صحافة دولية

إندبندنت: هذا ما تكشفه قصة القرصنة على هاتف بيزوس

إندبندنت: قصة القرصنة على هاتف بيزوس تكشف أسرار وأكاذيب حروب السايبر- جيتي

نشرت صحيفة "إندبندنت" مقالا تحليليا لمراسلها الدبلوماسي كيم سينغوبتا، تحت عنوان "أسرار وأكاذيب وحروب السايبر: ماذا تخبرنا عملية القرصنة لهاتف جيف بيزوس عن هجمات السعودية في الخارج"، يقول فيه إن السعودية، التي رفضت تقارير عن ضلوعها في اختراق هاتف مالك شركة "أمازون"، تملك القدرات والدوافع للقيام بذلك.

ويشير سينغوبتا في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن السعودية رفضت هذه الاتهامات باعتبارها "سخيفة"، ودعت إلى تحقيق شامل حتى "يتسنى لنا الحصول على الحقائق كلها".

ويعلق الكاتب قائلا: "للوهلة الأولى يبدو أنها (السعودية) سخيفة في موقفها؛ وذلك أن حسابات مرتبطة بشكل مباشر بولي العهد محمد بن سلمان أدت دورا في هذه العملية الجريئة والخطيرة، والسؤال الذي طرحه خبراء الإنترنت والأمن الإلكتروني، هو عن السبب الذي دفع السعودية لتبني هذا الطريق مع وجود أدوات أخرى للتجسس على (أمازون) ومالكها". 

ويلفت سينغوبتا إلى أن وزير الخارجية السعودية الأمير فيصل بن فرحان آل سعود استخدم الكلمة ذاتها "سخيفة"، وذلك عند سؤاله عن هذه التقارير أثناء مشاركته في منتدى دافوس الاقتصادي، وقال: "أعتقد أن (سخيفة) هي الكلمة المناسبة، ففكرة قيام ولي العهد باختراق هاتف بيزوس هي ساذجة". 

ويستدرك الكاتب بأن "الأحداث الأخيرة تظهر أن القواعد العادية من الحذر لا يمكن تطبيقها على المملكة وعائلتها المالكة، وسيكون من الحكمة عدم التعامل مع نفيها القاطع في ظاهره، وعلى الشخص تذكر الرد السعودي على جريمة قتل جمال خاشقجي في القنصلية السعودية، وتأكيد الأخيرة أن التقارير التي تتحدث عن وفاته (غير صحيحة قطعيا ودون أساس) إلى جانب دعوتها للتحقيق، وإثبات أن شيئا من هذا لم يحدث".

ويؤكد سينغوبتا أن "التحقيقات المتعددة لم تكن جيدة للسعودية، فقد ثبت تورط الأمير محمد بن سلمان وكبار مساعديه في الجريمة، وأجبر السعوديون على الاعتراف بالمسؤولية عن قتل خاشقجي وتقطيع جثته، ولم يكن التحقيق الذي قامت به السعودية سوى محاولة للتبييض، وحكمت على خمسة من المسؤولين غير المهمين بالإعدام". 

ويقول الكاتب إنه "من المفترض أن يدعم السعوديون التحقيق الذي دعت إليه الأمم المتحدة في اختراق هاتف بيزوس، مالك صحيفة (واشنطن بوست) التي عمل فيها جمال خاشقجي". 

وينوه سينغوبتا إلى البيان المشترك للمقررين الخاصين في الأمم المتحدة في شؤون القتل خارج القانون والإعدام الفوري، أغنيس كالامار وديفيد كاي، الذي عبرا فيه عن القلق بشأن التقرير الذي يشير إلى تورط محمد بن سلمان بالتجسس على هاتف جيف بيزوس، وقالا في بيانهما إن التقرير الذي كشف عن اختراق الهاتف من خلال حسابات خاصة على "واتساب" للأمير يبدو موثوقا. 

وتذكر الصحيفة أن شركة "أف تي آي كونسالتينغ" قامت بفحص جنائي لهاتف بيزوس، ووجدت أن كميات كبيرة من البيانات بدأت تخرج من هاتف بيزوس على مدى أربعة أسابيع من تلقيه رسالة فيها فيديو من حساب ابن سلمان في منتصف عام 2018. 

ويشير الكاتب إلى أن صحيفة "الغارديان" نشرت نتائج التقرير أول مرة، وقالت إن رسالة مشفرة من حساب يستخدمه الأمير قد تكون اخترقت هاتف بيزوس، لافتا إلى أن مالك "أمازون" كتب في منشور عام 2019، قائلا إن السعودية بدأت تتعامل معه على أنه عدو؛ نظرا للمقالات التي نشرها جمال خاشقجي على صفحات "واشنطن بوست". 

