سياسة عربية

شبهات فساد واحتكار في استيراد مصر للحوم الحلال

ارتفع أسعار اللحوم الأمريكية المصدرة إلى مصر حوالي 13 جنيها للكيلو- جيتي

كشف موقع "مدى مصر" عن وجود شبهات فساد واحتكار في قرار وزارة الزراعة المصرية قصر إصدار شهادات اللحوم الحلال التي تُورد للسوق المحلي على شركة واحدة هي الشركة المصرية الإسلامية IS EG.

وفي التحقيق الذي عملت عليه "مدى مصر" تبين أن الشركة المصرية الإسلامية هي شركة حديثة تأسست في نوفمبر 2017، وأنها لا تملك خبرات سابقة في إصدار شهادات الذبح الحلال، أو أي تعاملات سابقة مع مصنعي اللحوم أو شركات الشهادات في الولايات المتحدة الأمريكية، ولم تبدأ نشاطها الفعلي إلا في آيار/مايو هذا العام مع إصدار القرار.

ولفتت إلى أن الشركة وبعد أيام من قرار وزارة الزراعة المصرية قررت "قررت رفع رسوم إصدار الشهادات في أمريكا الشمالية. وبسبب حجم الواردات الكبير من اللحوم الحمراء لمصر، ترتفع عائدات هذه الشهادات إلى عشرات الملايين من الدولارات.

 

اقرأ أيضا: محمد علي: السيسي انقلب ضد رئيس منتخب وسنغير نظامه


وبحسب تقرير لوزارة الزراعة الأمريكية، أدى القرار لارتفاع أسعار اللحوم الأمريكية المصدرة إلى مصر حوالي 13 جنيها للكيلو بعد تطبيق القرار.

وفي إطار التحقيق، ذكر الموقع أن الشركة "ضاعفت رسوم شهادة الحلال في الولايات المتحدة من 200 دولار إلى أكثر من 5000 دولار للحاوية (27 طنا)، ومن 250 إلى 1500 دولار في أمريكا الجنوبية"، وهما المنطقتان الرئيسيتان اللتان تستورد منهما مصر "اللحم الحلال".

ويشير التحقيق إلى وجود صلات للشركة بجهات حكومية متنفذة، والتي بدورها تستفيد من عائدات وأرباح الشركة المالكة حصرا لإصدار شهادة اللحم الحلال، وذلك بعد استثناء "غير مبرر" لعدد من الشركات التي كانت تعمل في هذا المجال خلال السنوات الماضية.


وتاليا النص الكامل لتحقيق كما ورد بموقع "مدى مصر":

تمتلئ المتاجر حول العالم -وفي مصر- بمئات المنتجات الغذائية التي تحمل علامة «حلال». جمهور المستهلكين

الأساسي لهذه المنتجات من المسلمين، تطمئنهم شهادة «حلال» المطبوعة على مختلف هذه المنتجات أنها لم تُعد ولا تحتوي على ما يخالف أحكام الشريعة الإسلامية.

مثلًا، فيما يتعلق باللحوم، تعني شهادة «حلال» أنها ذُبحت طبقًا للشريعة الإسلامية. الحصول على تلك الشهادة هو الضامن الأهم للشركات المُصدرة لنفاذ منتجاتها للأسواق التي يمتلك فيها مسلمون قوة شرائية.

تستورد مصر نوعين رئيسيين من اللحوم الحمراء، أغلبها مجمدة (والباقي مبرد). تأتي البرازيل على رأس الدول المصدرة للحوم الحمراء المجمدة لمصر بمقدار تجاوز 171 ألف طن عام 2018، وفقًا لتقرير الملحق الزراعي بالسفارة الأمريكية في القاهرة. بينما بلغت حصة الولايات المتحدة من واردات اللحوم ومشتقاتها نحو 62.2 ألف طن في نفس العام. كل هذه اللحوم تحتاج إلى شهادة لإثبات أنها «حلال».

الشروط المصرية للحصول على الشهادة عديدة ومعقدة، بحسب وصف مدير إحدى شركات إصدار الشهادة في الولايات المتحدة الأمريكية، تحدث إلى «مدى مصر»، لكنه لا يجد مشكلة في تنفيذها لضمان دخول منتجاته لمصر ذات السوق الكبير.

كان هذا حتى مايو الماضي. بدأت المشاكل من الولايات المتحدة الأمريكية بعدما قررت وزارة الزراعة قصر إصدار شهادات اللحوم الحلال التي تورد للسوق المحلي على شركة واحدة هي الشركة المصرية الإسلامية IS EG.

