حول العالم

لهذا لم تبدأ جميع الدول الإسلامية الصيام في نفس اليوم

تتبع الدول السنية المملكة العربية السعودية بينما تتبع الدول الشيعية إيران- جيتي

نشرت مجلة "جون أفريك" الفرنسية تقريرا تحدثت فيه عن الأسباب التي تقف وراء اختلاف موعد حلول أول أيام شهر رمضان في مختلف الدول الإسلامية، والعوامل الدينية والسياسية والجيوسياسية التي تلعب دورا في هذا الاختلاف. 

وقالت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن معظم الدول الإسلامية بدأت الصيام يوم الاثنين الموافق للسادس من أيار/ مايو، لكن سجلت بلدان أخرى دخول الشهر الكريم قبل يوم واحد أو بعده.

 

وبالنسبة للمملكة العربية السعودية ومعظم المجتمعات السنية مثل السادس من أيار/ مايو أول أيام شهر رمضان، إلا أنه في كل من المغرب والمجتمعات الشيعية على غرار إيران بدأ شهر الصوم في اليوم التالي.

وتجدر الإشارة إلى أن التقويم الهجري تقويم قمري وليس شمسيا، إذ يقوم على سنة تتكوّن من 12 شهرًا يتراوح عدد أيام كل شهر بين 29 و30 يوما.

 

وبالتالي، تضم السنة الهجرية من 354 إلى 355 يومًا، ما يجعلها أقصر بنحو 11 يومًا من السنة الشمسية.

وأفادت المجلة بأن شهر رمضان يحتل المرتبة التاسعة في ترتيب أشهر السنة الهجرية. وفي كل سنة، يظهر الهلال في مطلع كل شهر هجري، وتسمح عمليات الرصد الليلية بتحديد اليوم الأول والأخير من أي شهر هجري.

 

وبناء على ذلك، يعلن المفتي في اليوم الأخير من الشهر الثامن، وهو شهر شعبان عن ما إذا كان الهلال قد ظهر وبدأ شهر الصيام رسميا.

ونقلت المجلة عن العضو في النقابة العامة للأئمة في تونس، الفاضل عاشور، أنه "في القرآن الكريم، تعتبر الطريقة واضحة. ففي حال تمكنا من رؤية الهلال، سنبدأ الصيام في اليوم التالي، وإذا عجزنا عن تبيّنه، فسيكون رمضان بعد ذلك بيوم واحد فقط. وبحسب ما ورد في سورة البقرة، قال الله تعالى: (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ)".


ومع ذلك، تم تطوير طرق تمكّن من حساب بداية الأشهر الهجرية مقدما كما هو الحال بالنسبة لتركيا، علما بأنها واحدة من بين الدول الإسلامية القليلة التي تحدّد اليوم الأول من شهر رمضان في مرحلة مبكرة جدا.

 

ووفقا لعاشور: "يمكن القيام بعمليات حسابية علمية لرصد الهلال الجديد، وتبقى هذه الطريقة نادرة جدًا نظرا لأن معظم الدول تفضّل الالتزام بطرق الرؤية القمرية التي وردت في النصوص القرآنية".

وأوردت المجلة أنه بينما يقرّ الإمام بأن القمر يأخذ الشكل ذاته في جميع أركان الكرة الأرضية، يشير وزير الشؤون الدينية التونسي السابق إلى وجود فارق بسيط: "ففي بعض الأماكن، قد لا يكون القمر مرئيًا تحت النموذج نفسه، ويعود ذلك إلى مجموعة من الأسباب الجغرافية". وفي الواقع، لم تنجح هذه الحجة في إقناع سوى عدد ضئيل جدا من المتخصصين في هذا المجال.

 

اقرأ أيضا :  ميلز تحضر مأدبة إفطار بإسطنبول بعد شهرين من إسلامها (صور)


وأضافت المجلة أنه على الرغم من وجود الطرق الدينية والعلمية، إلا أنه من الناحية الجيوسياسية يعتبر الكثيرون أن بعض الدول تتعمّد تجاهل الطرق التقليدية لرصد الهلال بهدف تحقيق التميّز أو التفرد. وقد علّق عاشور على هذه المسألة قائلا: "عندما يوحدنا الدين، تفرقنا السياسة.

 

ويتجسد المثال الأكثر وضوحا في الخلاف بين الدول السنية والشيعية. وعموما، تتبع الدول السنية المملكة العربية السعودية بينما تتبع الدول الشيعية إيران، ما يعتبر أمرا سخيفا لأنه في بلد مثل اليمن، يصوم جزء من السكان يوم الاثنين والجزء الآخر يوم الثلاثاء".

أما المغرب فيمثل حالة استثنائية، ويوضح الإمام التونسي أنه لطالما رغب هذا البلد في تمييز نفسه والظهور كزعيم ديني في المنطقة، "ذلك أن الإعلان عن الأعياد الدينية يعد بمثابة الفرصة السانحة التي تستغلها هذه الدول في سبيل إظهار استقلالها ومعرفتها الدينية".

وذكرت المجلة أنه رغم جميع هذه الاختلافات، توصلت جميع الدول الإسلامية إلى اتفاق بشأن تاريخ يوم عرفة الموافق لليوم التاسع من شهر ذي الحجة، أي بعد 70 يومًا من شهر رمضان.

 

ووفقا لتصريح الذي أدلى به وزير الشؤون الدينية السابق: "يتوجه جميع الحجاج الموجودون في مكة إلى جبل عرفات. ويعتبر هذا اليوم فريدا من نوعه باعتبار أنه يسبق الاحتفال بعيد الأضحى الذي يتم خلال اليوم التالي". 

وأضاف وزير الشؤون الدينية السابق أن "المفارقة هنا تكمن في أنه بغض النظر عن جميع التناقضات السابقة حول الأشهر الهجرية، فينبغي أن يتفق الجميع على هذا التاريخ الذي يعتمد على موعد تأدية مناسك الحج، أي بشكل غير مباشر، الموعد الذي تحدده المملكة العربية السعودية".