سياسة عربية

هل فرّط الحريري بمكاسب "الطائفة السنية"؟

ترى تيارات سياسية سنية أن الحريري ضرب بعرض الحائط الإنجاز الذي نص عليه اتفاق الطائف- الأناضول

يواجه رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري انتقادات حادة تصل إلى درجة الاتهامات من قبل حلفاء أساسيين سابقين بأنه يفرط في صلاحياته الدستورية لصالح التيار الوطني الحر التابع لرئيس الجمهورية ميشال عون من خلال الرضوخ لشروط وضغوطات وزير الخارجية وصهر عون جبران باسيل.

وترى تيارات سياسية سنية إلى جانب حزبي القوات اللبنانية بزعامة سمير جعجع (الحليف المسيحي) والحزب التقدمي الاشتراكي بزعامة وليد جنبلاط (الحليف الدرزي) أن الحريري ضرب بعرض الحائط الإنجاز الذي نص عليه اتفاق الطائف (اتفاق أنهى الحرب الأهلية في لبنان عام 1990) لصالح المنصب الأرفع لسنة لبنان، عندما انتزع من رئيس البلاد "المسيحي الماروني" صلاحيات واسعة لصالح رئاسة الحكومة.

ويرى تيار "لبنان القوي" الموالي لعون أن ما تقلص من صلاحيات الحريري في العهد الحالي هو التصويب الدستوري لاتفاق الطائف وإعادة لصلاحيات "أهدرت من المسيحيين سابقا".

"الأسباب والخلفيات"

ورأى النائب عن كتلة "لبنان القوي" زياد الأسود أن "الهجمة على الحريري تعود إلى خلفيات الأطراف السياسية الطائفية وأهدافهم الخاصة وارتباطاتهم الإقليمية التي تطغى على المصلحة الوطنية العامة"، معتبرا أن انتقادات بعض القوى لأداء رئيس الحكومة ينبع من عدم إعطاء "الحريري المساحة السياسية لحلفائه السابقين إلى جانب عدم حصولهم على مكتسبات خاصة ضيقة كانوا يطمحون إلى الحصول عليها في عهد الحريري".

وقلّل الأسود في تصريحات لـ"عربي21"من أهمية الاتهام الموجه إلى الحريري بأنه تنازل عن جزء من صلاحياته لصالح التيار الحر، وقال: "رئيس الحكومة يمارس صلاحياته وفقا لما هو منصوص عليه دستوريا، ويقارب كل الملفات المطروحة على قاعدة وطنية"، معتبرا أن "حساسية المرحلة التي يمرّ بها لبنان تفرض عدم توجيه الاتهامات بالتقصير إلى الحكومة لأنّ الوضع الاقتصادي صعب ولا يمكن تحقيق المعالجات بسرعة أو بعصا سحرية كما يتوهم كثيرون".

ووصف الهجمة على الحريري بأنها "هجمة مصالح لا مبرر لها قانونيا ودستوريا"، ورأى أنّ "الصراع ضمن الطائفة السنية حاصل بين أطراف عدّة تعمل على تصويب سهام انتقادها ضد الحريري طمعا في تحقيق مكاسب شعبوية"، مضيفا: "الأدوات السياسية تعمل بالترويج عن إخفاقات تتعرض لها الطائفة السنية بهدف التحشيد ضد الحريري واتهامه بالتفريط بمصالح طائفته في الوقت الذي يجب أن تلعب الطائفة السنية الدور الأهم والأعم على المستوى الوطني".

واعتبر أنّ الخسارة بالنسبة للطائفة السنية تعود أسبابها إلى "مراهنة الكثيرين من قياداتها على العوامل الإقليمية التي لم تسهم في أي تغيير في المعادلة اللبنانية، إضافة الى تمسكهم بالفهم الخاطئ لاتفاق الطائف وهو مادفع البعض منهم لاتهام الحريري بالتفريط في صلاحياته".

وشدد أنّ مايقوم به العهد هو "تصويب للعمل الدستوري الذي كان يتغافل عنه الجميع سابقا على حساب عادات لم ينص عليه اتفاق الطائف".

وحول اتهام التيار الوطني الحر والوزير باسيل بالعنصرية قال: "مواقف الوزير باسيل لم تكن على حساب المصلحة الوطنية أو تحشيدا لطائفة ضد طائفة أخرى، وما ينسب من تصريحات للوزير باسيل بخصوص اللاجئين السوريين فهو يصب في المفهوم الوطني، حيث شكل اللاجئون السوريون عبئا على لبنان ما انعكس في نتائج سلبية عبرت عنها المالية اللبنانية والأرقام التي تؤشر إلى فداحة الوضع الاقتصادي الذي نمر به حاليا"، متابعا: "هناك غرباء على أرضنا هم بمثابة ضيوف ولم يعد لبنان قادرا على تحمل أعبائهم المختلفة".

وانتقد الأسود من يدافع عن بقاء اللاجئين السوريين، فقال: "يدافعون من منطلقات غير إنسانية، والدليل على ذلك أن تركيا قررت مؤخرا إعادة اللاجئين إلى المناطق الآمنة في سوريا كما وصفتها".

"توازنات"

واعتبر الكاتب والمحلل السياسي الدكتور عماد شمعون أن ما يحصل على الساحة اللبنانية "يدخل في إطار الصراع الظاهر والخفي والتجاذبات بين الفريقين المسيحيين، القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر"، مردفا: "الحريري يوازن هذا التجاذب بحنكة حيث يحافظ على التسوية مع التيار الوطني مع إبقائه على الخطوط مفتوحة مع القوات اللبنانية"، مبينا في تصريحات لـ"عربي21"أهمية "اللقاء الأخير بين باسيل والحريري الذي استمر لمدة 5 ساعات تم خلالها معالجة رواسب الخلافات السابقة بين الطرفين".

وفسّر أسباب هجمة الحزب الاشتراكي على الحريري بأنّها نابعة من "تخوفات انتخابية ووجودية مستقبلية، فالتحالف والتقارب بين التيار الوطني والمستقبل يعني وصول مرشحين دروز من خارج العباءة الجنبلاطية إلى المقاعد النيابية التي كانت يسيطر عليها الحزب الاشتراكي طوال السنوات الماضية التي أعقبت الحرب الأهلية في لبنان".

وبين أنّ الحريري يخاطب جمهور طائفته "بمنطق من أعاد التوازن للسنة من خلال رئاسته الحكومة، ومحذرا من أن مغادرته لهذا الموقع سيعكس فراغا في التمثيل السني الحقيقي"، مشددا على أن "رئيس المستقبل قادر على شدّ العصب الطائفي واستعادة شعبيته عند أي مفصل انتخابي جديد"، مشددا على أن "القوات اللبنانية تقود حملة لوسم التيار الوطني بالعنصرية والظهورفي رسالة مغازلة إلى الحريري بأنها حريصة على اللاجئين السوريين الذين ينتمون بجلهم إلى الطائفة السنية".

 

اقرأ أيضا: تهدئة عون والحريري هل تنجح في كبح "باسيل"؟