صحافة دولية

MEE: لماذا تشن إسرائيل حربا متعمدة على الزراعة في غزة؟

يتهم المزارعون الفلسطينيون إسرائيل بشن حرب متعمدة على القطاع الزراعي في غزة- ميدل إيست آي

نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريرا للصحافية مها الحسيني، تقول فيه إن المزارعين، مثل نعيم الخيسي، قاموا برعاية وسقي أراضيهم في قطاع غزة المحاصر، في انتظار شهر كانون الثاني/ يناير لقطف المحاصيل من أراضي المزارع الشرقية القريبة من الجدار الحدودي مع إسرائيل.

 

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أنه بعد هذا الكد فإن المزارعين الفلسطينيين أفاقوا على أخبار السلطات الإسرائيلية التي قالت بأنها أفرغت خزانات مياه الأمطار، وهو ما أدى إلى إغراق المحاصيل قبل أيام قليلة من القطاف.

 

وتورد الحسيني نقلا عن وزارة الزراعة الفلسطينية، قولها إن فتح إسرائيل لبوابات السدود تسبب بأضرار تصل قيمتها إلى أكثر من 500 ألف دولار، ولمساحة تزيد على 332 هكتارا في كانون الثاني/ يناير فقط، مشيرة إلى أن هذه الأراضي الزراعية، التي تقع بالقرب من الجدار العازل، تشكل مصدر رزق لمئات العائلات الفلسطينية، وتعد المصدر الرئيسي للخضار والفواكه لقطاع غزة.

 

ويفيد الموقع بأن إغراق هذه الأراضي يأتي في وقت تقوم به القوات الإسرائيلية بإجراءات تتعمد من خلالها التأثير على الإمدادات الغذائية للقطاع المحاصر، ولإبعاد المزارعين عن أراضيهم.

 

ويلفت التقرير إلى أن الخيسي يبلغ من العمر 75 عاما، ويعمل في الزراعة منذ عام 1962، حيث كان يملك 10 هكتارات قبل عام 2005، عندما أخلت إسرائيل المستوطنات التي كانت في غزة، لكنه شاهد أراضيه تفقد لصالح المنطقة الفاصلة.

 

وقال الخيسي لـ"ميدل إيست آي": "نشأت مزارعا، عندما علمني والدي وجدي الزراعة، لكن الأمور تغيرت كثيرا منذ ذلك الحين، لقد خسرنا الكثير من أرضنا، وبالكاد نستطيع الوصول لما تبقى منها".

 

وأضاف الخيسي: "لقد زرعت محاصيل مختلفة خلال شهر أيلول/ سبتمبر الماضي، بما في ذلك الملفوف والبطاطا والبصل، وكنت أنتظر شهر كانون الثاني/ يناير لجني تلك المحاصيل، لكن بعد أن فتحت إسرائيل خزانات مياه الأمطار أربع مرات الشهر الماضي فإن المحاصيل دمرت تماما".

 

وتنوه الحسيني إلى أنه بالنسبة للخيسي فإن إغراق الأراضي الفلسطينية كان تحركا متعمدا، فقال: "تعمدت إسرائيل إغراق الأراضي الزراعية في هذا الوقت من العام بالذات بعد التأكد من أننا بذلنا جهدنا كله، وأنفقنا أموالا كثيرة لزراعة المحاصيل التي كانت جاهزة أخيرا للقطف".

 

وينقل الموقع عن الخيسي، قوله إنه خسر أكثر من 10 آلاف شيكل (2900 دولار) بسبب الأضرار التي أحدثتها عملية إغراق الأراضي، لكنه يعد نفسه محظوظا بالمقارنة مع المزارعين الآخرين، فقال: "لقد خسرت أقل بكثير من جيراني لأنني حاليا لا أملك سوى فدانين (أقل بقليل من هكتار)، لكن من يملكون أربعة أو خمسة فدادين، فإنهم خسروا الكثير".

 

وبحسب التقرير، فإن المزارع يقدر بأن الممارسات الإسرائيلية، مثل الإغراق، وتجريف السيارات العسكرية للأراضي الزراعية ورش المزروعات بالكيماويات التي تقتلها، كلفته أكثر من 111 ألف دولار عام 2004، وقال الخيسي: "يفعلون ذلك بشكل ممنهج، لأنهم يريدوننا أن نتخلى عن أرضنا ونغادر.. لكن مهما فعلوا فإننا لن نغادر، إن اعتناءنا بالأرض هو ما يبقينا أحياء".