بعد خمسة أشهر، صدر قرار مماثل بإعطاء نفس الشركة دون غيرها حق إصدار الشهادات في أمريكا الجنوبية أيضًا، والتي تعتبر المصدر الأساسي للحوم المستوردة في السوق المحلي.

الشركة كانت ولا تزال مجهولة بالنسبة للعديد من المتعاملين في السوق، بداية من المصدرين الأجانب والمستوردين المصريين، وحتى الحكومات الأجنبية. تقرير الملحق الزراعي بالسفارة الأمريكية قال إن الشركة المصرية الإسلامية «IS Eg» -غير الحكومية- هي شركة حديثة تأسست في نوفمبر 2017، وأنها لا تملك خبرات سابقة في إصدار شهادات الذبح الحلال، أو أي تعاملات سابقة مع مصنعي اللحوم أو شركات الشهادات في الولايات المتحدة الأمريكية، ولم تبدأ نشاطها الفعلي إلا في مايو هذا العام مع إصدار القرار.

بعد أيام من قرار وزارة الزراعة، قررت الشركة رفع رسوم إصدار الشهادات في أمريكا الشمالية. وبسبب حجم الواردات الكبير من اللحوم الحمراء لمصر، ترتفع عائدات هذه الشهادات إلى عشرات الملايين من الدولارات. وبحسب تقرير لوزارة الزراعة الأمريكية، أدى القرار لارتفاع أسعار اللحوم الأمريكية المصدرة إلى مصر حوالي 13 جنيهًا للكيلو بعد تطبيق القرار.

وثائق متنوعة حصل عليها «مدى مصر»، ومصادر متنوعة تحدثت إلينا، كشفت عن معلومات حول الشركة الجديدة وملاكها، وعلاقات عمل تربطها بشركة أخرى تمتلكها «جهة سيادية» رسمية مصرية. كما أوضحت الطريقة التي تدير بها الشركتان احتكارها الجديد لإصدار الشهادات.

شركات إصدار شهادات الحلال هي شركات مسجل لديها جزارين مسلمين، تتعاقد معهم الشركة المُستوردة في مصر لذبح كمية معينة من اللحوم بما يتوافق مع تعاليم الشريعة الإسلامية، كما يشرح يوسف شلبي، رئيس الإدارة المركزية للحجر البيطري السابق، في تصريحات صحفية.

تخضع هذه الشركات لإشراف لجنة فحص وتفتيش من وزارة الزراعة، تزور المجازر للتأكد من استيفائها للشروط المصرية واعتمادها لدى السفارة المصرية في الدولة المُصدرة، ثم تتابع شحنات اللحوم القادمة إلى مصر.

وفقًا للموقع الرسمي للهيئة العامة المصرية للمواصفات والجودة، تُجرى مراجعة دورية لإجراءات شركات إصدار الشهادات ينتج عنها إما الموافقة على تحرير العقد أو الرفض المبرر أو الإعادة لوجود ملاحظات.

اعتمد مصدّرو اللحوم إلى مصر على عشرات الشركات التي قدمت خدمة إصدار شهادات الحلال في مختلف الدول لعقود كاملة دون أزمات. لكن الحكومة قررت فجأة قصر إصدار تلك الشهادات على شركة وحيدة ظهرت فجأة ليس لها خبرة سابقة، وبدون مبررات واضحة.

تقرير الملحق الزراعي بالسفارة الأمريكية بالقاهرة الصادر في مايو الماضي أوضح أن المكتب الزراعي بالسفارة تلقى خطابًا من الهيئة العامة للخدمات البيطرية المصرية لقصر إصدار شهادات الحلال على جهة واحدة هي الشركة الإسلامية، واستبعاد الشركات السبعة الأخرى في الولايات المتحدة، دون تفسير.

الأمر ذاته تكرر مع شركات إصدار الشهادات في أمريكا الجنوبية. بحسب سيرجيو ميرليس، ممثل رابطة مصدري اللحوم البرازيليين، لم تعلن وزارة الزراعة المصرية حتى الآن الآليات والقواعد التي منحت على أساسها شركة واحدة حق إصدار شهادة «حلال» في أمريكا الجنوبية بالكامل. ورفض المتحدث باسم وزارة الزراعة محمد القرش التعليق، محيلًا الأمر إلى رئيس الإدارة المركزية للحجر البيطري أحمد عبدالكريم.

بعد حصولها على حق إصدار شهادات الحلال، رفعت الشركة الإسلامية رسومها.

