سياسة عربية

ما أبرز تحديات تواجه تشكيل حكومة لبنان الجديدة؟

توقعات بتفاقم الأزمة اللبنانية في ظل تبرم المجتمع الدولي من المسار السياسي الأخير- جيتي

تبرز تحديات اقتصادية ومالية ثقيلة في طريق الرئيس المكلف لتشكيل الحكومة الجديدة، حسان دياب، وسط توقعات بتفاقم الأزمة في ظل تبرم المجتمع الدولي من المسار السياسي الأخير، والذي عبّرت عنه أوساط الإدارة الأميركية والاتحاد الأوروبي.

وتحدثت وسائل إعلام أوروبية وأميركية عن مخاوف من أن تكون الحكومة اللبنانية الجديدة مختصرة "بفريق سياسي واحد"، وهو الثنائي الشيعي المؤلف من حزب الله وحركة أمل، والتيار الوطني الحر الموالي لرئيس الجمهورية ميشال عون، مع أرجحية عزوف تيار المستقبل بزعامة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، وحزب القوات اللبنانية برئاسة سمير جعجع، والحزب الاشتراكي بقيادة وليد جنبلاط، عن المشاركة في التشكيلة الحكومية المقبلة.

وتحوم شكوك حول إمكانية التزام الدول المانحة بمقررات مؤتمر سيدر الذي ينص على منح لبنان قروضا بقيمة 11 مليار دولار شريطة إجراء إصلاحات اقتصادية جذرية لا سيما على مستوى محاربة الفساد، وإيقاف الهدر في الميزانية العامة.

وأجرى دياب، السبت، استشارات نيابية غير ملزمة حول طبيعة التشكيلة الحكومية مع وعود بتأليفها في غضون ستة أسابيع، وأن تكون مؤلفة من اختصاصيين لضمان المضي في المعالجات ووقف النزيف المالي في البلاد.

"رفض المستقبل وحذر الحراك"

وتتهم أوساط تيار المستقبل صهر رئيس الجمهورية ورئيس التيار الوطني الحر، جبران باسيل، بعرقلة مسار تسمية الحريري رئيسا للحكومة من خلال العراقيل والاشتراطات التي وضعها أمامه خلال الفترة الماضية، بل ذهب "المستقبليون" إلى تحميل باسيل جزءا كبيرا من مسؤولية التدهور المالي والاقتصادي في البلاد.

واتهم القيادي في تيار المستقبل، مصطفى علوش، في تصريحات سابقة لـ "عربي21"، ثلاث قوى، وهي حزب الله، وأمل، والتيار الوطني، بمسؤولية "اختيار حسان دياب رئيسا جديدا للحكومة بما يبرز نموذجا جديدا لمنطق المحاصصة المعمول بها خلال تأليف الحكومات في لبنان"، مضيفا بأن "موقف الرئيس الحريري جاء واضحا منذ البداية بأن أي حكومة سيرأسها يجب أن تتناغم مع مطالب الحراك، والذي ينادي من جهته بتشكيل حكومة من اختصاصيين ولفترة انتقالية لإجراء الاصلاحات اللازمة والبدء بعملية الإنقاذ، ومن ثم البدء بالتحضير لانتخابات نيابية مبكرة".

وتتحدث أوساط الحراك الشعبي عن تحركات متدحرجة سيقوم بها "الثوار لمواجهة محاولة السلطة الالتفاف على المطالب الشعبية".

"مرحلة دقيقة"

ورأى القيادي في حركة أمل، حسن قبلان، أن "المرحلة دقيقة وتتطلب إعادة قراءة لتفاصيلها من كافة أطراف اللعبة السياسية في لبنان، فلم يعد يجدي التصلب في المواقف في ظل انحدارنا إلى قعر الهاوية، نتيجة الأزمات المتراكمة على وقع المؤشرات السلبية التي تردنا من الخارج حول موقع لبنان المالي والاقتصادي"، مشددا على ضرورة "تجاوز الخلافات، وتقديم تنازلات متبادلة، والتوقف عن المراهنات الخارجية، لأنها لن تجلب سوى مزيد من الخراب".


