سياسة عربية

مقري: سياسة الأمر الواقع تهزم شعبا لكن لا تصنع مستقبلا

عبد الرزاق مقري: الاستمرار في السياسات الشعبوية من أجل البقاء في الحكم سيكون وبالا على الجزائر

أكد رئيس حركة مجتمع السلم الجزائرية "حمس" الدكتور عبد الرزاق مقري، أنه لا بديل عن التوافق الوطني بين الفرقاء السياسيين الجزائريين للخروج بالجزائر من أزمته الراهنة، ومواجهة ما هو مقبل من التحديات الاقتصادية تحديدا.

وأوضح مقري في تصريحات له اليوم نشرها على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، أن التوافق الوطني تستدعيه مخاطر المستقبل.

وقال: "حرصنا في حركة مجتمع السلم على التوافق الوطني لأن الجزائر في أزمة اقتصادية ستتعقد أكثر عندما تظهر الآثار الاجتماعية بشكل أعمق خصوصا عند نفاد احتياطي الصرف في بداية 2022، حيث يصعب تسديد أجور العمال وضمان تغطية الواردات خصوصا المواد الاستهلاكية الأساسية والمواد الأولية، وأي حكومة تكون معزولة وغير مسنودة من قوة شعبية وسياسية ونقابية لن تستطيع إدارة الأزمة ولن تصمد". 

وأضاف: "المخاطر المستقبلية هي التي تستدعي التوافق الوطني، فهو تأطير سياسي لمعالجة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية المتصاعدة، لكي لا ينهار البلد، وهو طريق الإقلاع والنهوض".

وأشار مقري إلى أن "كل الدراسات العلمية والتقارير الاقتصادية المحلية والدولية تؤكد أن الجزائر مقبلة على أزمة كبيرة، وكل التطمينات الشعبوية لا تنفع في المستقل". وأكد أن "الأحزاب الجادة تبني رؤاها واستشرافاتها على العلم وعلى الأرقام والمؤشرات الرسمية التي تعلنها المؤسسات الحكومية والدولية، ولا تعتمد على "الغرائب" و"التنجيم" وعبارة "كاينة حلول" دون أي قدرة على الإقناع لطمأنة وتحفيز فواعل التنمية الحقيقية، كل عالم أو مطلع على المؤشرات العلمية يتمسك بالتوافق".

وأكد مقري أن التوافق أو التنازل يجب أن يكون على أساس رؤية يتحمل الجميع أعباءها، وقال: "أي حكومة مستقبلية ستتحمل تبعات الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي صنعها النظام البائد، وحتى وإن كانت راشدة فستحتاج إلى الاستقرار والوقت وموارد مالية لتمويل العمليات الاقتصادية، ولا يوجد أي حزب أو شخص يستطيع تحمل هذه الأعباء وحده". 

وحول نوعية التوافق المطلوب قال مقري: "التوافق هو الذي يساعدنا على أن نصارح الشعب بأننا في أزمة ولكن نبشرهم بأن الجزائر لها إمكانيات كبيرة، ولو توفر الحكم الراشد والوقت والاستقرار نستطيع أن نبني اقتصادا قويا نشيّد به المؤسسات الاقتصادية بكثرة وفي كل مجال وفي كل مكان بما يجلب فرص الشغل ويحسن المعيشة ويبني الوطن، وبناء الثقة هو ما يجلب المستثمرين من الداخل والخارج وتتدفق أموال كبيرة من خارج المحروقات تمول التنمية والاستثمارات الناجحة مثل ما وقع في العديد من الدول التي تطورت بعدما كانت تعيش أوضاعا مثلنا".

وأكد أن "التوافق الوطني يضمن رشد الحكم وثقة المواطنين، لأن وجود القوى الفاعلة معا يضمن الشفافية وافتضاح الفساد، كما أن صورة التوافق تُنزل السكينة لدى الشعب وتجعله أكثر ثقة واطمئنانا وصبرا على ضريبة التنمية في السنوات الأولى قبل ظهور ثمارها".

