قضايا وآراء

7 سنوات على رحيل عبد السلام ياسين.. ماذا بعد؟

1300x600

كيف ننظر اليوم إلى المنجز الفكري والسياسي والدعوي لمؤسس "جماعة العدل والإحسان" المغربية عبد السلام ياسين رحمه الله؟ هذا سؤال تبادر إلى ذهني وأنا أعيش هذه الأيام مع جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده ورشيد رضا، (مع الإصلاحية في المشرق) وكيف نظر الخطاب السياسي العربي بعد هزيمة 1967 إلى هذه المدرسة، وكيف يراها الآن الباحثون العرب وغير العرب في كبرى الجامعات كالسربون وأكسفورد وغيرهما؟

بالطبع هناك قراءات مختلفة تبلغ درجة التناقض، وهذا ما ذكره الباحث المغربي عبد الله العروي في كتابه حول "مفهوم العقل"، حيث يقول بأنه حينما كتب عن "الشيخ" في الأيديولوجيا العربية المعاصرة مع بداية السبعينات كان الخطاب العربي اليساري يمدح محمد عبده ويعتبره أبا الإصلاحية والتجديد، وبعد مرور ثلاثين سنة، أي زمن كتابة "مفهوم العقل" تغيرت النظرة إلى الشيخ الإمام وأصبح انتهازيا وتلفيقيا وماسونيا وجبانا، وهي ذات الأوصاف التي كان يصف بها علماء الأزهر التقليديون محمد عبده، ويستغرب العروي أن يتزعم هذا النقد غير التاريخاني باحثون في أكسفورد والسربون.

إنهم يحطبون في حبل الشيوخ التقليديين الذين كانوا يعيشون زمن محمد عبده.

عبد السلام ياسين هو من قامة هؤلاء في نسخة مغربية، بل يمكن أن أقول إن عبد السلام ياسين يجمع ما تفرق في هؤلاء: العمل السياسي مع جمال الدين الأفغاني، والتربية والتعليم والإصلاح مع محمد عبده، والفكر السياسي مع رشيد رضا ولاسيما عن الخلافة والشورى واعتبار الأمة مصدر السيادة.

 

حين ننظر إلى عبد السلام ياسين من خلال قناة الجماعة فإننا نظلم الرجل، فهو أكبر من الجماعة، لأنه نظر (من التنظير) للجماعة كما نظر لفكر إسلامي يتجاوز حجم وطاقة الجماعة.


وهذا ليس تنقيصا من هذه القامات، بل إن كل واحد منهم على حدة اجتهد وفق واقعه السياسي والاجتماعي والإقليمي والدولي: الاستعمار الأجنبي، سقوط الخلافة العثمانية، سيطرة الخرافة والتقليد، هيمنة النخبة المسيحية على الإعلام في الشام ومصر، مخلفات الحرب العالمية الأولى.

أما عبد السلام ياسين فهو أيضا تفاعل مع واقعه التربوي والسياسي والفكري على الصعيد الوطني والإقليمي والدولي وأنتج مشروعا فكريا مميزا داخل المشهد الإسلامي منطلقا من التربة المغربية.

واليوم، كيف ننظر إلى عبد السلام ياسين؟

إذا نظرنا إليه زعيما لتنظيم سياسي فسنكون قد ظلمنا الرجل، لأن التنظيم هو جزء من اجتهاده وحسب، بل هو أكبر من التنظيم، والجماعة التي أسسها تعي هذا الأمر، ودليلنا في ذلك أن خليفته هو أمين عام، ولم يسم مرشدا كما تفعل جماعة الإخوان في مصر، فالمرشد يظل واحدا في تاريخ الجماعة هو عبد السلام ياسين، في دلالة على أن الرجل أكبر من التنظيم: العمق الفكري والتربية الإصلاحية المستمدة من ثقافة المغرب الأصيلة (التصوف السني).

حين ننظر إلى عبد السلام ياسين من خلال قناة الجماعة فإننا نظلم الرجل، فهو أكبر من الجماعة، لأنه نظّر (من التنظير) للجماعة كما نظّر لفكر إسلامي يتجاوز حجم وطاقة الجماعة.

السؤال: كيف نعزل عبد السلام ياسين عن "جماعة العدل والإحسان" كما عزلنا علال الفاسي عن حزب الاستقلال، حتى نفهم جيدا الفكر السياسي الإسلامي بالمغرب بعيدا عن الاكليشهات السياسية المؤقتة؟