سياسة عربية

"مؤشرات سلبية مخيفة" واجهت المصريين في حصاد 2019

شهدت مصر خلال العام الجاري ارتفاعا في كثير من المؤشرات والظواهر المجتمعية سلبا- أرشيفية

شهدت مصر خلال العام المنصرم 2019، ارتفاعا في كثير من المؤشرات والظواهر المجتمعية سلبا فيما يخص قضايا المرأة إلى جانب الشباب والأطفال، ما يكشف عن استمرار الوضع السيئ للمجتمع المصري، في ظل النظام العسكري الحاكم.

"عربي21"، قامت برصد بعض تلك المؤشرات من خلال الأرقام الرسمية والحكومية، التي تكشف تزايدا ملحوظا عن الأعوام السابقة، وتوضح حجم تأثيرها السلبي على المجتمع المصري.

وارتفعت معدلات الطلاق في مصر خلال 2019 عن الأعوام السابقة، حيث كشفت إحصائية الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (حكومي)، أن عدد شهادات الطلاق بلغت 211521 شهادة عام 2019 مقابل 198269 شهادة عام 2018، كما ارتفع معدل الطلاق من 2.1 لكل ألف من السكان عام 2018 إلى 2.2 لكل ألف من السكان عام 2019.

وتزايدت العنوسة بشكل لافت بسب العزوف عن الزواج بالبلاد، حيث أكد الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء تراجع معدل الزواج في حزيران/ يونيو 2019 بنسبة 25.4 بالمئة مقارنة بالشهر ذاته من عام 2018، إذ بلغت عقود الزواج 63.2 ألف عقد بهذا الشهر، مقابل 84.7 ألف عقد بالشهر نفسه في 2018.

 وبشأن العنف الأسري، أكد الجهاز المركزي قبل أيام، أن 34 بالمئة من المتزوجات تعرضن لعنف بدني أو جنسي من قبل الأزواج، ونحو 7 بالمئة تعرضن للتحرش بالمواصلات العامة، و10 بالمئة منهن بالشارع.

وفي العنف ضد الأطفال الذين يبلغ عددهم نحو 38.9 مليون نسمة، أكد المجلس القوي للطفولة ارتفاعها لـ93 بالمئة في المدارس وداخل الأسر، فيما أكد رئيس ائتلاف حقوق الطفل هاني هلال، بتصريحات صحفية أن 2019، كانت الأسوأ بالعنف الجنسي للأطفال في مصر.


وحول معدلات تعاطي المخدرات وإدمان الشباب في سن صغيرة وبالمدارس، أكد صندوق مكافحة الإدمان أن نسبة التعاطي في مصر أعلى من المعدلات العالمية، حيث وصلت لـ 8 و9 بالمئة، في حين أن المعدلات العالمية 4 بالمئة فقط.

وظهرت بشكل مثير لرعب المصريين أعمال البلطجة وحمل السلاح بأنواعه، ما نتج عنها وقوع جرائم قتل مروعة أشهرها قتل الطفل البلطجي محمد راجح، للشاب محمود البنا بالشارع أو ما عرف بـ"شهيد الشهامة"، إلى جانب جرائم سرقة المواطنين بالإكراه، وسرقة مركباتهم، والاغتصاب والتحرش بالنساء، وخطف الأطفال، ورواج تجارة المخدرات.

وفي أزمة البطالة، أكدت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء ارتفاع معدل البطالة بمصر خلال الربع الثالث من 2019 إلى 7.8 بالمئة مقابل 7.5 بالمئة خلال الربع الثاني من 2019.

وفي السياق نفسه وصلت معدلات الفقر في البلاد لمستوى قياسي، حيث قدر البنك الدولي عدد الفقراء ومن هم معرضون للفقر في نيسان/ أبريل 2019، بنحو 60 بالمئة من سكان مصر.

ورغم الأخبار التي لا تنتهي عن وقائع الانتحار، بسبب الاكتئاب وازدياد حدة الأمراض النفسية، إلا أن الإحصاءات الرسمية حول الظاهرة غائبة.

ولكن المؤسسة العربية لدعم المجتمع المدني وحقوق الإنسان، رصدت 101 حالة انتحار بمصر بأشهر آذار/ مارس، ونيسان/ أبريل، وأيار/ مايو.

ويعاني نحو ربع المصريين من مشاكل نفسية، وفق ما أعلنه الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في نيسان/ أبريل 2018.

وأيضا، ارتفعت حوادث الطرق في مصر بنسبة 17.9 بالمئة، حيث بلغت حوادث جميع طرق مصر 5220 حادثة بالنصف الأول من 2019، مقابل 4426 حادثة بالفترة نفسها من 2018، بنحو 1300 قتيل ومصاب شهريا.

