صحافة دولية

JP: لهذا على أمريكا التخلي عن السعودية والتحالف مع قطر

جيروزاليم بوست: حان الوقت لتعيد أمريكا النظر في علاقتها مع السعودية- جيتي

نشرت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية مقالا للباحث في شؤون السياسة الخارجية الأمريكية، كارلو جي في كارو، يقول فيه إن الولايات المتحدة تستطيع التخلي عن شراكتها مع السعودية، وتستبدل بها قطر بصفة الأخيرة حليفا يمكن الوثوق به ولعدد من الأسباب. 

 

ويبدأ كارو مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، بالإشارة إلى أنه من المتوقع أن تعلن وزارة الخارجية الأمريكية عن أن عملية إطلاق النار في القاعدة الجوية بنساكولا في فلوريدا، التي قام فيها متدرب سعودي الشهر الماضي هي عمل إرهابي، مشيرا إلى أن شبكة أنباء "سي أن أن" نشرت أن 12 متدربا سعوديا سيتم ترحيلهم من الولايات المتحدة بسبب المخاوف المتعلقة بالتطرف. 

 

ويعلق الكاتب قائلا إن "التحالف بين الولايات المتحدة والسعودية ظل وخلال الستة عقود الماضية من أهم ملامح السياسة الخارجية في الشرق الأوسط، ودعمت إدارات جمهورية وديمقراطية هذا التحالف دون قيود أو شروط، ونجا التحالف من حركة المحافظين الجدد، التي طالبت بتغيير الأنظمة الديكتاتورية، وهجمات 11 أيلول/ سبتمبر، التي كان غالبية منفذيها من السعوديين، ونجا من الربيع العربي الذي قام فيه المتظاهرون العرب بالثورة ضد الأنظمة الديكتاتورية". 

 

ويقول كارو إن "صورة السعودية، من منظور دوائر السياسة، تم عكسها في خيالنا بالطريقة ذاتها التي قدمها العقيد ويليام إيدي، مترجم الرئيس فرانكلين روزفلت، الذي رسم صورة للملك عبد العزيز بن سعود بصفته بطلا ملحميا وحد القبائل المختلفة، وبالنسبة لنا، الذين نعيش في القرن الحادي والعشرين، فقد تم تصوير السعودية دولة محورية لأمريكا في أمن الشرق الأوسط، وتم تدريسنا أنه لا يمكن تصور الشرق الأوسط دون السعودية". 

 

ويشير الباحث إلى أن المعاهدة التي وقعها روزفلت في 15 شباط/ فبراير 1945 كانت وراءها أربعة أسباب: التأكد من هيمنة أمريكا على الشرق الأوسط، والتأكد من تدفق النفط، وتسهيل سياسة الاحتواء، وفي الفترة الأخيرة توفير الدعم للحرب ضد الإرهاب، لافتا إلى أن المحللين ناقشوا على مدى السنين أن هذه الأسباب تجعل من التحالف مع السعودية أمرا لا يمكن الاستغناء عنه.  

 

ويستدرك كارو بأن "الحقيقة هي أن الولايات المتحدة لم تعد بحاجة للسعودية من أجل الحفاظ على هيمنتها، ولا تحتاج الولايات المتحدة إلى نفط السعودية، ولا تحتاج لها لتحتوي العراق، كما فعلت أثناء حكم صدام حسين، وتعاملت إدارة باراك أوباما بنجاح مع إيران، ولا تحتاج الولايات المتحدة للسعودية لتكون لها شريكا في الحرب ضد الإرهاب؛ لأن السعودية تصدر الوهابية حول العالم وتغذي الإرهاب والطائفية". 

 

ويقول الكاتب: "الحقيقة هي أن الوقت قد حان لتخفيض منزلة السعودية باعتبارها الشريك الاستراتيجي الرئيسي، ومن أجل ملء الفراغ فإنه يمكن للولايات المتحدة تقوية علاقاتها مع قطر، فهذه الدولة الغنية بالغاز الطبيعي يمكن أن تحل محل السعودية لعدد من الأسباب: تعد الحركة السلفية مهمة في قطر، كما هو الحال في السعودية، إلا أن قطر استطاعت دمج هذه الأيديولوجية الدينية في نسخة متسامحة وتتجنب الكراهية والعنف".

 

ويلفت كارو إلى أنه "من الناحية التاريخية فإن الحياة القطرية اعتمدت على البحر والتجارة، وقبل الصناعة النفطية اعتمد الاقتصاد القطري على صيد اللؤلؤ، وكانت مفتوحة على منطقة الخليج، حيث استقر فيها التجار الفارسيون، وفي الحقيقة فإن أهم العائلات الغنية في البلاد هي شيعية، بالإضافة إلى الداعمين المهمين للعائلة الحاكمة".

 

وينوه الباحث إلى أن "الشيعة الذين يعيشون في قطر يعاملون باحترام، ويحتلون مناصب في الحكومة، وسمح لهم بممارسة قانونهم الخاص، وهو وضع مختلف عن السعودية التي يصنف فيها الشيعة في المنطقة الشرقية بالجماعة الوكيلة لإيران، مع أن معظم العائلات الشيعية في السعودية تعيد نسبها إلى النجف وكربلاء في العراق، وليس قم في إيران". 

