قضايا وآراء

نادية لطفي

1300x600
برحيل الفنانة المصرية نادية لطفي فقدنا قيمة كبيرة ومهمة في عالم السينما. فقد مثّلت نادية لطفي الحلم والمثال النادر للالتزام بمعناه الحرفي والفكري للكلمة.

لم تكن نادية لطفي نجمة جميلة وحاذقة وذات حضور قوي وطاغ فقط، وإنما كانت حلم الشباب والبنات في الخمسينيات والستينيات. فقد كانت بوعيها وذكائها الفطري تختار أدوارها بعناية ودقة.

وقد تنوعت هذه الأدوار من حيث الشكل والمضمون، بين التمرد والطموح، والدفاع عن حقوق المرأة؛ مما جعلها أيقونة في نظر الشباب والبنات. لقد رأوا فيها الحلم والتحرر والجرأة.

إن فن نادية لطفي كان يستند على أرضية الواقع ليرصد المتغيرات الاجتماعية والسياسية. فهي صاحبة النطارة السوداء برواية إحسان عبد القدوس، وهي البنت التي تعيش حريتها بلا حدود إلى أن تتغير؛ ليصبح لها دور ملتزم بالحياة.

وهي صاحبة فيلم قاع المدينة، الخادمة المغلوبة على أمرها، والتي تكافح لكي تحصل بالكاد على قوت يومها، لها ولزوجها المريض وأولادها، والتي تتعرض للتشهير من قِبل صاحب الشقة التي تعمل بها (محمود ياسين) كونها سرقت الساعة. ولم يأبه صاحب الشقة وطبقته والمجتمع بالتنكيل بهذه الخادمة المسكينة لمجرد ساعة مسروقة، فهم الذين أفقدوها شرفها عنوةً واغتصابا.

وهي صاحبة فيلم جيوش الشمس لشادي عبد السلام، وهو احتفاء بجنودنا البواسل؛ الذين أحرزوا نصر السادس من أكتوبر. وهي أيضا صاحبة الظهور الخاص جدا، والذي لا يتعدى لقطتين أو ثلاث في فيلم المومياء لشادي عبد السلام، احتفاء منها بقيمة الفن الحقيقي.

وكانت مناصرة لكل قضايا الإنسان في الحيز المحلي والإقليمي، فلم تتخل نادية لطفي عن التزامها بمبادئها وأفكارها يوما، ولم تتنازل عن انتقاء ولعب الأدوار الرائعة لتقديم الفن الأصيل، ولم تساوم أو تهادن في الحق يوما.

نادية لطفي رحلت، ورحل معها قبس مهم كان يرعى قيم الحق والخير والجمال.