صحافة دولية

نيويورك تايمز: ما هي فرص تصنيف الإخوان جماعة "إرهابية"؟

نيويورك تايمز: جماعة الإخوان لا تنطبق عليها المعايير القانونية التي ترتبط عادة بتصنيف الجماعات- جيتي

نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا للكاتب ديفيد كيرباتريك، يتحدث فيه عن توجه البيت الأبيض لتصنيف حركة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية، استجابة لمطالب مصر وبعض دول المنطقة.

 

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن الرئيس دونالد ترامب يريد تصنيف الإخوان المسلمين حركة "إرهابية"، ما يعني فرض عقوبات على الجماعة ومن يتعامل معها. 

 

ويقول كيرباتريك إن مسؤولين في البنتاغون ووزارة الخارجية عبروا عن اعتراضهم ضد خطط كهذه، وقالوا إن جماعة الإخوان المسلمين لا تنطبق عليها المعايير القانونية التي ترتبط عادة بتصنيف الجماعات، وربما ترك التوجه آثارا غير معروفة في دول الشرق الأوسط الحليفة، التي للإخوان المسلمين فيها أحزاب سياسية، لافتا إلى أن حركة الإخوان المسلمين نبذت العنف أكثر من مرة. 

 

وتشير الصحيفة إلى أن الحركة ظهرت في مصر عام 1928، على يد معلم المدرسة حسن البنا، في أثناء عمله في مدينة الإسماعيلية، قرب قناة السويس، ودعا للإحياء الإسلامي وسيلة لمساعدة العالم الإسلامي على متابعة الغرب في التقدم والتخلص من الحكم الاستعماري. 

 

ويلفت التقرير إلى أن البنا لم تكن لديه رؤية واضحة، خاصة أن الحركة تجنبت توضيح طبيعة الحكومة الإسلامية، وانتشرت تعاليمه بسرعة، وأبعد من مصر، مشيرا إلى أن هناك اليوم حركات إسلامية، بما فيها جماعات دعوية وخيرية وحقوقية، وكذلك أحزاب سياسية، تعود بجذورها للجماعة، وبعضها يستخدم اسم الإخوان، فيما هناك أحزاب سياسية مرتبطة بالإخوان معترف بها في دول حليفة لأمريكا، مثل الكويت والأردن والعراق والبحرين وتركيا وتونس". 

 

ويتساءل الكاتب عما إذا كانت حركة الإخوان جماعة إرهابية، ويجيب قائلا: "لا، فحتى النقاد للحركة يوافقون أن تعريف الجماعة الإرهابية لا ينطبق عليها، ففي أثناء الحكم الملكي الذي دعمته بريطانيا في الأربعينيات من القرن الماضي، كانت جماعة الإخوان واحدة من عدة جماعات شكلت جماعات مسلحة، وفي عام 1948 قام طالب طب بيطري عمره 23 عاما باغتيال رئيس الوزراء، وبعد أسبوعين اعتقلت خلية كانت تخطط لزرع قنبلة في قاعة محكمة، وشجب البنا هذين العملين، وقال عن المنفذين إنهم (ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين)، وفي الستينيات اعتقلت مجموعة وهي تخطط لعمل عسكري، وفي هذه المرحلة قننت الحركة موقفها (دعاة لا قضاة)". 

 

وتورد الصحيفة نقلا عن المؤرخين، قولهم إن لا أدلة منذ ذلك الوقت على تورط حركة الإخوان بأعمال عنف، مشيرة إلى أن حكومة عبد الفتاح السيسي صنفت الحركة إرهابية، وتلقي في العادة باللوم عليها عند حدوث أي عمل إرهابي، وهو ما تنفيه الجماعة بقوة. 

 

ويفيد التقرير بأنه منذ الانقلاب العسكري في مصر عام 2013، انشق عدد من الأعضاء، وشكلوا تنظيمات قامت بأعمال عنف، مثل حسم وثورة، وكلاهما مصنف في قائمة الجماعات الإرهابية في الولايات المتحدة. 

 

ويتحدث كيرباتريك عن قيام فروع للحركة خارج مصر بأعمال إرهابية، قائلا إن حركة حماس الفلسطينية، التي كانت جذورها إخوانية، قامت بعمليات اختطاف وعمليات انتحارية، وهي مصنفة في قائمة الجماعات الإرهابية في الولايات المتحدة، مشيرا إلى أنه علاوة على هذا، فإن الحركات المرتبطة بالإخوان حول العالم تعمل مستقل، ولهذا فمن الصعوبة بمكان الحكم عليها بشكل قاطع. 