 

ويشير كارو إلى التسامح الديني في قطر، "فمنحت الكنائس وضعا قانونيا، وسمح للمسيحيين بممارسة شعائرهم الدينية، أما في السعودية فيمنع بناء الكنائس ويعتقل من يقبض عليهم وهم يمارسون شعائرهم الدينية في بيوتهم". 

 

ويقول الكاتب إن "قطر أثبتت أنها دولة براغماتية عندما يتعلق الأمر بالأمن والعلاقات الخارجية، فعندما احتاجت الولايات المتحدة قاعدة عسكرية بعد سحب القوات الأمريكية من السعودية في أعقاب حرب الخليج، كانت قطر هي التي قدمت أراضيها لتكون مركزا للقيادة الوسطى في الشرق الأوسط، ولم تبد السعودية استعدادا للحفاظ على وجود دائم للقوات الأمريكية على أراضيها".

 

ويلفت كارو إلى أن "قطر لم تكن بحاجة للبحث عن عدو مشترك، كما هو حال السعودية مع إيران، لتبحث عن طرق للتواصل مع إسرائيل، وفتحت قطر على خلفية النزاع الإسرائيلي اللبناني مكتب رعاية مصالح إسرائيلية، ورغم إغلاق المكتب عام 2009 إلا أنه كان تحركا غير مسبوق من دولة خليجية تجاه الإسرائيليين".

 

ويفيد الباحث بأنه "في لبنان، الذي يعاني من الحرب وعدم الاستقرار، فإن قطر أدت دورا حياديا في جهود الوساطة، أما السعودية وسوريا فقد دعمتا جماعات سياسية في النزاع، واختارت قطر جلب الأطراف السياسية كلها وتوقيع اتفاق الدوحة عام 2008، الذي أدى إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية، ورغم فشل اتفاق الدوحة في حل المشكلة البنيوية للحكم في لبنان، لكن لا يمكن تجاهل ما قامت به قطر". 

 

ويبين كارو أن "قطر حاولت استخدام مساعداتها للبنان أداة للمصالحة بين الأطراف المتعددة، بدلا من دعم حكومة حزب الله مثلا، واستهدفت عمليات الإعمار التي دعمتها قطر في جنوب لبنان المسلمين والمسيحيين، وتعد قطر الدولة الوحيدة في المنطقة التي أقامت علاقات مباشرة مع أطراف النزاع الإسرائيلي الفلسطيني كلها، وشملت جهود السلام التي بذلتها في الفترة ما بين 2006- 2007 حل الدولتين واعترافا بإسرائيل". 

 

ويعلق الكاتب قائلا إن "تجربة قطر في تعاملها مع حزب الله وإيران يمكن أن تساعد في التوصل إلى صفقة يمكن أن تمحي من خلالها التهديدات ضد إسرائيل، وفي مرحلة ما بعد اتفاقية السلام مع الفلسطينيين، وعودة جهود التنمية في الجنوب، فإنه يمكن لقطر أن تؤدي دورا في إحلال السلام، ودفع حزب الله للاعتراف بإسرائيل، وفي الوقت الذي عارضت فيه مصر دورا لقطر في النزاع الإسرائيلي الفلسطيني قبل عقد، فإنه يمكن لمصر أن تقبل بذلك لو أوقفت قطر دعمها للإخوان المسلمين". 

 

ويرى كارو أن "من الضروري أن توقف قطر دعمها للجماعة؛ لأن مصر تدعم حركة القوات الأمريكية في المنطقة، ولأنها أكبر دولة تعدادا للسكان في العالم العربي، ويمكنها أن تؤدي دورا في تعديل الخطاب الديني الذي تصدره الوهابية".

 

ويقول الباحث إن "الملك عبد الله الثاني الذي أدت بلاده دورا في مكافحة التطرف كان مترددا في مواجهة الإخوان المسلمين، الذين أدوا دورا سياسيا في الأردن، ورغم دعمهم لوالده الملك حسين في الخمسينيات والسبعينيات من القرن الماضي، ودعمهم له في المواجهة مع منظمة التحرير الفلسطينية، إلا أن الضغوط التي فرضت على الإسلاميين أدت إلى تفككهم وإضعافهم". 

 

ويشير كارو إلى أنه "في ظل خطة جارد كوشنر فإن الولايات المتحدة هددت بالضغط على عمان، وبدلا من ذلك فإنه يجب على الحكومة الأمريكية زيادة الدعم للأردن، وبمساعدة من قطر، لتخفيف تأثير السعودية على الأردن". 

 

ويلفت الكاتب إلى أن "المخابرات الأمريكية بدأت في الأردن بدعم المقاتلين المعارضين لنظام بشار الأسد، ودعمت قطر جماعات مقاتلة ضد النظام، ومن هنا فهي لديها اتصالات ومعلومات لحماية الأمن الغربي، وليس السعودية". 

 

ويختم كارو مقاله بالقول إنه "في حال قررت أمريكا استبدال السعودية بقطر لتكون شريكا رئيسيا، فإنه يمكن أن تخفف دعمها للإخوان بشكل يسهم بنزع التوتر مع مصر، وربما أسهمت بحل سلمي مقبول لإسرائيل، ولو زادت أمريكا الدعم للأردن فيمكنه قبول تغيير الوضع القائم في القدس".

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)