهم بالجماعات المتطرفة، مشيرة إلى أن الحكومة السعودية لم تقل الكثير عن نشر القوات الأمريكية باستثناء إصدار بيانات مقتضبة تعلن عن وصولها. 

 

ويورد الكاتب نقلا عن سعوديين، قولهم إنهم يدعمون عودة الأمريكيين، وتقول المستشارة الطبية في جدة، سوزان إسماعيل: "أنا واثقة من أن هذا سيجعل السعودية أكثر أمنا".

ويبين التقرير أن الانتشار الأمريكي في قاعدة الأمير سلطان يظل في الوقت الحالي في حدوده الأساسية، لافتا إلى أن السعوديين سيقومون ببناء طريق لخدمة الجانب الأمريكي في القاعدة، فيما يقوم الأمريكيون بإيصال الكهرباء لخيام الجنود، واستبدال بعضها بكرفانات. 

 

وتلفت الصحيفة إلى أن الأمريكيين قاموا بتشديد الحمايات حول القاعدة في كانون الثاني/ يناير، بعد الغارة الأمريكية التي قتلت الجنرال الإيراني قاسم سليماني قرب مطار بغداد.  

 

وينقل ماسلين عن الطيارين والجنود والعاملين على نظام الصواريخ في القاعدة، قولهم إنهم يركزون على مهمتهم والظروف اليومية، مشيرا إلى أن الفترة التي سيظل فيها الأمريكيون في السعودية هي أمر يعتمد على عدد من العوامل والقرارات السياسية في واشنطن للمؤسسة العسكرية وتقييمها لحجم الوجود العسكري في المنطقة. 

 

وتختم"وول ستريت جورنال" تقريرها بالإشارة إلى قول الجنرال وولكر: "المملكة العربية السعودية اليوم مختلفة جدا عن تلك التي كانت قبل عشرين عاما".

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)