 شريف عاشور، مستورد لحوم، أوضح لـ«مدى مصر» أنه تعامل بالفعل مع الشركة الإسلامية، واستورد منها عدة شحنات منذ بداية عملها. وبحسب عاشور، ضاعفت الشركة رسوم شهادة الحلال في الولايات المتحدة من 200 دولار إلى أكثر من 5000 دولار للحاوية [الحاوية=27 طنًا]، ومن 250 إلى 1500 دولار في أمريكا الجنوبية.

تواصل «مدى مصر» مع عدد من شركات إصدار الشهادات التي استبعدتها الحكومة المصرية. وبينما رفض بعضها التعليق آملين في حل الأزمة، اعتبر مدير إحدى هذه الشركات أن الحكومة المصرية ألغت التعاقد معهم بشكل سريع ومرتبك.

بحسب مدير الشركة، الذي اشترط عدم نشر اسمه، أبلغ مسؤولون مصريون شركته بخضوعها لفحص مفاجئ في وقت مبكر العام الجاري، وذلك للمرة الأولى منذ بداية عملهم في إصدار الشهادات قبل نحو عشر سنوات، على الرغم من عدم وجود أي شكاوى ضدهم. الأمر ذاته تكرر كذلك مع باقي شركات إصدار الشهادات، كما أشار تقرير الملحق الزراعي الأمريكي.

أضاف المدير أن مسؤولين من جهات مختلفة بوزارة الزراعة زاروا مقر الشركة بالفعل، وطلبوا كل الملفات المتعلقة بتعاملات الشركة حتى مع الدول الأخرى دون ذكر أسباب. ورغم عدم قانونية هذا الطلب، سمحت الشركة لهم بفحص الأوراق وتصويرها لمدة تجاوزت سبع ساعات تناولوا فيها الطعام والشراب قبل أن يغادروا دون تعليق. بعدها بشهور قليلة، فوجئت شركات الشهادات باستبعادها.

من جانبه، اكتفى رئيس الإدارة المركزية للحجر البيطري، أحمد عبدالكريم، بتصريح صحفي أكد فيه أن آليات وقواعد اختيار شركات إصدار شهادات الحلال شأن يخص مصر، وأن الحجر البيطري المصري أكثر دراية باحتياجات السوق وليس من حق أي دولة الاعتراض عليها.

 أرسل «مدى مصر» أسئلته في هذا الشأن إلى عبدالكريم الذي وعد بالإجابة عليها، لكننا لم نتلق ردًا حتى موعد نشر التقرير.

حاولت الشركات التواصل مع الحكومة المصرية على أمل الحصول على مبررات لفسخ التعاقد معها، أو على الأقل معرفة الاشتراطات الجديدة التي وضعتها الحكومة المصرية، والتي لم تتمكن سوى الشركة حديثة العهد من موافاتها، إلا أن كل سبل التواصل باءت بالفشل، بحسب مدير الشركة المستبعدة.

آخرون لجأوا للتواصل مع الشركة الإسلامية نفسها، علها توافق على منحهم بعض المعلومات. مدير الشركة التي تواصل معها «مدى مصر» قال إنهم أرادوا معرفة «كيف استطاعوا وحدهم استيفاء شروط جديدة لم تعلنها الحكومة المصرية على سبيل الزمالة في نفس المجال». وعدته سكرتيرة الشركة الإسلامية بالرد في أول مكالمة، قبل أن ترفض الاستجابة لعشرات الرسائل والمكالمات بعدها.

سُجلت الشركة الإسلامية في ولاية نيوجيرسي الأمريكية منذ 2017، إلا أنها لم تقم بعمليات توريد مسبقة أو إصدار شهادات الحلال. وتزامن تأسيس الشركة مع أزمة كبيرة في استيراد اللحوم البرازيلية بعد منع عدة دول حول العالم الاستيراد منها بسبب شبهات فساد.

تشير سجلات تجارية حصل عليها «مدى مصر» أن مؤسس الشركة هو مصري من أقباط المهجر يدعى وائل حنا، بالشراكة مع محام أمريكي اسمه «أنترانيج أسلانيان Antranig Aslanian»، والذي سبق له تمثيل الحكومة المصرية في قضية تتعلق بمبنى دبلوماسي، وخسر القضية في النهاية.

تبدو الشركة الإسلامية كما لو ظهرت من العدم. سُجل الموقع الإلكتروني للشركة في 22 أبريل الماضي، قبل أيام فقط من قرار الحكومة المصرية. ولا يكاد الموقع الجديد للشركة يحتوي على أي معلومات خاصة بها.

