ملفات وتقارير

الاتفاق النووي مع إيران يدخل منعطفا حرجا.. ما فرص إنقاذه؟

إيران أعلنت أنها ستوقف العمل ببعض بنود الاتفاق- ا ف ب (أرشيفية)

يدخل الاتفاق النووي مع إيران منعطفا حرجا، يهدد بانهياره، عقب سلسلة تصريحات وردود فعل متبادلة بين أوروبا التي تعد أحد أطراف الاتفاق؛ وإيران التي تجد نفسها أمام ضغط هائل بعد فرض مزيد من العقوبات الأمريكية عليها.

وفي آخر تطور، رفض الاتحاد الأوروبي مهلة الـ "60" يوما التي أعلنها الرئيس الإيراني حسن روحاني قبل الشروع بزيادة مستوى اليورانيوم المخصّب، في حال "عدم الحفاظ على مصالح بلاده" في الاتفاق النووي.

فيما أعلن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أن بلاده لن تنسحب من الاتفاق النووي، وإنما ستتوقف عن تنفيذ بعض بنوده، ورد مصدر بالرئاسة الفرنسية على ذلك بأن أوروبا ربما تضطر لإعادة فرض عقوبات على طهران.

وفي السياق ذاته، ذكر التلفزيون الإيراني أن طهران أبلغت سفراء بريطانيا وفرنسا وألمانيا والصين وروسيا بوقف تنفيذ بعض التزاماتها بالاتفاق النووي.

واعتبر أن أطراف الاتفاق النووي لم تتخذ أي خطوات من شأنها حماية المصالح الإيرانية، رغم مرور عام على انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق.

في المقابل نقلت رويترز عن مصدر بالرئاسة الفرنسية قوله إن أوروبا ستضطر لإعادة فرض عقوبات على إيران إذا تراجعت عن أجزاء من الاتفاق النووي الذي وقعته عام 2015.

وأضاف أنه تم إبلاغ إيران بأنه يجب عليها عدم انتهاك الاتفاق النووي، وأن باريس تأمل ألا تتخذ طهران هذا القرار.

 

اقرأ أيضا: طهران تعلق على عقوبات ترامب الجديدة ضدها وتحذر من عواقبها

بريطانيا بدورها قال على لسان المتحدث باسم رئيسة الوزراء تيريزا ماي، إنها تشعر بقلق بالغ إزاء إعلان إيران أنها ستقلص القيود المفروضة على برنامجها النووي وفق الاتفاق المبرم عام 2015، وحثت طهران على عدم اتخاذ خطوات تصعيدية.

المحلل السياسي والخبيرة في الشؤون الأوروبية هالة الساحلي إن أوروبا وصلت إلى قناعة بأن إيران أصبحت قوة إقليمية لا يمكن عزلها لما لها من نفوذ استراتيجي في المنطقة، خاصة في مناطق الصراع المندلعة في المنطقة، وهو الأمر الذي دفع الاتحاد لإبرام الاتفاق النووي، حفاظا على مصالحها، مشيرة إلى أنه ليس من مصلحة أوروبا إنهاء الاتفاق النووي.

وحول التلويح بفرض عقوبات أوروبية على إيران قالت الساحلي في حديث لـ"عربي21" إن أوروبا "تعلن رفضها كل أنواع الابتزاز من قبل إيران، و تقول إنها ملتزمة بمواصلة تجميد العقوبات طالما التزمت إيران باحترام بنود الاتفاق كاملة، و إلا سيتم اعادة فرض العقوبات المالية و الاقتصادية على طهران.

ورأت أن إيران تنتظر حلين اثنين لكي تعلن استمرار التزامها في الاتفاق الأول: "الحصول على السيولة النقدية بالعملة الصعبة، وهو ما تماطل به أوروبا باعتباره أحد القيود والأدوات التي يمكن استخدامها ضد إيران، كأداة ضغط في إطار مواصلة التفاوض حول برنامجها البالستي".


وأهم هذه القيود الأموال الإيراني المجمدة في البنوك الأوروبية و التي تقدر بالمليارات لم تسترد طهران سوى جزء منها.

