قضايا وآراء

هل نتركك وحيدا؟

1300x600
لا عذر لواحد منا نحن الأهل في الداخل الفلسطيني أن يقول الآن في الدنيا أو غداً يوم القيامة: لم أكن على علم بما يقوم به الاحتلال الإسرائيلي كل ثانية من اعتداء على المسجد الأقصى المبارك، وعلى من كانوا يصرون على مواصلة رباطهم التعبدي من رجال مرابطين ومن نساء مرابطات في المسجد الأقصى، وها هي مشاهد هذه الاعتداءات الإرهابية التي يواصل الاحتلال ارتكابها كل ثانية باتت تُنقل بالبث المباشر بالصوت والصورة وبجودة عالية!!

فمن منا لم يشاهد هذا الاحتلال وهو يجرّ مرابطة من ثيابها وهي تصلي ثم يضع القيود في يديها ويعتقلها، لا لسبب إلا لأنها تصلي على بقعة مباركة قريبة من مصلى باب الرحمة الذي هو جزء لا يتجزأ من المسجد الأقصى؟!

ومن منا لم يشاهد هذا الاحتلال وهو يضرب مرابطا ضرباً مبرحاً حتى أسال دماءه وأسقطه على الأرض، لا لسبب إلا لأن هذا المرابط صلى على بقعة مباركة قريبة من مصلى باب الرحمة الذي هو جزء لا يتجزأ من المسجد الأقصى المبارك؟!

ومن منا لم يشاهد هذا الاحتلال وهو يصادر إفطار الصائمين الذين باتوا يصومون تطوعاً كل يوم اثنين وخميس ويفطرون في المسجد الأقصى، لا لسبب إلا لأن هؤلاء الصائمين قد تناولوا إفطار صيامهم التطوعي على بقعة مباركة قريبة من مصلى باب الرحمة الذي هو جزء لا يتجزأ من المسجد الأقصى المبارك؟!

ومن منا من لم يشاهد الاحتلال وهو يصادر البطاقات الشخصية لصفوة من المرابطين في المسجد الأقصى ويمنعهم من الدخول إلى المسجد الأقصى لأيام وأسابيع وأشهر، لا لسبب إلا لأنهم صلّوا على بقعة مباركة قريبة من مصلى باب الرحمة الذي هو جزء لا يتجزأ من المسجد الأقصى المبارك؟!

ومن منا لم يشاهد هذا الاحتلال وهو يسوق العشرات من المرابطين والمرابطات إلى المحاكم الإسرائيلية، ثم يحكم عليهم بالسجن أو بالإبعاد عن المسجد الأقصى المبارك، لا لسبب إلا لأنهم أقاموا حلقة ذكر أو حلقة علم على بقعة مباركة قريبة من مصلة باب الرحمة الذي هو جزء لا يتجزأ من المسجد الأقصى المبارك؟!

ومن منا لم يشاهد أذرع المخابرات الإسرائيلية وهي تقتحم بيوت بعض المرابطين والمرابطات وتعيث فيها الخراب في القدس وأم الفحم وكفرقاسم وعكا وزلفة، لا لسبب إلا لأن هؤلاء المرابطين والمرابطات لا يزالون يواصلون شدّ الرحال إلى المسجد الأقصى المبارك، وإذا قيل لهم: إن زبانية الاحتلال الإسرائيلي قد جمعوا لكم فأخشوهم قالوا حسبنا الله ونعم الوكيل؟!

ومن منا من لم يرَ الدموع وهي تنحدر من عيون المرابطات في المسجد الأقصى وهي تستغيث الله أن ينصرها على علو الاحتلال؟! ومن منا من لم يسمع صرخات هؤلاء المرابطات الحرائر وهي تصيح صابرة وصامدة في وجه صلف الاحتلال الإسرائيلي: واإسلاماه؟!

ومن منا من لم يرَ الدماء وهي تفيض ناعبة من جراح المرابطين في المسجد الأقصى؟!

ثم بعد كل ذلك، أيجوز للغافل فينا أن يبقى غافلاً، وللنائم فينا أن يبقى نائماً، وللخائف فينا أن يبقى خائفاً، وللمتلعثم فينا أن يبقى متلعثما؟! أين أنتم يا عشرات الآلاف يا من كنتم تصرخون بصوت واحد في كل مهرجان من مهرجانات "الأقصى في خطر": بالروح بالدم نفديك يا أقصى؟! أما تسمعون المسجد الأقصى يصيح فيكم صارخاً: لا تتركوني وحيداً؟!

أين أنتم يا زحوف الآلاف يا من كنتم تتزاحمون للصعود على حافلات البيارق التي كانت توصلكم كل يوم إلى المسجد الأقصى؟! أما تسمعون المسجد الأقصى يهتف فيكم منادياً: إليّ يا رجال ونساء وشباب وأطفال حافلات بيارق النقب والمثلث والجليل والمدن الساحلية عكا وحيفا ويافا واللد والرملة؟! أنا المسجد الأقصى لا كذب!! أنا أولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين لا كذب!! أنا مسرى الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم لا كذب!! أنا بوابة الأرض إلى السماء لا كذب!! أنا حصن الطائفة الظاهرة على الحق إلى يوم الدين لا كذب!!

أين أنتم يا مئات الألوف يا من كنتم تملؤون المسجد الأقصى كل ليلة قدر في كل شهر رمضان بالتسبيح والتهليل والتكبير والاستغفار والدعاء!! أما تسمعون المسجد الأقصى يقعقع فيكم مجلجلا: الثبات الثبات!! الرباط الرباط !! الصبر الصبر!! المصابرة المصابرة!! الصمود الصمود!! الوفاء الوفاء!! فماذا بعد يا كل هؤلاء وأنا واحد منكم؟!

ألا نعلم كلنا أن الشجاعة صبر ساعة؟! فلنسوّي الصفوف ولنسدد الأقدام ولنسد الفُرَج، ولنزأر فوق كل حجر من ساحات المسجد الأقصى: إنا باقون ما بقي الزعتر والزيتون!!

وماذا على أحدنا لو شدّ الرحال إلى المسجد الأقصى كل صلاة مكتوبة، وإلا كل يوم، وإلا كل أسبوع، وإلا كل شهر، وإلا فهو عاق للمسجد الأقصى، أو قد يكون ممن تولى يوم الزحف.. وحذاري ثم حذاري أن نولي ظهورنا للمسجد الأقصى، لأن الله تعالى سيضربنا بفتنة عمياء صماء بكماء، تدع الحليم فينا حيرانا.

وأما المسجد الأقصى فإن لم ينتصر بنا فسينتصر بغيرنا، وأما نحن فإن لم نجتمع على نصرة المسجد الأقصى، فلن نشمّ رائحة النصر حتى نموت إلا أن يتوب الله تعالى علينا ويتداركنا برحمته!! فليقل كل واحد منا لنفسه: أقسمت يا نفس لتصبرنّ في المسجد الأقصى لتصبرنّ أو لتُكرهنّ!! وليردد كل واحد منا بفرح وسرور: فيك نحن مرابطون، ولن نخذلك أبداً!! ولن ننساك أبدا!! ولن نتركك وحيداً.