عند البحث عن رقم هاتف الشركة ا?سلامية المذكور على موقعها، يظهر اسم شركة نقل اسمها «Loundes Express». وبحسب أوراق التسجيل التي حصل عليها «مدى مصر»، تأسست شركة النقل في 2015، ويظهر اسم وائل حنا مرة أخرى كصاحب الشركة.

تمتلك شركة النقل سيارة نقل وحيدة، وليس لها أي نشاط تقريبًا. مع هذا، تصل عائداتها السنوية إلى 30 مليون دولار. عنوان شركة النقل المذكور في أوراق التسجيل هو نفس عنوان الشركة الإسلامية المذكور في أوراق تسجيلها، وهو أيضًا مقر لشركة ثالثة هي مكتب المحاماة الخاص بشريك حنا.

بعد أسابيع قليلة من صدور القرار المصري واحتكار الشركة الإسلامية لصك الحلال في الولايات المتحدة، تغيّر الممثل القانوني للشركة الإسلامية، بحسب وثائق حصل عليها «مدى مصر». المحامي الجديد هو هوارد دوريان Howard M. Dorian، وهو محامٍ سيء السمعة، وسبق إيقافه عن ممارسة المهنة عدة مرات.

في 10 مايو الماضي، الشهر ذاته الذي صدر فيه قرار الزراعة لصالح الشركة الإسلامية، قام المحامي الجديد بتمثيل شركة استيراد مصرية أخرى اسمها «ميدي تريد» لتأسيس فرع لها في نيو جيرسي. يرأس وائل حنا كذلك «ميدي تريد»، ويقع مقرها في نفس مقر الشركة الإسلامية.

المعلومات المتاحة عن «ميدي تريد» قليلة للغاية. ولا يوجد لها موقع إلكتروني رغم حجم أعمالها الكبير في السوق المصرية. تشير تصريحات متنوعة لمسؤولين مختلفين إلى أن «ميدي تريد» مملوكة للدولة.  مستوردان يتعاملان مع الشركة بصفة دورية في مصر قالوا لـ«مدى مصر» إنها تتبع «جهة سيادية». وبحسب مصدر ثالث، فإن هذه المعلومة شائعة وسط التجار والمستوردين.

اللواء أحمد رفعت، رئيس مجلس إدارة الشركة سابقًا، أوضح أن «ميدي تريد» شركة مساهمة مصرية مكونة من مجموعة شركات أُنشأت في 1979، ومسؤولة في المقام الأول عن توريد السلع الغذائية الاستراتيجية لوزارة التموين كالزيت والسكر منذ فترة طويلة، وذلك في تصريحات نقلتها صحيفة التحرير قبل سنوات.

وبحسب مصدر مسؤول بالشركة تحدث إلى الصحيفة وقتها، شاركت «ميدي تريد» في نهاية 2015 ضمن خمس جهات تتحرك بناءً على تعليمات القيادة السياسية للعمل على تخفيض الأسعار، وهي القوات المسلحة وشركة المصريين ووزارة الزراعة ووزارة التموين.

تردد اسم الشركة عام 2016 بعد صدور قرار من مجلس الوزراء بإعفاء الدواجن المستوردة من الجمارك في نوفمبر من نفس العام. وتزامن القرار مع دخول شحنات كبيرة من الدواجن المستوردة. وكانت «ميدي تريد» صاحبة الشحنة الأكبر، وفقًا لمصدر مسؤول بهيئة ميناء الإسكندرية وقتها.

بحسب مستورد اللحوم شريف عاشور، قصرت الشركة الإسلامية استلام المستوردين شهادة اللحوم الحلال على «ميدي تريد». وأوضح أن هذه العملية تأخذ الكثير من الوقت لأنه لا يستطيع استلام ورقة الإفراج عن الشحنة إلا بعد ورود إيميل من الشركة الإسلامية لشركة «ميدي تريد» لتسليم الشهادة.

الأمر ذاته أكده لـ«مدى مصر» أحد كبار مستوردي اللحوم في مصر وعضو مجلس إدارة إحدى الغرف التجارية، رفض نشر اسمه. وفقًا له، طلبت غرفة التجارة بالإسكندرية من مستوردي اللحوم استلام شهادات الحلال من مقر «ميدي تريد» بدلاً من وصول الشهادات مع باقي مستندات الشحنة كما كان يحدث في السابق. وحاول «مدى مصر» التواصل مع «ميدي تريد»، التي وعدت برد لم يأت حتى وقت النشر.