أما الحل الثاني بحسب الساحلي؛ "تقديم أو توفير ترخيص في التعاملات البنكية لما يعرف بغرفة المقايضة التى استحدثتها فرنسا و ألمانيا و بريطانيا و مقرها في وزارة المال الفرنسية، أو تقديم ضمانات قانونية للبنوك الأوروبية حتى لا تقع تحت طائلة الأحكام الأمريكية".

وعن كيفية إنقاذ الاتفاق من الانهيار قالت الساحلي إن هناك حديث عن بروتوكول تكميلي قد يوفر حلا 
لإنقاذ الإتفاق في إطار مفاوضات، وتوقعت أن تحصل إيران على انفراجة كبيرة حال وافقت على ضم برنامحها للصواريخ الباليستية إلى البرتوكول المتوقع. لكنها تساءل "هل ستقبل إيران بذلك؟".

من جهته، قال محمد صالح صدقيان مدير مركز الدراسات الإيرانية في طهران، في تصريحات خاصة لـ "عربي21"، إن الأوروبيين ينظرون إلى الاتفاق النووي باعتباره اتفاقا أمنيا وليس اتفاقا في المجال النووي، ويعتقدون أن انهيار الاتفاق النووي يعني انهيار الأسس الأمنية التي يستندون إليها في التعاطي مع إيران.

وأضاف: "كما يعتقد الأوربيون أن إيران تستطيع أن تلعب دورا في الكثير من المجالات التي تخص منطقة الشرق الأوسط، وأن إيران ساهمت كثيرا في مواجهة الحركات الإرهابية العراق وسوريا، ويمكن الاستفادة من دورها في مواجهة الإرهاب وتنظيم الدولة".

وأشار إلى أن الأوربيين يعتقدون أيضا أن إيران يمكن التفاهم معها من أجل إدارة الكثير من الملفات الأمنية في المنطقة، أبرزها محاربة الإرهاب ومكافحة المخدرات ومكافحة الهجرة غير الشرعية، وهي القضايا الثلاث التي تتأثر بها الأوضاع الأمنية والسياسية الأوروبية.

 

اقرأ أيضا: قلق أوروبي من المهلة الإيرانية بشأن "الاتفاق النووي"

واعتبر صدقيان أن ما قاله الرئيس الإيراني اليوم ليس تصعيدا، وإنما عملا بنصوص المواد 26 و36 من الاتفاق النووي التي تعطي الحق لإيران اتخاذ الإجراءات التي أعلنت عنها اليوم، لافتا إلى أن إيران لا تريد التصعيد والإجراءات التي تم إعلانها اليوم سوف تدخل حيز التنفيذ بعد مهلة 60 يوما، بمعنى أن إيران أعطت فرصة زمنية للدول الأعضاء بالاتفاق النووي للقيام بالتزاماتها والعمل على صمود الاتفاق النووي وبقاءه حيا".

وتابع: "طهران ألقت الكرة في ملعب الدول الأعضاء بالاتفاق النووي، وإذا لم تلتزم هذه الدول بالتزاماتها، فإيران قالت بأنها سوف تخصب اليورانيوم بنسبة أكبر"، مستطردا: "روحاني قال إن هناك التزامات وحقوقا، وبالتالي يجب أن تنفذ الالتزامات والحقوق، ولا يمكن أن تنفذ الحقوق بدون التزامات، والاتفاق يلزم الدول الموقعة عليه أن تعمل على رفع الحصار عن إيران، ووضع آلية للتبادل المالي بين الجانبين، والعمل على عدم مضايقة إيران ببيع نفطها".

وعام 2015، وقعت طهران مع ألمانيا والدول الخمس دائمة العضوية بمجلس الأمن الدولي (روسيا، الولايات المتحدة، فرنسا، الصين، بريطانيا) اتفاقا حول البرنامج النووي الإيراني.

وينص الاتفاق على التزام طهران بالتخلي -لمدة لا تقل عن عشر سنوات- عن أجزاء حيوية من برنامجها النووي وتقييده بشكل كبير بهدف منعها من امتلاك القدرة على تطوير أسلحة نووية، مقابل رفع العقوبات عنها.

ويرغب ترامب في إجبار إيران على التفاوض من جديد بشأن برنامجيْها النووي والصاروخي، وهو ما ترفضه طهران حتى الآن.