صحافة دولية

FP: هل أعطى ابن سلمان الجهاديين أعظم أداة لتجنيد الإرهابيين؟

بينت المجلة بأن السعودية تعي تماما أن دعوة القوات الأجنبية للتدخل في المملكة غذت ظهور هذه الحركة الفتاكة- جيتي

نشرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية تقريرا تحدثت فيه عن الأسباب التي أدت لانضمام بن لادن إلى تنظيم القاعدة وحشد أكبر عدد من الجهاديين، وإمكانية تكرر هذا السيناريو.  

وقالت المجلة، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إنه في 11 تموز/ يوليو 1995، تم إرسال رسالة بالفاكس إلى ملك السعودية يتهم فيها بالكفر. كان هذا الاتهام العلني مروعًا بشكل كافٍ، لكن ما جعل الأمر ملفتا للأنظار بشكل خاص ماهية المرسل باعتباره سليل عائلة سعودية كبيرة، وحتى وقت قريب، كان عضوًا في الدائرة الداخلية السعودية.

لقد كتب أسامة بن لادن إلى الملك فهد قائلا: "إن مملكتك المزعومة في الواقع ليست سوى محمية أمريكية يحكمها الدستور الأمريكي"، مشيرا إلى أن الخيانة والردة "واضحة تمامًا مثل الشمس في كبد السماء". 

وأوردت المجلة أن بن لادن التحق بصفوف تنظيم القاعدة، وفي أول فتوى له سنة 1996 دعا المسلمين إلى "طرد المشركين من شبه الجزيرة العربية"، الذين كانت قواتهم، في رأيه، تدنس الأرض المقدسة. وبعد إزاحة صدام حسين في الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في العراق سنة 2003، غادرت هذه القوات. 

تحدث بول وولفويت، نائب وزير الدفاع الأمريكي في ذلك الوقت، عن "أداة تجنيد ضخمة للقاعدة" و"رفع هذا العبء" عن السعوديين. وبعد ستة عشر عامًا، في 19 تموز/ يوليو، مع تصاعد التوترات العسكرية مع إيران، أعلنت وكالة الأنباء السعودية أن القوات الأمريكية المقاتلة عادت إلى المملكة.

 

اقرأ أيضا: السعودية تعلن رسميا عودة قوات أمريكية إلى المملكة

ونوهت المجلة إلى أن إعادة فتح الرياض لهذا الملف المثير للجدل هو انعكاس آخر لرغبة ولي العهد محمد بن سلمان في المخاطرة. وفي الواقع، يراهن ولي العهد بشكل أساسي على أن العداء الحالي تجاه إيران، من قبل شعبه والمؤسسة الدينية، سيطغى على أي معارضة مستمرة للولايات المتحدة. ولكن هذا الرهان محفوف بالمخاطر.

في الآونة الأخيرة، سعى ولي العهد لتحديث المملكة عن طريق الحد من صلاحيات شرطة الأخلاق، وإصلاح قوانين الوصاية على المرأة، والسماح بإقامة الحفلات الموسيقية وفتح دور السينما. ولكنه قام في الوقت ذاته باعتقال الناشطات اللاتي دافعن طويلاً من أجل الحريات ذاتها.  

وبينت المجلة بأن السلطات السعودية تعي تماما أن دعوة القوات الأجنبية للتدخل في المملكة غذت ظهور هذه الحركة الفتاكة. فقد تحسنت العلاقات السعودية مع إسرائيل بسرعة، مدفوعة بالعداء المتبادل تجاه إيران. في المقابل، تبذل الحكومة السعودية قصارى جهدها لإنكار حدوث التطبيع الدبلوماسي، مع العلم أن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني يظل مشكلة مشحونة في جميع أنحاء المنطقة وداخل المملكة العربية السعودية نفسها.

وأوضحت المجلة أن هذا السلوك الاستراتيجي المتغير، جعل القيادة السعودية تواجه عددًا من المجموعات المختلفة في الوقت ذاته، بداية من الحرس الديني وصولا إلى الناشطين الشباب. كما أن قرار استضافة القوات الأمريكية علانية مرة أخرى قد يكون بمثابة تحد للجهاديين أيضًا. 

ونوهت المجلة إلى أن الخلاف بين مؤسس القاعدة والملكية السعودية انطلق منذ حوالي 30 عامًا، على إثر عودة بن لادن إلى جدة بعد قيادته للجهاديين العرب الذين قاتلوا ضد السوفيات في أفغانستان خلال الثمانينيات. وقد أعلن بن لادن عن طموحاته السياسية من خلال سعيه لإفشال محاولات إعادة توحيد اليمن. 

بعد بضعة أشهر، في أوائل سنة 1990، بدأ بن لادن في التحذير العلني من الأخطار التي تهدد المملكة والمنطقة ككل، والتي يشكلها صدام حسين وحزب البعث العلماني في العراق. وقد فجر غزو صدام للكويت في آب/ أغسطس 1990 سلسلة من المفاجآت في المملكة العربية السعودية؛ فقد فوجئ الشعب السعودي بعجز حكومته عن الدفاع عن نفسها، على الرغم من ثروات البلاد النفطية والعقود التي تتجاوز قيمتها مليار دولار مع صناعة الدفاع الأمريكية. 


أكدت المجلة أن الحكومة السعودية ذُهلت من عرض بن لادن المفترض، المليء بالخرائط وخطط الحرب، لتعبئة جيشه المكون من 100 ألف جهادي لحماية البلاد من صدام. ولكن عرض بن لادن قوبل بالرفض ولجأت الرياض لواشنطن، الأمر الذي اعتبره بن لادن "أكبر صدمة يتلقاها في حياته". لقد غضب بن لادن من طلب الحكومة السعودية للجيش الأمريكي للدفاع عن المملكة، واستخدام أراضيها المقدسة كقاعدة لتحرير الكويت. كما أن القمع الحكومي لحركة الصحوة أثار غضب بن لادن.

 

اقرأ أيضا: سخط سعودي بسبب تصريحات ابن جاسم عن الإرهاب.. وردود

عندما أصبح من الواضح، بعد حرب الخليج، أن القوات الأمريكية ستبقى على الأراضي السعودية، بدأ بن لادن يربط بين غضبه من النظام الملكي السعودي واستيائه العميق من الولايات المتحدة لدعمها لإسرائيل. وقد تُوّجت هذه العملية بتصريحاته عن الحرب في سنتي 1996 و1998، التي تجادل بأن الحكومة الأمريكية كانت تستخدم الأراضي السعودية المقدسة كقاعدة لمحاربة المسلمين. 

وذكرت المجلة أن حمزة، ابن بن لادن، الذي يُفترض أنه توفي الآن، قد أحيا منذ سنة 2015 انتقادات والده لتحالف المملكة مع الولايات المتحدة وطالب صراحة بالإطاحة بآل سعود. وفي 23 تموز/ يوليو، نشرت صحيفة الشرق الأوسط السعودية الحكومية مقالة افتتاحية تفيد بعدم ظهور أي انتقاد لإعلان عودة القوات الأمريكية وأن "المواطنين السعوديين لم يعودوا حساسين تجاه هذه العلاقات العسكرية". 

وفي الختام، نوهت المجلة إلى أنه يجب أن يكون مسؤولو مكافحة الإرهاب في جميع أنحاء العالم في حالة تأهب. ففي الحقيقة، إن ما يحدث في المملكة العربية السعودية قد لا يكون غيابا للمعارضة، بل هو الهدوء الذي تديره المملكة على خشبة المسرح قبل هبوب العاصفة من جديد.