ملفات وتقارير

قرار بمنع دخول قطارات الصعيد للقاهرة وخبراء يصفونه بالعنصري

القرار يمنع دخول قطارات الصعيد إلى محطة رمسيس المركزية في القاهرة- أرشيفية

استنكر عدد من الخبراء المشروع الذي تنتوي الحكومة تنفيذه بشأن قطارات الوجه القبلي المتجهة إلى القاهرة، والذي يمنع هذه القطارات من الوصول الى محطة رمسيس، وهي محطة السكة الحديد المركزية في مصر، بحجة تنظيم العمل بالمحطة، وتفاديا للزحام.


واعتبر الخبراء هذه الخطوة نوعا من التمييز ضد أبناء الصعيد ومعاقبتهم مرتين ،مرة بعدم الإهتمام بهم وإحداث تنمية حقيقية، ومرة أخرى بحرمانهم من خدمات العاصمة ،سواء بشأن هذا المشروع أو أي خدمات أخرى ،ما يعطي انطباعا بالتمييز وإحداث شعور من الغبن، وعدم الانتماء لدى أبناء الجنوب.


وكانت اجتماعات جرت مؤخرا بين ثلاثة وزراء ،هم وزير النقل ووزير الري ووزير الإسكان، ومعهم محافظ القاهرة ، لدراسة قرار بعدم دخول قطارات الصعيد إلى محافظة القاهرة وتحديدا محطة السكة الحديد برمسيس، على أن يكون هناك محطة بمنطقة بشتيل بالجيزة ،وينقل الركاب منها إلى محطة مترو إمبابة بعيدا عن القاهرة تماما طبقا لما نشرته الصحف المصرية مؤخرا.


وشهد الاجتماع وضع الخطوط الأولى لبدء تنفيذ مشروع إنشاء محطة جديدة ومشروع ورش جرارات وعربات ومجمع سكني بمثلث بشتيل بشمال الجيزة. وناقش وزير النقل الصعوبات مع المسؤولين سواء في عمليات تخصيص الأراضي أو نقل المرافق، مؤكدا أن مشروع السكك الحديدية في منطقة بشتيل سيكون من أكبر مشروعات النقل خلال السنوات الأخيرة.

 

اقرأ أيضا: "صفعة للمصريين".. خبراء يحذرون من تداعيات قوانين الضريبة

وتناول الاجتماع تفاصيل إنشاء محطة للقطارات المميزة والدرجة الثالثة ومنع دخولها القاهرة، ويستهدف المشروع نقل المحطة النهائية لقطارات الصعيد لتصبح في منطقة بشتيل بدلا من رمسيس، ليتم نقل الركاب بعدها من بشتيل لأقرب محطة مترو وهي مترو إمبابة لاستقلال المترو لأي مكان داخل البلاد.


وتعليقا على القرار، يقول أحمد خزيم رئيس المنتدى المصري للاقتصاد إن هناك فارقا بين تنظيم شيء ما وبين أن تشق على فئة من الناس ،خاصة أن هذه الفئة المتمثلة في أبناء الصعيد هي الأكثر فقرا طبقا لأحدث تقرير لجهاز الإحصاء، وبالتالي لا يمكن أن نحملها أكثر من طاقتها سواء بعدم التنمية،أو بإنشاء مشروعات بغرض تنظيم أو ترتيب أوضاع معينة دون مراعاة الجوانب الأخرى، "حتى لا يبدو الأمر وكأنه تعنت تجاه فئة معينة أو منطقة جغرافية بعينها، ما يعطي إحساسا بالتمييز، وبالتالي ردود فعل سلبية تصب في خانة عدم الانتماء وكراهية الوطن والنقمة عليه".


ويضيف خزيم في حديث خاصة لـ "عربي21": أن محطة رمسيس الموجودة بقلب القاهرة والمراد منع قطارات الصعيد من عدم الوصول اليها، لم يتم تخفيف الزحام عنها بشكل عام سواء للقادمين من الوجه البحري أو الصعيد، وعندما تبدأ في تنفيذ هذا الأمر ويكون متوقفا إتمامه على مشروع محطة جديدة للقادمين من الصعيد يمكن تفهم هذا الأمر، فضلا عن أن القادمين من الصعيد إلى القاهرة يأتوا من أجل خدمات ليست موجودة بمدن الصعيد، وهذا يعكس نوعا من الإهمال تجاه هذه المنطقة ،وبالتالي يؤكد ما يتم تداوله دائما بشأن الوجه القبلي بأنه كم مهمل مما يوحي بالتمييز.


من جانبه يقول مجدي حمدان نائب رئيس حزب الجبهة في حديث لـ "عربي21" إن هذا القرار يأتي بالفعل في إطار من اللامبالاة الذي تتبعة الحكومة والإهمال الملحوظ لمنطقة الصعيد وأبناء الصعيد، وهو قرار يشبه إلى حد كبير الجدار العازل بتحديد مسار لأبناء الصعيد يجعلهم ينتهون في منطقة بشتيل بدلا من استكمال المسار نحو رمسيس.


وأضاف: "في كل بلاد العالم هناك محطة قطار رئيسية تلتقي بها قطارات الدولة من كل أنحائها، شبيهة بمحطة رمسيس، فالحكومة بدلا من إنشاء تنمية حقيقية لأبناء وأهل الصعيد ،تجعلهم يتناسون فكرة الهجرة إلى القاهرة، حيث الدخل الأوسع والأكبر، فإنها تحاول أن تقنن هذه الهجرة الداخلية بدلا من البحث عن الأسباب والعلاج لتلك الأسباب.

 

اقرأ أيضا: خبراء يحذرون .. العاصمة الإدارية في مصر تبتلع مياه النيل

ويطالب حمدان بضرورة البدء على الفور في تنمية شاملة في الصعيد وإقامة صناعات كبرى وصناعات تكميلية والاستفادة من المورد البشري المتميز لأهل الصعيد.


أما محمد الأشعل المهتم بملف التنمية بالصعيد فيتناول الموضوع بشكل ساخر معتبرا ذلك تمييزا واضحا، وكأن الوجه القبلي وأبناء الصعيد ينتمون لدولة أخرى يتم التعامل معهم بهذه الطريقة غير المقبولة، مشيرا إلى أنه لا يمكن معاقبة أبناء الجنوب مرتين، مرة بإهمالهم وعدم إحداث تنمية حقيقية هناك، ومرة أخرى بحرمانهم من خدمات العاصمة ومنشآتها، سواء محطات سكة الحديد أو الخدمات الأخرى من خلال مثل هذا المشروع ،حتى لو بهدف التنظيم، ولكن هناك أكثر من طريقة غير هذه الطريقة التي تسيء إلى هؤلاء الناس وتشعرهم بالتمييز ضدهم.


ويضيف الأشعل في حديث لـ "عربي21" أنه يجب دراسة أي مشروع عند طرحه من كافة جوانبه سواء السيئ أو الإيجابي ومراعاة أبعاده بحيث لا يصلح شيء على حساب شيء آخر .