مقالات مختارة

صاروخ الصين العظيم

1300x600

حينما يكون لديك توافق مجتمعي وتملك ثاني أقوى اقتصاد في العالم، ويحقق ميزانك التجاري فائضا مع كل البلدان، وحينما يكون لديك جيش قوي جدا وتملك أقوى صاروخ عابر للقارات في العالم يزيد مداه عن 14 ألف كيلومتر، ويحمل رؤوسا نووية ويصل إلى أي مكان في العالم، وقتها يمكنك أن تشعر بالأمان والاستقرار، وأن تتحدث مع الجميع بلغة القوى والواثق ولا تسمح لأحد أن يبتزك أو يهدد بلدك بالغزو والاحتلال أو يفرض عليك شروطا مجحفة.


صباح يوم الثلاثاء قبل الماضي، احتفلت الصين بالذكرى السبعين لقيام ثورتها وتأسيس جمهورية الصين الشعبية التي قادها الزعيم التاريخي للصين ماوتسي توبخ في الأول من أكتوبر عام 1949.


في هذا الاحتفال وقف الرئيس الصيني شي جين بينج خطيبا في ميدان السلام السماوي «تينانمن» ومن بين أبرز ما قاله: «ما من قوة يمكنها هز مكانة الصين أو منع شعبها أو الأمة الصينية من السير إلى الأمام». والسبب أن إنجازات بلاده أذهلت العالم كله.


قال أيضا إن «الجيش يحمى سيادة الصين، وأمنها ومصالحها الحيوية والتنموية بحزم ويحافظ بقوة على السلام العالمي والمهم أن نحافظ على القوة والوحدة».


ما كان يمكن للرئيس الصيني أن يقول هذا الكلام الشديد إلا إذا كانت بلاده على درجة من القوة تجعلها قادرة على ردع كل التهديدات، خصوصا أن الصين لا يمكنها أن تنسى أن الغرب عموما وبريطانيا خصوصا قد أغرقوها في حرب الأفيون لسنوات طويلة، مما جعلها عاجزة تماما. قبل أن تنفض الغبار وتخرج كالمارد الذى فاجأ وأدهش الجميع.


في يوم الاحتفال كانت هناك موسيقى صاخبة، وشارك فيه 15 ألف جندي، نظموا مسيرات في العديد من الشوارع، قبل أن يستقروا في ميدان السلام السماوي الموجود به قبر الزعيم التاريخي ماو.
كانت هناك بالونات ضخمة وأجواء احتفالية صاخبة لكن المشهد الأهم كان للأسلحة التي عرضتها الصين، خصوصا الصاروخ العابر للقارات.


من التقط الإشارة المهمة في هذا الاحتفال، مقال مهم في «الفايننشال تايمز» كتبه كل من كاثرين هيل وكانير لو، بعنوان «العضلات الصاروخية الصينية توجه رسالة إلى الولايات المتحدة».
عميد صيني متقاعد قال للصحيفة «نريد استخدام هذا الصاروخ الكبير القاتل لاحتواء أمريكا، ورغم أنه لا سبيل لمنافسة أمريكا إلا أننا نطور بعض المعدات المميزة، مما سيجعل أمريكا لا تتجرأ على الوقوف ضدنا».


كان البعض يعتقد أن الأسلحة الصينية الحديثة لإخافة جيرانها خصوصا تايوان أو كوريا الجنوبية واليابان، لكن الصين وكل من حولها بات يدرك، أنها في سباق صاروخي مع الولايات المتحدة.
السؤال: هل الولايات المتحدة وبقية العالم تخشى الصين لأن لديها أقوى وأكبر صاروخ، أم لأن لديها اقتصادا قويا صار الثاني عالميا؟!.


ظني أن الاقتصاد القوى القائم على الابتكار هو الأساس، لأن لدينا نموذجا هو كوريا الشمالية، لديها أنظمة تسليم متطورة جدا لكنها لا تملك إطعام شعبها بصورة كريمة، وتعيش على مساعدات الصين وروسيا بالأساس، وهذا لا يعني إهمال القوة العسكرية، فالعنصران مترابطان أي الاقتصاد والقوة العسكرية.


قوة الاقتصاد الصيني هي التي دفعت الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كي يقول إن كل من سبقوه من الرؤساء الأمريكيين تركوا المارد الصيني يتعملق وأنه مبعوث العناية الإلهية، وشن حربا تجارية طاحنة ضدها، حتى لا تتفوق على بلاده، ورغم ذلك فإن مراقبين كثيرين يقولون إن القوة الصينية الشاملة تتصاعد، رغم أن أمريكا لا تزال الأقوى اقتصاديا وعسكريا، والأهم في الابتكار والقوة الناعمة المتنوعة.


خلاصة ما حدث يوم الثلاثاء قبل الماضي في ميدان «السلام السماوي» أنه من دون قوة عسكرية واقتصادية، فإنك تجعل نفسك بلا حول ولا قوة في هذا العالم المتجبر والقاسي، وستجد نفسك يتيما على موائد اللئام!!!.

(الشروق المصرية)