وحذّر من "أن الاستمرار في السياسات الشعبوية دون بصيرة ومن أجل البقاء في الحكم سيكون وبالا على البلد حينما لا يتوفر الريع الذي يسمح بذلك، وستعود تلك السياسات بالوبال على أصحابها وعلى الجميع". 

ورأى أن التوافق ممكن في أي وقت إذا احترمت الإرادة الشعبية، وقال: "يمكن أن يتحقق التوافق قبل الانتخابات الرئاسية وذلك أفضل، ولا يزال ممكنا، لأنه سيعرض على الشعب من خلال الانتخابات التي تتجسد فيها الإرادة الشعبية، أو بعد الانتخابات الرئاسية إذا كانت حرة ونزيهة أو قبل أو بعد انتخابات تشريعية مسبقة إذا كانت حرة ونزيهة، وعليه فإن من شروط نجاح التوافق مهما كان وقته توفير الشروط السياسية التي تطالب بها الأحزاب والحراك الشعبي والتي نصت عليها وثيقة (عين بنيان) على سبيل المثال".

وأكد مقري أن "اعتماد سياسة الأمر الواقع قد تهزم الشعب ولكن لا تصنع المواطن الحر الصالح المبدع المتمسك بوطنه المدافع عنه، المضحي من أجله. كما أن سياسة التعفين والانحراف للعنف مهما كان السبب ستعمق الأزمات ويجعل الخروج منها مستحيلا أو على حساب وحدة الوطن وسلامته".

 



وأشار مقري في ختام تصريحه إلى أن "حركة مجتمع السلم استعدت علانية للتنازل عن طموحها الشخصي والحزبي إذا تحقق التوافق لأنها تعطي الأولوية للوطن ولأنها تثق بعد الله في نفسها بأنها قادرة على التنافس بعد عهدة توافقية، والزمن بعد إصلاح الوطن يسير في صالحها وفي صالح الأحزاب الوطنية الجادة والمسؤولة وذات الخبرة والتجربة". 

وأعرب عن أسفه لأن "السلطة والكثير من مكونات الطبقة السياسية والعديد من النخب لا يفهمون إلى حد الآن هذه الرؤية أو تغلبهم نفسياتهم وطموحاتهم"، مؤكدا أن حركته أدت الذي عليها "بعد أن دعت إلى التوافق الوطني بمختلف الوسائل ومع الجميع لفترة طويلة من الزمن"، وفق تعبيره.

وذكر مقري في ختام تصريحه، أن "الوسطية السمحاء هي طريق التوافق، وهي التي يحتاجها الوطن وتحتاجها الأمة، خصوصا في هذا الزمن الذي تغلب فيها النظرة الابتزازية التي اشتهر بها ابن لادن وجورج بوش: "إن لم تكن معي فأنت ضدي".

وقال: "الخطر الأكبر يأتي من فئتين كانتا دائما بلاء الجزائر: المتآمرون على الوطن لمصلحة القوى الأجنبية اقتصاديا و/أو ثقافيا، لا يرقبون في الجزائر والجزائريين إلاّ ولا ذمة، والانتهازيون الذين يصفقون لكل متغلب طمعا فيه أو خوفا منه، لا يصمدون في أي كفاح من أجل الحرية التي لا يكون الإصلاح إلا بها ويلبسون مواقفهم، أحيانا، لبوس الدين والهوية وهم أبعد ما يكون في حياتهم الخاصة عن ذلك، إذا حدثوا كذبوا، وإذا عاهدوا أخلفوا، وإذا خاصموا فجروا".

وأكد أنه "بين هاذين الصنفين يبقى الأمل في تحقيق التوافق موجودا عند أغلب الجزائريين الذين لم تفسد الصراعات والأحقاد قلوبهم فبقوا على فطرة النمط الأوسط الذي يعود إليه الغالي ويرجع إليه الجافي كما قال علي بن أبي طالب كرم الله وجهه"، كما قال.

 

إقرأ أيضا: قايد صالح: لا طموحات سياسية للجيش.. وفئة قليلة خانت الوطن