 

ويفيد سينغوبتا بأن غافين بيكر، الذي يعمل مستشارا أمنيا لبيزوس، أشار إلى تورط السعوديين، وكتب في آذار/ مارس 2019 في موقع "ديلي بيست" قائلا: "توصل محققونا وعدد من الخبراء بثقة عالية إلى أن السعودية وصلت إلى هاتف بيزوس، وحصلت على معلومات خاصة". 

ويورد الكاتب نقلا عن بيزوس، قوله إن الهجوم سمح لمجلة التابلويد "ناشونال إنكويرر" بالحصول على رسائله الخاصة التي تبادلها مع مقدمة البرامج التلفزيونية لورين سانشيز، التي أقام معها علاقة عاطفية خارج إطار الزواج، مشيرا إلى أن محمد بن سلمان التقى، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز"، مع المدير التنفيذي لشركة "أمريكان ميديا إنك" ناشرة "ناشونال إنكويرر"، ديفيد بيكر في السعودية عام 2017 وظلا على تواصل. 

ويقول سينغوبتا إنه لم يكن غريبا على بيكر تقديم الخدمات لأصدقائه، ففي أثناء الحملة الانتخابية الرئاسية عام 2016 قام بشراء قصص عن العلاقات العاطفية للمرشح في وقته دونالد ترامب وقتلها، مشيرا إلى أن متحدثا باسم شركة "أمريكان ميديا إنك" أكد أن لا علاقة لشركته بأي جهة خارجية ولا السعودية، وقال محام باسم بيكر، إن الصور لم يكن مصدرها السعودية. 

ويعلق الكاتب قائلا: "لو صدقنا ما قاله بيزوس، بأن الدافع للقرصنة على هاتفه كان موجودا، لكن ماذا عن الوسائل؟ فالسعودية مثل بقية دول المنطقة على علاقة مع متعهدين أمنيين وفي دول متعددة، ومن بينها بريطانيا وإسرائيل".

ويلفت سينغوبتا إلى أن المعارضين لنظام الرياض اشتكوا من ملاحقتهم عبر برامج تجسس، مثل "بيغاسوس" الذي صنعته شركة إسرائيلية، وقدم الناشط عمر عبد العزيز المقيم في كندا دعوى ضد الشركة الإسرائيلية المصنعة للبرنامج بتهمة اختراق هاتفه، مشيرا إلى أنه في قضية منفصلة قدمت "واتساب" دعوى ضد شركة "أن أس أو غروب"، قالت فيها إن برنامجها "بيغاسوس" أصاب 1400 هاتف نقال بهدف اختراق الرسائل فيها. 

ويبين الكاتب أن علاقة السعودية مع شركات الأمن لا تقتصر على شركات السايبر، فقبل عامين ونصف، ظهرت تقارير عن محاولات مسؤولين على علاقة مع العائلة المالكة، الحصول على عقود لاغتيال أعداء المملكة، مع الجنرال قاسم سليماني الذي اغتيل في بغداد هذا الشهر. 

ويكشف سينغوبتا عن أنه تمت مناقشة هذا العرض في الرياض في آذار/ مارس 2017، بحضور نائب مدير المخابرات العامة في حينه، الجنرال أحمد عسيري، الذي عزل بعد اغتيال جمال خاشقجي، مشيرا إلى أن السلطات السعودية رفضت التعليق، وكذلك فعل محاميا رجلي الأعمال اللذين حضرا اللقاء، الأمريكي اللبناني جورج نادر، ورجل الأعمال الإسرائيلي جويل زامل. 

ويفيد الكاتب بأن صحيفة "نيويورك تايمز" نشرت من ضمن مؤسسات إخبارية تفاصيل عن هذا اللقاء، مشيرا إلى أنه في الوقت الذي رفض فيه العرض، فإن نادر أخبر السعوديين عن شركة في لندن يديرها أفراد سابقون من الوحدات الخاصة "أس إي أس" قد ترغب بالعقد، ولم يتم الكشف عن الشركة. 

ويختم سينغوبتا مقاله بالقول إن "قصة القرصنة لن تختفي، وربما كشف تحقيق عن أن تورط ولي العهد السعودي في القرصنة على هاتف جيف بيزوس (سخيف)، لكنه ربما كشف عن المزيد من المعلومات غير العادية من عالم الأسرار والأكاذيب والحرب الإلكترونية المظلمة". 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)