"سمت المجتمعات التسلطية"

وحول التأثير المجتمعي لتلك الظواهر على المصريين خلال العام المنصرم، أكدت الكاتبة الصحفية المتخصصة بشؤون المجتمع ناهد إمام، أن "المجتمع المصري 2019 هو امتداد لـ 2018 و2017، وغيرها؛ يعيد إنتاج الظروف المشوهة والضاغطة، وهذا سمت المجتمعات التسلطية الأحادية الممرضة لذاتها وأفرادها".

وأوضحت بحديثها لـ"عربي21"، أن "هذه الظواهر نسبية، وليست ذات تأثير واحد على 100 مليون مصري"، مشيرة إلى أنه "مجتمع ضخم العدد، به زخم وتنوع شديد كالمجتمع المصري يصعب معه التنبؤ بشيء محدد، وتأثير ظاهر".

وقالت الباحثة الاجتماعية: "ولكن على أية حال، هناك في الأساس تحولات ضخمة تحدث على كل المستويات في المجتمع، والاضطرابات النفسية الحاصلة هي نتيجة طبيعية لاضطرابات على أرض الواقع".

وفي رصدها لتلك الاضطرابات، أشارت إلى أن "الشباب مثلا يرى إعلانات عن شقق في منتجعات وكومبوندات داخل العاصمة (الجديدة) وبالتقسيط على خمس سنوات، وإذا بقيمة الأقساط مئات الآلاف من الجنيهات".

وأكدت الباحثة الاجتماعية أن "طموحات الشباب غير متناسبة مع الأوضاع المعيشية للأسر، ومن ثم يتسبب ذلك الخلل الذي تحدثه الفروقات الطبقية والظروف الاقتصادية في خلل عظيم في طرق التفكير، وما ينتج عنها من مشاعر وتصرفات تتجه نحو الاضطراب النفسي وعدم الاتزان".

وترى إمام، أن "المخدرات، والإدمان بأنواعه، والعنف بأشكاله كافة حتى الأسري منه، هي نتائج، إفرازات لصراعات نفسية داخلية عميقة".

وتوقعت في نهاية حديثها، أن "يستمر هذا الوضع ويزيد بانخفاض الوعي النفسي في التعامل مع النفس، بشكل حقيقي غير زائف، ومع الواقع وفقا لمعطياته".

"غابة بها كائنات بدائية"

وفي رؤيتها لأوضاع المصريين الاجتماعية خلال 2019، قالت الكاتبة المصرية منى إبراهيم، "الشباب أهم أعمدة المجتمع الذي سيصبح غدا ربا للأسرة"، مشيرة إلى أن "الحالة النفسية للشباب تدهورت، وارتفعت نسب الانتحار وتحولت من حالات فردية تظهر على فترات متباعدة لظاهرة لم تعتدها مجتمعاتنا العربية".

وأضافت بحديثها لـ"عربي21"، أن "الإحباط واليأس وفقدان الأمل مع ازدياد ضغوط الحياة على الأب والأم أجبرتهما على التخلي عن دورهما باحتواء الشباب وتوجيهه، وانشغلا سعيا خلف لقمة العيش تاركين أبناءهم يواجهون مصاعب الحياة منفردين بلا ناصح وسند".

 وترى الناشطة المصرية، أنه "في ظل غياب قوة تطبيق القانون لتنظيم المعاملات بين الأفراد؛ تحول المجتمع لغابة فيها كائنات بدائية بعيدة كل البعد عن الحضارة والمدنية".

وأكدت إبراهيم أن "المرأة لم تعد تأمن على نفسها، من عيون وأيادي تنهش جسدها وتستبيح عرضها؛ فزادت معدلات الخطف والاغتصاب والاعتداء الجسدي، حتى القتل".

وتابعت: "نالت الأيادي الآثمة جسد الأطفال من الجنسين؛ فاختفت الرحمة من قلوب البعض، وتنازلت أمهات عن رعاية أطفالها، فاغتصب الخال والعم جسد الصغير، وتسترت الجدة عن الجريمة بحرق الجسد لإخفاء معالمها والإمعان في التعذيب لإرضاء نفسهم المريضة".

وأشارت الكاتبة المصرية أيضا إلى "ارتفاع معدلات الخطف والاختفاء واستخدام أجساد المخطوفين بتجارة الأعضاء".

وأكدت أنه "إذا ضاعت المرأة الأم والأخت، وانهار الشباب ولجؤوا للانتحار، لإنهاء عذابهم وشعورهم بالظلم، وانتهكت أجساد الأطفال؛ فأين هو المجتمع؟ وكيف نحلم ببناء مستقبل الوطن إذا انهارت أعمدته؟".


وختم حديثها متسائلة: "أين القانون من كل ذلك؟ وأين الدولة؟".

وكانت منى إبراهيم، قد رصدت عدد كبيرا من الظواهر المجتمعية التي غلبت على أوضاع المصريين في 2019، عبر صفحتها بـ"فيسبوك".