 

وتشير الكاتبة إلى أنه بعد إغراق الأراضي بالمياه فإن المزارعين الفلسطينيين يقولون بأنهم رأوا طائرات رش المزروعات تطير فوق تلك الأراضي وترشها بالكيماويات التي يعتقد أنها مبيدات عشبية.

 

ويورد الموقع نقلا عن عارف الشمالي، قوله: "رأينا جنودا إسرائيليين يحرقون إطار سيارة بالقرب من السياج لتحديد اتجاه الريح، وعندما رأوا الدخان يتحرك باتجاه الغرب قاموا بإرسال طائرات الرش، ما يعني أنه يمكن للكيماويات أن تصل إلى مساحات كبيرة داخل غزة وتحدث أكبر أضرار ممكنة".

 

ويلفت التقرير إلى أن الجيش الإسرائيلي يدعي دائما أن مبيدات الأعشاب تستخدم في المنطقة العازلة لمنع نمو النباتات لأسباب عسكرية، إلا أن الفلسطينيين يقولون بإن هذه السياسة تتسبب بأضرار كبيرة لسكان قطاع غزة.

 

وتذكر الحسيني أن الشمالي أشار إلى أن مبيدات الأعشاب لا تتسبب فقط بخسائر مادية، بل ستكون لها أيضا عواقب وخيمة إذا أكل الناس المحاصيل التي تم رشها، مشيرة إلى أن الشمالي وأخيه يملكان 24 هكتارا من الأرض، كلها تقريبا تضررت قبل القطف في شهر كانون الثاني/ يناير، متسببة بخسائر تقدر بعشرين ألف دولار.

 

وينقل الموقع عن الشمالي، قوله إن الإسرائيليين يدعون "بأنهم يرشون مبيدات حشرية، لكن من هو الساذج الذي يصدق أنهم يعتنون بمزارعنا مجانا؟.. هذه المنطقة تغذي سكان غزة كلهم تقريبا ولذلك هم يستهدفونها.. إنهم يريدون أن يغادر المزارعون عن طريق الإثبات لهم بأن جهدهم يضيع سدى".

 

ويورد التقرير نقلا عن الخبير في الزراعة والبيئة، نزار الوحيدي، قوله بأن تخريب إسرائيل للزراعة الفلسطينية له تداعيات سياسية واقتصادية وبيئية واجتماعية، ويضيف الوحيدي أن الكيماويات التي يتم رشها لا تتلف المحاصيل فقط، لكنها تؤثر أيضا على الأرض، بالإضافة إلى أنها تضر بالحيوانات وتلوث المياه الجوفية.

 

ويقول الوحيدي لـ"ميدل إيست آي": "حتى لو أرادوا رش العطور، فإنه ليس لهم الحق في فعل ذلك دون التنسيق مع الطرف المتأثر والاتفاق على المواد التي يتم رشها وكميتها والطريقة التي ترش بها.. لماذا لا ينسقون مع الصليب الأحمر حتى لا يتأثر المزارعين وأطفالهم؟".

 

ويضيف الوحيدي: "لا نستطيع تحديد مدى سمية تلك الكيماويات؛ لأن مثل تلك الفحوصات تحتاج إلى أجهزة غير متوفرة في قطاع غزة.. وتمنع إسرائيل منعا باتا إرسال أي عينات للفحص خارج غزة".

 

وتنقل الكاتبة عن المزارع إسماعيل أبو الزور، قوله بأنه يعاني من مشكلات في التنفس لأسباب كثيرة، منها إطلاق الجنود الإسرائيليين الغاز المسيل للدموع عليه هو وابنه في الوقت الذي كانا يعملان في الحقل، 

 

ويختم "ميدل إيست آي" تقريره بالإشارة إلى قول أبو الزور إن الإسرائيليين لا يريدون لغزة أن تعتمد على منتوجاتها لتعيش، "ويمكنك القول إنه حكم على سكان القطاع بالموت البطيء".

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)