وتحدث لـ "عربي21"، عن دور إيجابي لعبته حركة أمل إلى جانب حزب الله وحلفائهما خلال الفترة السابقة، قائلا: "لا يمكن أن يصوب أحد على أدائنا وخياراتنا ونحن من تمسك بتسمية الرئيس الحريري حتى اللحظة الأخيرة وبالقبول بتشكيل حكومة من اختصاصيين مع مشاركة سياسية ضئيلة بما يضمن تسهيل مهامها في مجلس النواب، وفي المقابل لم يتجاوب الآخرون مع اتجاهنا الإيجابي".

واتهم قبلان من وصفهم بحلفاء الحريري بقطع الطريق عليه أمام المضي في مهمة التكليف والتأليف من خلال العراقيل التي وضعت أمام تسميته رئيسا للحكومة الجديدة.

وأكد قبلان على حتمية تشكيل حكومة إنقاذية تعمل على معالجة الأزمات الملحة، منوها بدور "الحريري العقلاني من خلال المشاركة في مشاورات التأليف، والنأي عن أي موقف تصعيدي لا تحتمله البلاد".

وعن اتهام الرئيس المكلف حسان دياب بأنه مرشح  قوى 8 آذار، قال: "لا يمتلك أحد أي مسوغ أو دليل حول انتماء أو تحالف الرئيس المكلف مع أي طرف من تحالفنا"، متسائلا: "من لديه مصلحة لعرقلة مساره في التأليف وحرق ورقة جديدة على غرار ما حصل مع الأسماء التي رشحت خلال الفترة الماضية"، مبينا أن "دياب كان من الأسماء المطروحة سابقا ولم يرشح من العدم لا بل تم تداول اسمه في أوساط مسؤولي الحراك على أساس أنه شخصية مستقلة غير منتمية لأي طرف".

وحذر من أن "القطاع المصرفي مهدد جديا بالانهيار، ولذلك تعهد الرئيس بري بتقديم كل التسهيلات أمام الحكومة الجديدة للمضي في سن التشريعات المتعلقة بمحاربة الفساد ومعالجة الوضع المالي واسترداد الأموال المنهوبة".

"مؤشرات إيجابية"

واعتبر المحلل والخبير الاقتصادي، لويس حبيقة، أن "المؤشر يتجه إيجابيا بخلاف الفترة السابقة وسط حديث عن تشكيل الحكومة مع بداية العام الجديد، وهو ما يبعث على التفاؤل والارتياح".

واستدرك، في تصريح لـ"عربي21"،: "لا يعني ذلك أن الأزمة في طريقها إلى نهايتها، لكن هناك عوامل تبث الارتياح، ومنها مواقف الرئيس الحريري الداعمة لتأليف الحكومة بما يدلل على أنه رجل دولة مسؤول".

وقلّل حبيقة من أهمية الحديث عن مصادرة موقع الرئاسة الثالثة من الأكثرية السنية متحدثا عن تجارب مماثلة مع الرئاسة الأولى منذ عام 1990، حيث تم انتخاب الرؤساء الياس الهرواي، وأميل لحود، وميشال سليمان، تباعا من دون أن يكون لهم حضور شعبي أو كتلة برلمانية".

وأردف: "ليس المهم وصول الشخص الأقوى إلى الموقع المخصص لطائفته، بل المفروض أن يصل من يمتلك الكفاءة والنزاهة والقدرة على الإدارة واتخاذ القرارات والإجراءات الصحيحة"، مبينا أن "الحراك الشعبي يطالب بأن يتولى أصحاب الكفاءة والاختصاص المناصب والمسؤوليات إذا توفرت لديهم صفات النزاهة والوطنية والمسؤولية، وبالتالي فإن النظرية السابقة المعمول بها في التسوية الرئاسية الأخيرة يجب أن تنتهي لأنها أثبتت فشلها".

وحول أزمة الدولار وإمكانية المعالجة السريعة، قال: "هي أزمة تشكل تحديا كبيرا للرئيس المكلف، نظرا إلى صعوبة الموقف المالي والنقدي اللبناني".

وأثنى حبيقة على ما وصفها بشجاعة دياب لقبوله هذه "المهمة المحفوفة بالمخاطر بخلاف الماضي".

ودعا إلى "زيادة حصة النساء في المناصب الرسمية لا سيما في الحكومة الجديدة، لأن حضورها تجربة تثري الحياة السياسية، وتعطي العمل الحكومي مصداقية ودفعة جديدة بعد فشل التجارب الذكورية في السنوات الثلاثين الأخيرة".