أعلنت مختلف الدول التي تستورد مصر منها اللحوم رفضها للقرار المصري الجديد. إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية، اعتبرت وزيرة الزراعة البرازيلية، في حوار مع صحيفة «المال» بعد زيارة لمصر لمناقشة الأزمة، أن قصر استيراد اللحوم من أمريكا اللاتينية على شركة واحدة فقط يلحق الضرر بنحو 20 مجزر لحوم برازيلي.

كما انضمت باراجواي وكولومبيا مطلع أكتوبر الماضي للدول الناقمة على القرار، وأعلنتا في مخاطبات رسمية رفض التعامل مع الشركة الجديدة. وأرسلت إحدى أكبر الشركات المصدرة للحوم الحلال في باراجواي شكوى رسمية لسفارة دولتها بالقاهرة ضد قرار وزارة الزراعة المصرية.

المديرة التنفيذية للشركة الإسلامية جميلة معالي، قالت في تصريح صحفي في أكتوبر الماضي إن الحديث عن ارتفاع تكلفة إصدار الشهادة، وبالتالي التأثير على أسعار اللحوم المستوردة، غير صحيح ويروج له أشخاص يسعون لمصالحهم الخاصة.

تابعت معالي أن هناك سوء فهم لرسوم إصدار شهادة «حلال»؛ نظرًا لأن الشركة لا تحصل على مقابل لإصدار الشهادة، ولكنها تحصل على مقابل الخدمات المقدمة للمستوردين من بينها أجور الجزارين والمشرفين على عمليات الذبح لضمان إجرائها وفقًا لأحكام الشريعة الإسلامية، مضيفة أن التكلفة تختلف من شحنة لأخرى وفقًا لعدد الجزارين والمشرفين وساعات العمل في المجزر.

وأكدت معالي أن شركتهم لديها نحو 150 مشرفًا، فضلًا عن الاتفاق مع ثلاث شركات فى أمريكا اللاتينية لتوفير 1200 جزار مسلم للعمل ضمن الفريق، مشيرة إلى أن المنظومة تهدف إلى توحيد إصدار شهادة الحلال في العالم كله.

لكن هذه التصريحات لم تكن مقنعة للعديدين. مصدر مسؤول في جهاز حماية المنافسة أوضح لـ«مدى مصر» ورود العديد من الشكاوى ضد قرار وزارة الزراعة. وبحسب المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن التحقيقات جارية بشكل سري في الشكاوى المقدمة.

من جانبه، قال النائب رائف تمراز، وكيل لجنة الزراعة بالبرلمان، لـ«مدى مصر» إن اللجنة تقدمت بطلب إحاطة نهاية شهر أكتوبر لمعرفة سبب احتكار تلك الشركة «المثيرة للريبة» -على حد وصفه- لإصدار الشهادات، وكيفية ضمان الوزارة لسلامة إجراءات تلك الشركة التي لا تملك أي سابق خبرة في هذا المجال.

كما تقدمت شيرين زكي، رئيسة لجنة سلامة الغذاء بالنقابة العامة للبيطريين، ببلاغ إلى النائب العام والرقابة الإدارية أواخر أكتوبر الماضي للتحقيق في قرار وزارة الزراعة.

وقالت زكي، في تصريح لـ«مدى مصر»، إنها قدمت مستندات تشير إلى وجود شبهات فساد في القرار. وأوضحت أن إحدى تلك المستندات شهادة لواحد من المجازر في أوروجواي صدرت بتاريخ 28 يوليو الماضي أي قبل بدء عمل الشركة في أمريكا اللاتينية في أكتوبر، أو حتى قبل تأسيس الشركة هناك في أغسطس.                                 

استحواذ الشركة الجديد على إصدار شهادات الحلال يعني رسوم تتجاوز 11 مليون دولار أمريكي في السنة نظير إصدار الشهادة في أمريكا الشمالية فقط، وما يقارب 10 ملايين دولار من أمريكا الجنوبية، وذلك في حالة ثبات الأسعار وعدد الشحنات هذا العام مقارنة بحجم واردات العام الماضي.

أحد مستوردي اللحوم اعتبر أن فكرة تأسيس الشركة كانت بسبب أن الدولة لا ترغب في حصول شركات «الحلال» على كل تلك المبالغ الطائلة من شهادات اللحوم. بحسب المستورد الذي فضل عدم ذكر اسمه، فإن الدولة ترى أن «البلد أولى بيها».