 

وتتساءل الصحيفة عما إذا كانت الجماعة مرتبطة بحركات مثل تنظيم القاعدة، وتجيب بالقول إن الكثير من الأشخاص، الذين لم يعجبهم أسلوب الإخوان النابذ للعنف، تركوها وانضموا لحركات مثل تنظيم القاعدة، فأيمن الظواهري، الذي ساعد على إنشاء تنظيم القاعدة، كان عضوا سابقا في الإخوان، وألف كتابا انتقد فيه أسلوب الإخوان الذي لا يركز على العنف "الحصاد المر"، ورفضت حركة الإخوان وبشكل مستمر تنظيم القاعدة. 

 

وينوه التقرير إلى موقف الإخوان من الديمقراطية، قائلا إن دعوة ومشاركة الإخوان المسلمين في أنحاء العالم العربي صارت علامة لهم، ما يضعهم على تضاد مع الأنظمة الديكتاتورية والحركات الإسلامية المتطرفة. 

 

ويذكر الكاتب أن الإخوان بدأوا يشاركون في البرلمان المصري المفرغ من السلطة، ويفوزون بمقاعد منذ الثمانينيات من القرن الماضي، في عهد مبارك، وبعد الإطاحة به عام 2011، حيث حازوا على شعبية في أول انتخابات حرة، التي أنتجت واحدا منهم رئيسا لمصر، وهو محمد مرسي عام 2012، لكن الجيش حل البرلمان، وأطاح به عام 2013. 

 

وتشير الصحيفة إلى أن الحركة الإسلامية في تونس فازت بعد الربيع العربي في أول انتخابات حرة في البلاد، وشكلت الحكومة، لكنها قررت التخلي عن السلطة، فيما لا يزال حزب النهضة يؤدي دورا مهما في المجلس التشريعي. 

 

ويلفت التقرير إلى أن من بين الداعمين لتصنيف الإخوان حركة إرهابية حاكم مصر السيسي وحلفاءه في السعودية والإمارات، الخائفين من صعود الإخوان وفوزهم في الانتخابات، الذين قاموا بقمع الإخوان، ودعوا حلفاءهم لعمل الشيء ذاته، ويناقشون أن جماعة الإخوان هي أيديولوجية إسلامية معارضة للدولة القطرية، وهي تهديد على الاستقرار، ويقولون إن الإخوان والقاعدة هما شيء واحد؛ نظرا لدعوتهما لمجتمعات يحكمها الإسلام. 

 

وينوه كيرباتريك إلى أن إدارة ترامب فكرت في تصنيف الإخوان في الأسابيع الأولى من حكمه في عام 2017، وحث السيسي ترامب في اجتماع في البيت الأبيض قبل أسابيع على التحرك ضد الإخوان، فوافق وقال إن الفكرة معقولة، مشيرا إلى أن بريطانيا قامت بضغط من دول الخليج بالتحقيق في جماعة الأخوان المسلمين، لكنها قررت أن الحركة لا ينطبق عليها التعريف. 

 

وتجيب الصحيفة عن السؤال عما إذا كان ترامب قادرا على المضي وتصنيف الإخوان، قائلة: "لا، وعليه أولا أن يقدم أدلة على تورط حركة الإخوان في أعمال إرهابية هددت الولايات المتحدة ومصالحها، وبعد كتابة المخابرات الامريكية تقريرا فيه أدلة، فإن على وزير الخارجية التشاور مع النائب العام والمالية حول هذا التصنيف، ثم يعطى الكونغرس سبعة أيام لوقفه، ولدى حركة الإخوان 30 يوما للطعن بالقرار أمام محكمة فيدرالية في واشنطن". 

 

ويبين التقرير أنه حتى الخبراء، الذين يعدون الإخوان حركة "شريرة"، فإنهم يعترفون بعدم اطلاعهم على أدلة يمكن أن تقنع المحكمة بأنها جماعة إرهابية. 

 

وينقل الكاتب عن جوناثان سانشيز من مؤسسة الدفاع عن الديمقراطية، التي عادة ما تنتقد الإخوان، قوله: "لا يفهم السعوديون والإماراتيون والمصريون طبيعة النظام الأمريكي". 

 

وتختم "نيويورك تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن الوزير السابق في حكومة مرسي عمرو دراج، الذي يعيش اليوم في إسطنبول، يتوقع أن أي تحرك في هذا الاتجاه سيؤدي إلى هزيمة، وقال: "قد يكون هذا التنصيف سيئا للشرق الأوسط، لكنه جيد للإخوان، فبيان واضح من المحكمة سيكون أنهم جماعة ليست إرهابية".

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)