ملفات وتقارير

لماذا ترفض دول أوروبية المشاركة في "مهمة هرمز" الأمريكية؟

اقترحت الولايات المتحدة في التاسع من تموز/ يوليو "تعزيز جهود تأمين المياه الاستراتيجية قبالة إيران واليمن"- جيتي

شددت ألمانيا، على أنها لن تشارك في القوة العسكرية المقترحة من الولايات المتحدة، لحماية حاملات النفط في الخليج العربي، ما يثير التساؤلات حول دوافعها لذلك إلى جانب مخاوف أوروبية منها،في ظل التوتر المتصاعد في مضيق هرمز بين إيران من جهة وأمريكا وبريطانيا من جهة أخرى.

 

واقترحت الولايات المتحدة في التاسع من تموز/ يوليو "تعزيز جهود تأمين المياه الاستراتيجية قبالة إيران واليمن"، حيث تتهم الولايات المتحدة إيران ووكلاء لها بالمسؤولية عن هجمات على ناقلات نفط، وهو ما تنفيه إيران.

وتمتنع دول أوروبية عن إرسال سفن حربية، باستثناء الموجودة ما قبل التوتر الجاري، فيما أقدمت إسبانيا على سحب فرقاطتها في أيار/ مايو الماضي.

وأعلنت ألمانيا رفضها طلبا أمريكيا للمساعدة في ضمان الأمن بمضيق هرمز، وقال وزير خارجيتها هايكو ماس، إن بلاده لن تشارك في مهمة بحرية تقودها الولايات المتحدة لتأمين مضيق هرمز القريب من إيران، مشددا على رغبة برلين في تجنب المزيد من التصعيد في المنطقة.

واقترحت بريطانيا على دول أوروبية بينها فرنسا، المشاركة بقوة بحرية لحماية السفن التي تمر عبر مضيق هرمز أو قبالة الشواطئ الإيرانية.

 

اقرأ أيضا: دعم أوروبي لقوة بحرية لتأمين الملاحة في مضيق هرمز

غير أن المقترح رفضته باريس، ودعت إلى تشكيل بعثة تعمل على مراقبة الأمن والسلامة البحرية في الخليج".

 

وقال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان، إن بلاده تعمل مع عواصم أوروبية "على تحسين الأمن البحري في الخليج، لكن لم يصل إلى حد دعم دعوة بريطانيا إلى تشكيل قوة بحرية لضمان أمن الملاحة في المنطقة".

وقال: "هذا هو عكس المبادرة الأمريكية التي تقوم على ممارسة أقصى الضغوط لحمل إيران على التراجع بشأن عدد من الأهداف"، مضيفا: "في هذا الصدد، ينبغي أن نمضي إلى ما هو أبعد ونفكر في نهج مشترك في الخليج، أتحدث من الناحية الدبلوماسية".

وفي هذا السياق، أشارت الأستاذة في العلاقات الدولية بجامعة واشنطن، عبير كايد، إلى أن الدول الاوروبية ترفض منذ البداية أي مقاطعة سياسية أو اقتصادية مع إيران حتى لا يؤدي ذلك إلى حرب.

وأوضحت في حديثها لـ"عربي21"، أن التدابير الأمريكية في مضيق هرمز بإرسال السفن الحربية كذريعة لحماية أمن وسلامة الملاحة، قرأتها الدول الأوروبية بصورة مبطنة بأنها أول شرارة لحرب عسكرية ترفضها منذ البداية.

ونوهت إلى أن الدول الأوروبية ترفض هيمنة الولايات المتحدة على القرار السياسي، لذلك قامت ببناء نظام تعامل مصرفي لكي يتسنى لها التعامل والتبادل باليورو والريال الإيراني بعيدا عن العقوبات الاقتصادية الأمريكية على طهران.

ولفتت إلى أن الزيارات المتكررة للوفود الفرنسية والألمانية حتى البريطانية تعكس حرص تلك الدول على التمسك بالتسوية السياسية لأي خلال وترك باب الحوار مفتوحا مع إيران.

 

اقرأ أيضا: نائب ميركل يحذر من مخاطر انضمام ألمانيا لمهمة تأمين هرمز

ورأت المختصة بالشؤون الأمريكية، أن واشنطن أخفقت بإقناع المجتمع الدولي برواياتها التي بدأت باستهداف السفينة اليابانية، بعد نشر إيران رواية تفند الرواية الأمريكية في حزيران/ يونيو الماضي.

وأضافت، أن أوروبا فقدت الثقة بسياسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المتهورة، تجاهها التي طالت سابقا عقوبات اقتصادية عليها كما فعل مع ألمانيا في قضية الألمونيوم، والتهديد بفرض عقوبات على النبيذ الفرنسي.

 

وأكدت أن أوروبا بحاجة إلى سياسة اقتصادية ثابتة بل ومرنة مع إيران، حتى لا يتضرر اقتصادها في مجال استيراد النفط، ومرور بضائعها بسلام للشرق الأوسط.


وأردفت، بأن أوروبا غير مستعدة بالتضحية باستثماراتها التي تقدر بمليارات الدولار بسبب "المزاج الأمريكي المتقلب".

وأشارت إلى أنها متمسكة بالحلول السياسية والدبلوماسية، وإلا فستكون الخاسر الأكبر وتعرض أمنها القومي للخطر لو اقدمت على تحالف بحري ربما يتحول إلى عسكري.

من جهته قال المختص بالعلاقات الدولية علي باكير، إن معظم الدول الأوروبية الرافضة لمقترح الإدارة الأمريكية يخشون من تحمل التكاليف المالية اللازمة لتلك المهمة، ما سيرتب أعباء اقتصادية إضافية عليهم.

 

اقرأ أيضا: واشنطن تهاجم برلين بعد رفض الأخيرة الانضمام لـ"مهمة هرمز"

وأضاف في حديثه لـ"عربي21"، أنها أيضا تخشى من أن يؤدي التوتر المتصاعد في مضيق هرمز إلى الصدام المباشر مع إيران، فيضطروا إلى الانخراط عنوة في حرب محتملة.

وأشار إلى أن الموقف الأوروبي منقسم على نفسه، ولا يملك سياسة واضحة للتعامل مع المخاطر الإيرانية، وهو يقع بين مطرقة إيران وسندان أمريكا.

ونوه إلى أن ليس كل الدول الأوروبية رافضة لفكرة الرئيس الأمريكي ترامب، مرجحا استجابة بريطانيا وفرنسا فعليا في نهاية المطاف لدعوة ترامب، لكي لا يملأ الفراغ لاعبون آخرون في بحر الخليج.